كيف تحولت الخطابات المعادية للإسلام إلى سياسة رسمية في الغرب؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
18 ديسمبر 2025مـ – 27 جماد الثاني 1447هـ
تقرير || محمد ناصر حتروش
تشهد الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية تصاعدًا متسارعًا في الخطاب المعادي للإسلام والمسلمين، حيث تحول التحريض من تصريحات فردية إلى سياسات رسمية متكاملة تشمل الإعلام والبرلمان والإجراءات القانونية.
ويعكس هذا التحريض استراتيجية صهيونية ممنهجة تسعى إلى تصوير الإسلام كتهديد عالمي، وتبرير فرض سياسات تمييزية ضد المسلمين والمهاجرين في دول الغرب وأوروبا.
وتشير الإحصاءات إلى تأثيرات واضحة على المسلمين في الغرب، حيث سجل مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية أكثر من ثمانية آلاف حادثة عداء للمسلمين والعرب خلال عام 2024، وهو مستوى لم يُسجَّل منذ أكثر من ثلاثة عقود، تشمل هذه الانتهاكات التنمر على الطلاب المسلمين في المدارس، والتمييز الوظيفي، وتصاعد جرائم الكراهية في دول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ويتزامن هذا التحريض مع غياب أي تحرك فعّال من السلطات الغربية لمواجهة الانتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينيين، ما يعكس اعتماد استراتيجية مزدوجة تهدف إلى صرف الانتباه عن الانتهاكات الصهيونية وتحويل الصراع الفلسطيني-الصهيوني إلى صراع ديني وثقافي يبرر سياسات التمييز ضد المسلمين.
ويتضح من المعطيات أن التحريض الأمريكي والأوروبي ضد الإسلام والمسلمين يتجاوز حدود حرية التعبير، ليصبح جزءًا من مشروع ممنهج يهدف إلى السيطرة على الصورة الذهنية للإسلام وإضعاف تأثير المسلمين الاجتماعي والسياسي والثقافي في المجتمعات الغربية.
ويستدعي هذا الواقع تحليلًا معمقًا للسياسات الغربية، وفهم جذور هذه الحملات التحريضية، إلى جانب وضع استراتيجيات فعّالة لمواجهتها على المستويين الشعبي والحكومي، مع التركيز على حماية المقدسات الإسلامية وتعزيز الوحدة والتنسيق بين الشعوب والحكومات في العالم الإسلامي.
في السياق، يرى السفير عبد الله علي صبري أن تصاعد التحريض ضد المسلمين يرتبط مباشرة بالسياسات الرسمية للطبقة السياسية الأمريكية، وليس بمجرد تصريحات فردية للرئيس أو أعضاء الكونغرس، موضحًا أن هذه السياسات امتداد طويل للهيمنة الأمريكية والصهيونية العالمية، مستعرضًا تاريخ العداء الغربي للإسلام منذ الحروب الصليبية وحتى سياسات ما بعد أحداث 11 سبتمبر.
وفي حديثه لبرنامج “ملفات” على قناة المسيرة يؤكد صبري أن الغرب يعامل الإسلام كمصدر تهديد لمصالحه وقيمه، مستشهدًا بتصريحات مستشاري ترامب مثل ستيف بانون ومايكل فيلين، الذين وصفوا الإسلام بأنه “سرطان يجب استئصاله”، لافتًا إلى أن هذه التصريحات تأتي ضمن حملة ممنهجة لتشويه صورة المسلمين واستهداف مقدساتهم، بما فيها المصحف الشريف، لإعادة إنتاج خطاب الحروب الصليبية في القرن الحادي والعشرين.
ويؤكد صبري أن مواجهة هذه الهجمة تتطلب توحيد الصفوف على المستويين الشعبي والحكومي، وصياغة خطط استراتيجية لمواجهة السياسات العدائية، مشددًا على أن الهجمة الحالية تشكل تهديدًا مباشرًا للمقدسات الإسلامية وحقوق المسلمين في الغرب.
ورغم امتداد التحريض الغربي التاريخي ضد المسلمين وتكرار الإساءة لمقدساتهم، إلا أن تصعيد هذه الحملات في الفترة الأخيرة يشكل جزءًا من استراتيجية صهيونية طويلة المدى تهدف إلى تبرير السياسات الغربية في المنطقة، وخلق ذرائع لصرف الانتباه عن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في فلسطين، لا سيما في قطاع غزة.
ووفق رئيس جامعة البيضاء الدكتور أحمد العرامي، فإن التحريض ضد المسلمين في أمريكا وأوروبا جزء من استراتيجية واضحة لتصدير صورة نمطية للإسلام كتهديد عالمي، وتحويل الانتباه عن الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وفي حديثه لبرنامج “ملفات” يؤكد العرامي أن الهجمة تشمل الإعلام، السياسات الحكومية، ومراكز الدراسات، وتستهدف الشباب والمهاجرين المسلمين في الغرب، لبث الخوف وكبح وعيهم الديني والاجتماعي، مشيرًا إلى أن مواجهة هذه السياسات تتطلب توحيد الأمة الإسلامية على المستويين الشعبي والحكومي، وصياغة استراتيجيات فعالة لحماية الدين والمقدسات.
وتمارس أدوات اللوبي الصهيوني سياسة التحريض ضد المسلمين بخطط استراتيجية مزدوجة تشمل الإعلام والسياسة، بهدف صرف الانتباه عن الانتهاكات الصهيونية ضد الفلسطينيين.
وحول هذه الجزئية، يشدد الكاتب والباحث السياسي علي مراد على أن الهجمة تشمل كافة الوسائل الإعلامية والسياسات الحكومية ومراكز الدراسات، بهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتحويل الرأي العام عن الانتهاكات الإسرائيلية.
وفي حديثه لقناة المسيرة يؤكد مراد أن تصريحات ترامب ومستشاريه تعيد إنتاج خطاب الحروب الصليبية، مستغلة أحداث الإرهاب والحروب لتبرير التمييز والعنصرية ضد المسلمين، مشيرًا إلى أن لهذه السياسات انعكاسات مباشرة، حيث ينتشر التمييز الديني، ويتعرض الأطفال المسلمون للتنمر، وتتصاعد جرائم الكراهية في أوروبا والولايات المتحدة إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وبحسب مراد، فإن مواجهة هذه الهجمة تتطلب تبني استراتيجية شاملة تشمل التوعية الدينية والثقافية، حماية المقدسات الإسلامية، وتعزيز الوحدة بين الشعوب والحكومات الإسلامية، إلى جانب مواجهة التحريض الإعلامي والسياسي، مؤكدًا أن القدرة على التصدي لأي مشروع يهدف إلى تفكيك المجتمع الإسلامي أو النيل من دينه مؤشر على قوة الأمة الإسلامية في مواجهة تحالفات غير تقليدية تجمع بين القوى الغربية والصهيونية، التي تسعى لإعادة إنتاج خطاب الكراهية والتحريض على نطاق عالمي.
في المجمل، تواجه الأمة الإسلامية اليوم تحديًا استراتيجيًا معقدًا، حيث تنسجم السياسات الغربية والتحريض الإعلامي مع المصالح الصهيونية لتشكيل بيئة معادية تهدد الهوية الإسلامية ومقدساتها، الأمر الذي يوجب على الدول العربية والإسلامية تعزيز التكافل على المستويين الشعبي والحكومي، وجعل ذلك ضرورة حيوية، تستدعي تبني استراتيجيات متكاملة تشمل التوعية الدينية والثقافية لحماية المقدسات وتعزيز الوحدة الإسلامية.
