الخبر وما وراء الخبر

عامٌ على وقف إطلاق النار.. غارات صهيونية مكثفة على جنوب لبنان وآلاف الانتهاكات

1

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
27 نوفمبر 2025مـ – 6 جماد الثاني 1447هـ

بعد مرور عامٍ على وقف إطلاق النار في الـ 27 من نوفمبر العام الماضي؛ شهد جنوب لبنان تصعيدًا عسكريًا لافتًا وغير مسبوق، حيث شنت طائرات العدوّ الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية العنيفة التي استهدفت مواقع عدة في المنطقة، في استمرارٍ لمسلسل الاستباحة الصهيونية للسيادة والأرض اللبنانية، عُــدَّ انتهاكًا واضحًا للاتفاق ولقرار مجلس الأمن الدولي رقم “1701”.

وفي تفاصيل الغارات الجوية والانتهاكات الميدانية، أفادت مصادر ميدانية لبنانية، اليوم الخميس؛ بأنّ الغارات الصهيونية طالت كل من “المحمودية والجرمق والجبور وأطراف اللويزة وجرجوع”، بالإضافة إلى مرتفعات إقليم التفاح ومرتفعات “الريحان والعيشية”.

ووثقت وسائل الإعلام المختلفة لقطات ومشاهد للغارات العدوانية الصهيونية، على “المحمودية والجرمق”، لافتةً إلى أنّ هذه الاعتداءات هي الأوسع والأولى من نوعها منذ اغتيال القائد الجهادي في حزب الله هيثم علي الطبطبائي.

وتكتسب غارات اليوم أهمية مضاعفة بالنظر إلى توقيتها الذي يتزامن مع الذكرة الأولى للاتفاق، ومع تحركاتٍ دبلوماسية وتحذيرات دولية واسعة، بعد الاغتيال الصهيوني الغادر للقائد المجاهد “السيد أبو علي الطبطبائي”، حيث اعتبرت ما يسمى هيئة البث الصهيونية أنّ الغارات هي “أول ضربة كبيرة منذ تصفية القيادي في حزب الله”.

ويرى المراقبون أنّ تركيز الاستهداف على مرتفعات إقليم التفاح، الواقعة في القطاع الشرقي جنوب الليطاني، يأتي لأهميتها الاستراتيجية؛ إذ يعتقد العدوّ أنّها تمنح سيطرة نيرانية على المغتصبات الصهيونية شمالي فلسطين المحتلة مثل “كريات شمونة” كونها تقع على أرض منخفضة، وطبيعتها الجغرافية وعرة، ذات وديان وغابات كثيفة؛ ما يجعلها موقعًا مفترضًا لمنصات إطلاق الصواريخ.

في السياق، اعترف جيش الاحتلال في بيانٍ له اليوم، أنّ “قواتنا نفذت منذ بدء وقف إطلاق النار أكثر من 1200 عملية مركزة داخل لبنان”، مؤكّدًا أنّ “القيادة الشمالية وسلاح الجو قتلا أكثر من 370 مقاتلا من حزب الله وحماس وفصائل فلسطينية، ودمرنا عشرات المواقع التابعة لحزب الله وأحبطنا محاولات لجمع معلومات استخباراتية عن قواتنا”.

وتأتي هذه الاعتداءات مباشرةً بعد زيارة وزير الخارجية المصري إلى بيروت، وتحدثت الصحف اللبنانية عن حمله “تحذيرًا واضحًا للبنان”؛ إذ تشير تقارير إعلامية إلى أنّ لبنان يواجه مهلة صهيونية وأمريكية لـ “سحب سلاح حزب الله” حتى نهاية الشهر المقبل، أيّ نهاية العام، وإلا فسيقوم الكيان الإسرائيلي بدعمٍ أمريكي بـ “حرب كبيرة”.

وأكّد وزير الحرب الصهيوني “كاتس”، بدوره، هذا التهديد علنًا بالقول: “إذا لم يتخل حزب الله عن أسلحته حتى نهاية العام فسنعمل بقوة مرة أخرى في لبنان”؛ فيما باتت الخيارات أمام لبنان “ضيقة جدًا”، كون العدوّ وبمساعدة مجموعة من الانتهازيين المستسلمين يبرِّرون هذه الاعتداءات ويعتبرونها عملاً استباقيًا ضدَّ رد فعل مفترض أو محتمل يمنع ‏استقرار الاحتلال.

ويرى المراقبون أنّ هناك تنسيقًا أمريكيًا صهيونيًا، منذ اليوم الأول لتوقيع الاتفاق؛ حيث يتخذ العدوّ الإسرائيلي جانب التهديد العسكري؛ بينما تصر أمريكا في اتصالاتها مع بيروت على أنّ السبيل الوحيد لتجنيب لبنان “العقاب الإسرائيلي” هو الشروع في خطوات تنفيذية لـ نزع سلاح المقاومة، ونسيان القرار 1701، والذهاب نحو مفاوضات مباشرة.

وفي ظل هذه التهديدات، يرجح مراقبون أنّ المطلوب لبنانيًّا وضع خطة مواجهة رسمية بدلًا من الانتظار وتشكيل حالة ضغط داخلية على المقاومة، رغم أنّ حزب الله يلفت إلى أنّ موقفه من تصعيد المواجهة مع كيان العدوّ، تُحدّده عدّة عوامل أبرزها؛ وحدة الموقف الوطني الصارم بين الرئاسات الثلاث في بيروت، وبين المقاومة، مشدّدًا على أنّه “لن يخضع للإملاءات”.

وتأتي هذه الأحداث في وقتٍ يمر فيه عام كامل على اتفاق وقف إطلاق النار في الـ 27 من نوفمبر العام الماضي، والذي لم يوقف انتهاكات الاحتلال؛ إذ وثقت قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان 7500 خرق جوي صهيوني منذ عامٍ حتى اليوم، باستخدام الطائرات الحربية والمسيرات فقط، ناهيك عن التوغلات والقصف المدفعي.

ورغم الاستباحة الصهيونية وكل الاعتداءات المتواصلة ومخططات التهجير، تؤكّد التقارير الميدانية على أنّ أهالي جنوب لبنان باقون ومتمسكون بأرضهم مرفوعو الرأس، مسقطين مخطط الاحتلال بتهجيرهم قبل عام وبعده، ووفقًا لبيانات وزارة الصحة اللبنانية؛ فقد أوقعت هذه الغارات المتواصلة قرابة 339 شهيدًا منذ عام حتى اليوم.