الشرق الأوسط الجديد، ما بين المقاومة والإستحالة
ذمــار نـيـوز || مقالات ||
7 ديسمبر 2025مـ –16 جماد الثاني 1447هـ
بقلم// محمد أحمد البخيتي
محاولات حثيثة لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومساعي دائبة لتجزئة المجزأ، كمخطط استراتيجي يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة بأسرها، بحيث يخدم مصالح كيان الاحتلال الإسرائيلي الطارئ على أرض فلسطين ومصالح الدول الغربية، وعلى رأسها أمريكا.
والخطير أن الأعداء بعد نجاحهم في تجريد المسلمين من هويتهم الإسلامية الجامعة، وتأطيرهم حول هويات وعصبيات قومية كالعربية، التركية، الفارسية..الخ، ثم تقزيم مشاريع وحدتهم وتماسكهم حول هويات وطنية رسختها اتفاقية سايكس بيكو، يسعون اليوم لتجريد ابناء الأمة الإسلامية من هوياتهم الوطنية الجامعة (كالسورية، والعراقية، واليمنية، واللبنانية، والسودانية…الخ) وتأطيرهم حول هويات قومية وعرقية وطائفية ومناطقية، وذلك من خلال تأجيج النزاعات الطائفية والعرقية والمناطقية، وتشجيع الانقسامات الداخلية لتسهيل مهمة الصهاينة وأمريكا والقوى الغربية في تغيير المنطقة وتنفيذ مشروع خارطة الشرق الاوسط الجديد، وتمزيق الدول العربية وتقسيمها لدويلات صغيرة لأضعافها، وتسهيل مهمة السيطرة الأمريكية الغربية على مواردها الطبيعية، ولتصبح إسرائيل القوة المهيمنة والعظمى في المنطقة.
والأخطر هو طبيعة ومساعي التقسيم المعقد، النابع على أساس عصبيات قومية وعرقية وطائفية ومناطقية بحتة، كالسنة والشيعة، والأكراد، والهاشميين، والأمويين، والدروز…الخ.
ففي العراق، مثلاً، يسعى العدو إلى تأجيج مشاعر العداء والنزاعات وخلق حالة من الاحتقان بين العراقيين لتهيئة الظروف لتجزئتها وتقسيمها إلى ثلاث دول: شيعية جنوباً، وكردية شمالاً، وسنية في الوسط. وفي سوريا، نلاحظ من خلال التحركات والمستجدات والأحداث المساعي الصهيونية الأمريكية الغربية الحثيثة لتقسيم سوريا إلى أربع دول: علوية، وسنية، وكردية، ودرزية.
وفي اليمن، بسبب الطبيعة الجغرافية والتضاريس المعقدة بالأضافة إلى التداخل المذهبي والنسيج الاجتماعي الواحد، يسعى العدو على أساس مناطقي من خلال الإمارات والسعودية ومرتزقتهما الأقزام اصحاب المشاريع الصغيرة من ضيقي الأفق ومحدودي الفهم إلى تجريد أبناء جنوب اليمن من هويتهم اليمنية التاريخية واستبدالها بهوية “الجنوب العربي الطارئة”، كما جرد أبناء نجد والحجاز وسواحل عمان سابقاً من هوياتهم التاريخية واستبدلها بهويات سعودية وإماراتية وليدة عقود من الزمن.
كمخطط يلقى مقاومة كبيرة من أبناء الجنوب، مما يجعل من تحقيقه شيئاً من ضرب الخيال نتيجة تمسك غالبية أبناء جنوب اليمن بهويتهم التاريخية، فلو طالب مرتزقة الإمارات بجمهورية اليمن الديموقراطية والعودة لما قبل 22 مايو 1990م نتيجة إقصاء وتهميش عفاش لأبناء جنوب اليمن، لكانت مطالبتهم أقرب للمنطق، ومقبولة نوعاً ما، مع أن من همش أبناء جنوب اليمن همش أبناء شماله وأستحوذ على مقدرات الشعب وأستأثر الوظيفة العامة في أسرته وبطانته دون غيرهم، لكن أن يتنكروا لليمن، ويطالبو بدولة الجنوب العربي على أرض يمنية، فهذا مالم يحدث ولن يسكت عنه أحرار جنوب اليمن قبل شماله، فمن يتنكر لأصله وتاريخه إمعة مشكوك في أمره، ومن باع ماضيه ويمنيته، سيبيع أرضه وجزره وموانئه وحاضره ومستقبله، وقد يبيع دينه إذا ما أقتضت الحاجة، وسمحت الظروف:- ولذا؛ تقع مساعي التقسيم وتنفيذ مشروع خارطة الشرق الاوسط الجديد ما بين مقاومة الوحدة العربية واستحالة التنفيذ في اليمن.
