عضو بمجلس الشعب السوري: الاعتداءات الأمريكية والصهيونية والتحركات التركية تكشف مخطط تقسيم واحتلال
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
21 ديسمبر 2025مـ – 1 رجب 1447هـ
حذّر عضو مجلس الشعب السوري وليد درويش من خطورة التصعيد الأمريكي الأخير في سوريا، مؤكدًا أن الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة جرى التخطيط لها بعناية فائقة، ووُصفت – وفق التعبير الأمريكي الرسمي – بأنها “ناجحة للغاية ودقيقة”، في إشارة تعكس الأهداف السياسية والعسكرية الكامنة خلفها.
وأوضح في مداخلة خاصة على قناة المسيرة أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن صراحة دعمه الكامل للعملية العسكرية، وهو ما تلاقى مع تصريحات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، إضافة إلى تسريبات إعلامية غربية تحدثت عن أن الضربات قد تمتد لأسابيع أو حتى أشهر، في إطار ما وصفته واشنطن بإعادة ترتيب المشهد الأمني في سوريا.
وكشف درويش أن مسؤولين أمريكيين أكدوا إبلاغ كيان العدو الإسرائيلي مسبقًا بتفاصيل الضربات الجوية، ما يوضح مستوى التنسيق القائم بين واشنطن والكيان في إدارة الملف السوري، لافتًا إلى أن القيادة المركزية الأمريكية أعلنت تنفيذ أكثر من سبعين غارة استهدفت مواقع داخل سوريا بأكثر من مئة قذيفة دقيقة التوجيه، بمشاركة الجيش الأردني، في وقت لم تعد فيه القواعد الأمريكية المنتشرة على الأراضي السورية خافية على أحد.
وفي قراءة لخلفيات هذا التصعيد، شدد درويش على ضرورة العودة إلى أصل الحدث، موضحًا أن الولايات المتحدة بررت هجماتها بأنها تستهدف تنظيم “داعش” الإرهابي، غير أن الوقائع الميدانية والتصريحات الرسمية السورية تنسف هذه الرواية، إذ إن الهجوم الأخير في تدمر لم يتبنّه تنظيم داعش، كما أعلنت وزارة الداخلية السورية أن المنفذ عنصر ينتمي إلى “الأمن العام”، في تصريح رسمي وواضح.
وأشار إلى أن تنظيم داعش معروف بتبنيه العلني لأي عملية ينفذها، والتفاخر بها إعلاميًا، ما يؤكد أن واشنطن تستخدم “داعش” مجرد ذريعة لتبرير تدخلها العسكري المباشر والسعي للسيطرة على كامل الجغرافيا السورية.
وبيّن درويش أن فلول داعش، لا سيما من المقاتلين الأجانب، انتقلوا بعد انهيار التنظيم إلى صفوف “هيئة تحرير الشام”، مستندًا إلى تقارير وتصريحات أوروبية وأمريكية أقرت بأن جزءًا كبيرًا من قوام الهيئة هم في الأصل عناصر سابقة في داعش، محذرًا من خطورة هذا التحول على مستقبل الأمن السوري.
وأكد أن الولايات المتحدة حققت من خلال هذه الضربات مكسبين أساسيين؛ الأول يتمثل في محاولة فرض سيطرة شاملة على الشمال السوري عبر الغطاء الجوي والعسكري، بما يشمل التحكم بالقرار السياسي السوري.
وأضاف: “أما المكسب الثاني فيكمن في توفير مبرر إضافي لتدخل العدو الإسرائيلي في الجنوب السوري، خاصة بعد الأحداث الدامية في السويداء، حيث بات الحديث الإسرائيلي يتجه صراحة نحو التوغل والسيطرة تحت ذرائع أمنية”.
وأوضح درويش أن تصريحات رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو حول “بوابة دمشق” تكشف نوايا توسعية خطيرة، إذ إن بعض المناطق المستهدفة لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن قلب العاصمة، ما يعني أن المشروع الصهيوني لا يتوقف عند حدود الجولان المحتل، بل يمتد باتجاه القنيطرة ودرعا والسويداء وصولًا إلى تخوم دمشق.
ولفت إلى أن ما يجري اليوم يعكس تنازلات خطيرة تمس السيادة السورية والقرار الوطني، متطرقاً إلى غياب أي موقف رسمي حازم يرد على التصريحات المهينة التي أطلقها ترامب عندما قال صراحة إنه “أعطى الجولان لإسرائيل”، دون أن يصدر عن السلطات القائمة أي إدانة أو استنكار يرقى إلى حجم الإهانة التي طالت سوريا وأبناء الجولان.
وأكد درويش أن السلطة القائمة اليوم تؤدي دورًا وظيفيًا في مشروع تقسيم سوريا، عبر تسليم الجنوب للعدو الإسرائيلي، والشمال الشرقي للولايات المتحدة، وأقصى الشمال لتركيا، التي بدأت فعليًا باقتطاع أجزاء من الأراضي السورية بذريعة إنشاء مناطق عازلة وتأمين حدودها.
ولفت إلى أن رفع العقوبات عن بعض الشخصيات، وفرض تطبيع علاقات إقليمية معها، لم يأتِ مجانًا، بل مقابل تنازلات استراتيجية تمس وحدة سوريا وتفتح الطريق أمام مشروع تفتيت طويل الأمد يضمن أمن كيان العدو لعقود قادمة.
وأشار درويش إلى أن الحديث الإسرائيلي المتزايد عن “المشروع التوراتي” بعد إسقاط الدولة السورية وتدمير مقدرات الجيش العربي السوري، يؤكد أن ما يجري ليس أحداثًا متفرقة، بل مسارًا متكاملًا لإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة، بدءًا من الجولان وصولًا إلى جنوب دمشق.
وختم عضو مجلس الشعب السوري بالتحذير من أن سوريا تقف اليوم أمام حرب تقسيم وإنهاء للهوية والتاريخ، مشبهًا ما تتعرض له بمحاولات سابقة استهدفت اليمن والعراق، مؤكدًا أن استمرار هذا المسار سيقود إلى تدمير ما تبقى من الدولة السورية، وطمس تاريخ حضاري يمتد لآلاف السنين، في ظل صمت دولي وتواطؤ إقليمي خطير.
