الجعدبي يستعرض إحصائيات مرتبطة باتفاقية الغاز “الصهيونية المصرية” ويحذّر من تبعات كارثية أوسع

0

ذمــار نـيـوز || أخبار محلية ||

23 ديسمبر 2025مـ –3 رجب 1447هـ

تطرق الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي إلى اتفاقيات تصدير الغاز بين مصر والكيان الصهيوني وما يرتبط بها من إحصائيات فاضحة، معتبرًا أنها تمثل إحدى أخطر الأدوات الداعمة للاقتصاد الإسرائيلي على حساب الاقتصاد المصري، وتكشف في جوهرها عن اختلالات بنيوية وسياسية تتجاوز البعد الاقتصادي إلى خدمة مشروع استراتيجي أوسع لصالح العدو.

وأوضح الجعدبي في مداخلة على قناة المسيرة، أن تصدير الغاز إلى مصر يشكّل، وفق تصريحات رسمية صهيونية وعلى رأسها تصريحات رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، صفقة مركزية للاقتصاد الإسرائيلي، كونها تمثل ضمانة نقدية مباشرة تدعم “الشيكل” وتقلل اعتماد الكيان على الاحتياطيات الخارجية.

ولفت إلى أن بيانات ما يسمى “بنك إسرائيل” تشير إلى امتلاك الكيان نحو 230 مليار دولار، منها أربعة مليارات فقط احتياطيات نقدية، فيما تعود القيمة الأكبر، المقدّرة بنحو 226 مليار دولار، إلى اتفاقيات الغاز التي ما تزال في باطن الأرض.

وأشار الجعدبي إلى أن المفارقة الكبرى تكمن في أن الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، هي من تتبنى وتروّج لهذه الاتفاقيات، رغم أن نتائجها تصبّ بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الإسرائيلي وإضعاف العملات الوطنية العربية، وعلى رأسها الجنيه المصري.

وأكد أن مصر، وفق الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية نفسها، مكتفية ذاتيًا من الغاز الطبيعي، مبينًا أن احتياجاتها السنوية لتوليد الكهرباء لا تتجاوز 35 مليار متر مكعب، في حين بلغ إنتاجها في بعض الأعوام، كعام 2019، نحو 66 مليار متر مكعب، ما يعني وجود فائض كبير كان يمكن استثماره لصالح الاقتصاد الوطني بدل استيراد الغاز من العدو.

وأضاف أن النظام المصري يبرر الاستيراد بالحاجة لتأمين الكهرباء، غير أن الأرقام تكشف زيف هذا الادعاء، إذ إن الفائض السنوي يتراوح بين 30 و31 مليار متر مكعب، كان من الممكن أن يحقق عوائد بمليارات الدولارات لو جرى تصديره أو استثماره داخليًا بشكل صحيح.

وتوقف الجعدبي عند التجربة السابقة لتصدير الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج، حيث كانت وحدة الطاقة تُصدّر بسعر يتراوح بين 0.7 و1.5 دولار، في حين أن التكلفة الحقيقية كانت تقارب 2.5 دولار، في وقت كانت الأسعار العالمية تتراوح بين 13 و15 دولارًا، ما كبّد مصر خسائر سنوية تُقدّر بين 15 و20 مليار دولار، أي ما يعادل ضعفي أو ثلاثة أضعاف إيرادات قناة السويس آنذاك.

وبيّن أن الاتفاقيات الحالية تُلزم مصر بشراء الغاز بأسعار تفوق المعدلات العالمية، إذ يتراوح سعر المليون وحدة حرارية في الاتفاقيات الموقعة بين 7.7 و10.7 دولارات، بينما لا تتجاوز الأسعار العالمية، وفق مؤشرات الطاقة المعتمدة، بين 4.2 و5.5 دولارات، وهو فارق كبير لا يمكن تبريره اقتصاديًا.

واعتبر أن المؤشر الأوضح على فشل هذه الاتفاقيات هو تدهور سعر صرف الجنيه المصري، إذ ارتفع سعر الدولار من نحو 7.5 جنيهات قبل توقيع الاتفاقيات إلى ما يقارب 47.5 جنيهًا حاليًا، إضافة إلى ارتفاع الدين العام من نحو 60 مليار دولار إلى أكثر من 166 مليار دولار، ما ينفي أي ادعاء بتحسن اقتصادي نتيجة هذه الصفقات.

كما لفت إلى أن الكيان الصهيوني لا يمتلك محطات تسييل غاز، وهو ما يفسر لجوءه إلى مصر، التي تمتلك محطتي إدكو ودمياط، لتسييل الغاز وتصديره عبرها، بما يجعل القاهرة عمليًا وسيطًا تقنيًا يخدم الصادرات الإسرائيلية، رغم أن بعض الحقول التي يُستخرج منها الغاز تقع ضمن المياه الإقليمية المصرية، ما يمنح مصر، وفق القانون الدولي، حقًا سياديًا في هذا المورد.

وأكد أن بيانات بنك إسرائيل نفسها تثبت أن هذه الاتفاقيات تدعم الشيكل الإسرائيلي بشكل مباشر، بينما يتحمل الجنيه المصري كلفة ذلك الدعم، مشددًا على أن استمرار هذا المسار لا يمكن فصله عن تنفيذ أجندة اقتصادية تخدم العدو الصهيوني على حساب الشعوب العربية.

وختم الخبير الاقتصادي سليم الجعدبي حديثه للمسيرة بالقول إن أي اتفاقية يُزعم أنها تصب في مصلحة الشعب المصري كان يفترض أن تنعكس إيجابًا على المؤشرات الاقتصادية خلال الفترة من 2018 إلى 2024، غير أن الواقع يؤكد العكس تمامًا، ما يثبت أن هذه السياسات لا تخدم سوى الاقتصاد الإسرائيلي، وتكرّس تبعية اقتصادية خطيرة تهدد السيادة والموارد الوطنية.