أمريكا تُجاهر بالإساءة للقرآن الكريم، ومليارا مسلم يلتزمون الصمت
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
17 ديسمبر 2025مـ – 26 جماد الثاني 1447هـ
تقرير|| وديع العبسي
ليس بالأمر الجديد هذا التعبير الصريح بمعاداة الإسلام والمسلمين، أخرق، من النخبة السياسية الأمريكية، ومرشحٌ لمجلس الشيوخ، يَعْمَدُ -بوقاحةٍ- الإساءةَ إلى القرآن الكريم، وتقف خلف الفعل غايات، كما يكشف عن دلالات تعني الأمة الإسلامية المنتشرة في كل أصقاع الأرض.
في البدء تأتي الإساءة ضمن مخطط الإمعان في هزيمة المسلمين في نفسياتهم، فحين يرى أكثر من ملياري مسلم أقدس مقدساتهم يتعرض للإساءة ولا يكون بمقدورهم الانتفاض غضباً، فإنه تترسخ لديهم حالة العجز عن فعل شيء تجاه مثل هذه الجرأة وكل ما له علاقة بالمقدسات، ويصير مخطط الترويض على تقبُّل أو التغاضي عن كل فعل يسيء للإسلام والمسلمين قد أحدث فارقاً لصالح الصهاينة.
ما قام به المرشح الأمريكي قبل يومين تجاه المصحف الشريف لا يخرج عن ما هو مخطط له من أشكال الاستهداف للإسلام من قِبل الحركة الصهيونية العالمية، وهي من تضع سيناريوهاته، ومن رصدت له المغريات، مالاً ومناصب ومواقع سياسية، على أن الفعل الأمريكي الأخير تأكيد صريح على أن الغرب المُسَيَّر من قبل الصهاينة لا يقبل بوجود الإسلام، بالتالي فإن تعامله مع قضايا المسلمين لا يخرج عن هذه النزعة الوحشية.
مخطط الاستهداف يُؤتي أُكُلَه
أكدت جريمة الإساءة للقرآن الكريم أن الأمريكيين صاروا واجهة للصهيونية، ومثل هذه الأعمال تأتي في هذا السياق تنفيذاً لأجندات الصهاينة لإضعاف الإسلام والمسلمين أمام العالم، انطلاقاً من الثقة المطلقة بأن مثل هذه الإساءات لن تُحرك في المسلمين غِيرة، ولن تدفع لموقف رافض إلا ما ندر.
حتى النُخَب التي ترى في الغرب كائنات خرافية راقية جاءت من كواكب أخرى تنتصر للحقوق وتقدم للبشرية خدمات في كل المجالات، لا تريد استيعاب أن هذا الغرب هو من يمنع المسلمين -صراحةً- عن الإنتاج، وعن صنع ركب حضاري خاص بهم وليس بالضرورة أن يكون الغرب هو النموذج والقدوة، بل إن هذه النخبة لا ترغب حتى في الاقتناع بازدواجية هذا الغرب في التعامل مع مبادئ الحرية وحقوق الإنسان، وأقرب مَثَلٍ على ذلك، القانون الذي أقرته أمريكا لتجريم إثارة الكراهية بين الشعوب، فرغم ما يمنحه ظاهر هذا القانون من شعور بسموٍ في الأخلاق، إلا أن ما تبين عند تطبيقه كشَفَ كيف أنه ليس إلا شكلاً من أشكال الدفاع عن الصهيونية، والاستهداف لمنهج المسلمين (القرآن الكريم)، إذ تبين أن إيجاد هذا القانون لم يكن إلا لإقناع الآخرين بأن القرآن الكريم كتاب يُحرض على الكراهية، وقد شهد العالم بالفعل كيف أن الغالبية العظمى من الدول الإسلامية قد تبنت عملياً الفكرة، وذهبت إلى تعديل مناهجها بحذف الآيات التي تؤكد حق الجهاد في محاربة الشر والانتصار للإسلام والمسلمين.
في المقابل يغيب هذا القانون عند الإساءة للقرآن الكريم كتاب الله المجيد، كتأكيد على الكراهية، بل والعداء للإسلام، فيما يتوارى المدافعون عن النموذج الغربي الأمريكي، ولا يصير هناك من يرغب في مواجهة هذه الحقيقة.
الواقع أن الحركة الصهيونية تستمر في نشاطها العدائي تجاه الإسلام، وفي كل مرة، يتبين أن مخطط سلب الأمة مشاعر الغيرة على مقدساتها وإضعاف ارتباطها بدينها قد بدأ بالفعل يُؤتي أُكُلَه، ففي سبتمبر الماضي أيضاً حين أقدمت “فالنتينا جوميز” (مرشحة الحزب الجمهوري إلى الكونجرس) على إحراق نسخة من القرآن الكريم لم يكن هناك أيّ رد فعل عملي ضاغط يؤكد على رفض هذه الهمجية في التعامل مع مقدسات الشعوب، ويفرض على هذه الكائنات المتمردة احترام معتقدات ومقدسات الآخرين.
وتوقَّف رد الفعل عند بعض البيانات الحذرة من أن تثير الكلمات حفيظة الأمريكي أو الإسرائيلي، هذه المرة غابت حتى البيانات، ما يكشف عن وضعية الاستسلام للمخطط، وحالة الهوان الذي صارت عليه أمتنا، وكيف أن الإسلام فعلاً قد صار غريباً في بلاد المسلمين.
الاستمرار في السقوط
وأن يحدث مثل هذا الأمر في أمريكا فلا غرابة فيه، إذ أنها تُعد الأقدم والأكثر تعدياً على الإسلام ورموزه، كما هي الأكثر تداولاً للحاجة إلى مواجهة الإسلام، والأكثر استهدافاً للمسلمين واستعباداً لهم، وواقع المسلمين السلبي اليوم، هو حاصل الاشتغال على هذا الأمر لأكثر من قرنين، تأسست فيها أمريكا على البلطجة والتمرد على كل قيم الخير والسلام، فتمددت واكتسحت وصارت القوة المؤثرة بعد استنادها إلى الحركة الصهيونية، واعتمادها مبدأ الإباحة لكل شيء من أجل حكم العالم، وكان العالم الإسلامي الأوفر حظاً من هذا الاستهداف.
وعندما لا يكون للأخلاق قيمة في العُرف والأدبيات الأمريكية فإن للعالم أن يتوقع من هذه الدولة الاستمرار في السقوط إلى مستوى السلوك الحيواني، فالحيوان هو الكائن الذي لا يعي ما يفعل ولا يهمه أيّ ردود فعل لسلوكه، خلال الأشهر الماضية زار المدعو “ترامب” منطقتنا العربية والإسلامية مرتين، والتقى عدداً من قادتها، وساروا سوياً في الاتفاق على سلام مزعوم لأهل غزة، مع هذا لم يحاول التعبير عن الاحترام لهؤلاء القادة فيُصَرِّح -على الأقل- بإدانة واستنكار فعل الإساءة للمصحف الشريف، وهو ما لم يكن مستغرباً، فأمريكا لا تزال صاحبة الصدارة في مثل هذه السلوكيات، تتبعها السويد، الدنمارك، النرويج، وهولندا.
الموقف الحق حين خاف الآخرون
على غير الآخرين كان السيد القائد واضحاً وصريحاً في التفاعل السريع ورفض هذا السلوك الاستفزازي والذي لم يراعِ مشاعر أكثر من ملياري مسلم، بل وأثبت حقيقة أمريكا كأحد أذرع الصهيونية. السيد القائد عبر -في بيان- عن أسفه لما وصل إليه حال الأمة حين يتم استهدافها في أقدس المقدسات ولا تتخذ أيّ موقف حتى في الحد الأدنى، مُعتبراً أن ذلك شاهد “على حالة الإفلاس لدى أكثر الأُمَّة في الوعي، والبصيرة، والروحية الإيمانية، والقيم، والأخلاق، وضعف كبير في الانتماء الإسلامي”.
وأكد السيد القائد: “إنَّ الإساءات المستمرة، والحرب الناعمة والصلبة، التي تستمر فيها الصهيونية بكل تشكيلاتها وأذرعها الشيطانية (الأمريكية، والبريطانية، والإسرائيلية)، هي عداء صريح للإسلام والمسلمين، وهي ترمي إلى الحط من مكانة القرآن الكريم في نفوس المسلمين، وإبعادهم عنه، وهي -كذلك- تعبير عن الحقد والعداء الشديد اليهودي الصهيوني للإسلام والمسلمين. وما فعلوه ويفعلونه في فلسطين من إجرام وطغيان ضد الشعب الفلسطيني والمقدَّسات، شاهد على ذلك، والشراكة الأمريكية والبريطانية والدعم الغربي واضح في ذلك”.
التوقع بخروج استثنائي
من المتوقع أن يكون احتشاد الشعب اليمني -يوم الجمعة تلبية لدعوة السيد القائد- استثنائياً وبشكل لافت، فالأمر -هذه المرّة- يمس الدين والعقيدة، ويمس الهوية الإيمانية، والشعب اليمني حين استنفر طاقاته وواجه غطرسة المستكبرين وكسر شوكتهم في البحر الأحمر وبدد أوهام استراتيجياتهم الأمنية وضرب العدو الصهيوني في عقر كيانه، كان ذلك بدافع ديني أولاً، فالإسلام يُوجب مثل هذا الموقف. وأن يذهب الصهاينة في جرأتهم إلى الإساءة للمقدسات فإنه من الطبيعي أن يخرج اليمنيون ليُرسلوا رسائلهم، ويؤكدوا رفضهم واستنفارهم لمواجهة كل هذه التوجهات الدنيئة.
خروج اليمنيين المليوني المتوقع سيكون حجة على العالم الإسلامي، فالقرآن الكريم يعني أكثر من ملياري مسلم، ومن المهم أن يكون لهم موقف فاعل، وإحباط العدو بالخروج والتعبير عن الوقوف جميعاً في خندق واحد دفاعاً عن المقدسات.
المصدر: “موقع أنصار الله”
