الخبر وما وراء الخبر

عن الهيئة البشرية.. والتجرّد الشيطاني

1

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

19 نوفمبر 2025مـ –28 جماد الاول 1447هـ

بقلم// ​أم الأعصر

​بينما كنتُ أتأمل شاشة التلفزيون، ارتسمت أمامي مشاهدُ وحشية لا تُوصف. لم تكن تتعلق بالحيوانات المفترسة التي ألفناها في صغرنا، بل بفصيلةٍ امتزجت فيها صفات الحيوانية بالشيطانية، لكنها تتخذ هيئة البشر.

​ورغم بشاعة هذه المشاهد والتعنيف الذي تجاوز كلَّ حدود الشرح والتعبير، أراه يتجدد ويكرر نفسه في السودان، وغزة، وسوريا، وفي غالب دول الوطن العربي، سواء في جناحه الآسيوي أو الأفريقي.

​إن هذه الفصيلة التي تنتسب كذباً للبشرية، هذه النفوس المتشيطنة، تتكاثر وتتجدد في كل عصر ومكان. وأظن أن هناك آلاف الفظائع التي تحدث بعيداً عن أعيننا وعيون الكثيرين.

​لقد جعلونا نتبرأ من مُسمَّى الإنسانية ذاته، فانتهكوا كرامة الإنسان وحقوقه، وفقدوا هم ذاتهم معنى وجودهم البشري. لقد أصبحوا جنوداً للشيطان، ومصيرهم أدنى دركات الجحيم. لقد تجرّدت منهم الإنسانية، ولم يتبقَ سوى قناعٍ زائف يغطي وجوه الوحوش.
​إن ما نشهده اليوم ليس مجرد صراع سياسي أو نزاع عسكري، بل هو معركة وجودية حاسمة بين الإنسانية وقناعها الزائف. فكل قطرة دم تُسفك في غزة أو السودان أو سوريا، وكل صرخة ظلم تتردد أصداؤها، هي دليل على أن التجرّد الشيطاني هو الخطر الأكبر الذي يهدد بقاءنا كبشر.

​وفي وجه هذا الركام من الوحشية، يبقى واجبنا أن نتمسك بما تبقى من إنسانيتنا، وأن نصرخ عالياً بالحقيقة، فالصمت على هذه الوحوش مشاركةٌ في الجريمة.