الخبر وما وراء الخبر

ريـمة.. مبادرة مجتمعية تشق طريق بطول 36 كم وتكسر عُزلة القرى المحرومة

32

ذمــار نـيـوز || أخبار محلية ||

22 نوفمبر 2025مـ –1 جماد الثاني 1447هـ

أظهرت مديرية كسمة في محافظة ريمة نموذجاً ملهِماً للعطاء الشعبي، حيث انطلقت مبادرة مجتمعية رائدة لشق طريق جبل صالح سعيد بطول يصل إلى 36 كيلومتراً، لتفتح آفاقاً جديدة أمام أبناء المنطقة بعد عقود من المعاناة مع العزلة وصعوبة الوصول.

هذه الخطوة الجبّارة، التي قدّرت الأنظمة السابقة كلفتها بأكثر من 3 مليارات ريال يمني، تحققت اليوم بسواعد الأهالي وإرادتهم الصلبة، وبشراكة فاعلة مع الجهات الرسمية، ليُصاغ من صخر الجبال عنوانٌ لصمودٍ تنمويّ يرسخ حضور المجتمع في صناعة التحولات الكبرى.

وتمثلت مساندة السلطة المحلية والجهات الرسمية في توفير المعدات، وتدخلات وحدة التدخلات المركزية الطارئة، ومؤسسة بنيان التنموية.

وحول تفاصيل العمل وجهود الأهالي، أفاد مراسل قناة “المسيرة” عاطف المرشدي، في تقريره أن العمل جارٍ على قدم وساق منذ سبعة أعوام في شق طريق جبل صالح سعيد بطول 36 كيلومتراً، بهدف كسر حاجز العزلة الاجتماعية التي يعيشها أبناء مناطق الجبور سعيد وغيرها نتيجة للحرمان والإهمال المتعمّد لعقود.

ونقل المرشدي شهادات الأهالي الذين كانوا يقطعون مسافة أربع ساعات سيراً على الأقدام أو على ظهور الحمير لنقل المؤن وحمل المرضى عبر الجبال والسهول.

وأكدت السلطة المحلية في المديرية بدورها أن التكلفة التقديرية للمشروع في عهد الحكومات السابقة كانت تزيد عن 3 مليارات ريال، لكنه أُنجز بجهود ذاتية حتى الآن، حيث تم تدشين المرحلة الخامسة، وما زال العمل مستمراً.

دور المبادرات المجتمعية وأهمية الطريق

وفي هذا السياق أوضح الناشط الإعلامي باسم المشروع، علي قائد الجبل، في مداخلته أن هذا الطريق يمثل متنفساً وشريان حياة لعدد كبير من القرى، ويربط مديرية كسمة بمديرية الجعفرية جنوباً، وصولاً إلى محافظة ذمار، مشيراً إلى أن طول الخط الذي يتجاوز 26 كيلومتراً يجعله يخدم مديريات وعزلاً ومحافظات بأكملها.

وأكد الجبل في مداخلته الهاتفية على قناة المسيرة صباح اليوم أن هذا الإنجاز يدل على أن “الرجال يصنعون المعجزات”، مثمناً دور المواطنين والمغتربين في دعم المشروع، وكذلك دور القيادة السياسية والسلطة المحلية في المديرية والمحافظة في توفير المعدات اللازمة.

وأشار إلى أن المبادرات المجتمعية في المديرية تتجاوز 95 مبادرة، لافتاً إلى أن هذا المشروع الحيوي يحتاج حالياً إلى أعمال الحماية والجدران الساندة لتفادي الاندثار بفعل السيول والأمطار.

وتُعدّ مبادرة شق طريق جبل صالح سعيد شاهداً حياً على قوة الإرادة المجتمعية في محافظة ريمة، التي عانت طويلاً من الحرمان والتهميش المتعمد بسبب فساد الحكومات المتعاقبة، وظلت بطبيعتها الجبلية الوعرة واحدة من أكثر المحافظات تضرراً من غياب المشاريع التنموية الحيوية.

واليوم، تثبت هذه المبادرات المجتمعية، التي تتجاوز 95 مبادرة في مديرية كسمة وحدها، أن أهالي ريمة لم ينتظروا الدعم الرسمي لكسر حاجز العزلة، بل بادروا بأنفسهم، من خلال تبرعاتهم وتضحياتهم بالمال والحُلي والمواشي، ليُصبحوا القادة والرُوّاد في عملية التنمية الذاتية.

وهذا الإنجاز رمزٌ لإمكانية تحويل الصعاب إلى فرص، ومثال يُحتذى به في كل المناطق التي عانت الظلم والتهميش، إنها شهادة تاريخية بأن الأيادي الموحدة، عندما تقرن إصرارها بعرق الجبين، قادرة على صنع المعجزات وتطوير الواقع لخدمة أنفسهم