طريق الفائزين
ذمــار نـيـوز || مقالات ||
11 نوفمبر 2025مـ –20 جماد الاول 1447هـ
بقلم// أم الأعصر
الشهداء هم حُرّاس الهوية، وهم ذاكرة الأرض التي لا تُنسى. مجدُهم لم يُصنع عبثًا، بل صاغوا لنا المستقبل المجيد بدمائهم الطاهرة؛ فمن هنا يبدأ النصر المؤزر. إنَّ العهد الذي نجدده في أسبوع الشهيد، هو تأكيدٌ على التضحية كمنبعٍ أصيل للنصر والتمسك بالحق.
فالشهداء لا يرحل منهم إلا أجسادهم فقط؛ أما أرواحهم فهي حيَّة في قلوبنا ووجدان الأمة. هم بوصلتنا نحو العزة والكرامة، ودليلنا في الحاضر نحو خلود الأثر. كما أنَّ الشهادة تجارةٌ رابحة مع الله، فليس هناك أعظم من الفوز الذي يناله الشهيد.
قال تعالى في سورة الصف: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ . تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
وفي كل عام، مع حلول أسبوع الشهيد، تتجدد في قلوبنا قصة ليست مجرد ذكرى عابرة، بل هي ميثاقٌ غليظ كُتب بمداد الدم الطاهر على صفحات السماء والأرض.
إنَّ الشهداء هم الأرواح التي لم تَذُق الموت كما نعرفه، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، كما أكّد الله سبحانه وتعالى في قوله:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
وغيره الكثير مما يُحدّثنا عن طريق الشهادة وتجارتها الرابحة، وعن استثمار الروح والجسد للنجاة من النار، ولنجاة الشعب من الظلم، ولتطهير الوطن من جميع أنواع المخاطر.
ها نحن نعيش اليوم في أرض لم تُورَث لنا بورقة وحبر، بل كانت هدية ثمينة جدًا قدَّمها رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وحِبرُها كان دماءهم الزكية. فكانت دماؤهم هي السور المنيع الذي يحمينا ويحمي أجيالنا من الذل والانكسار.
ها أنا اليوم أتأمل روضة الشهداء وصورهم، وأتساءل: ما هو أعظم استثمار يمكن للإنسان أن يقدمه في حياته؟ حينها أدركتُ بعد التفكير بعمق والتأمل في القرآن الكريم، بأن تلك الأرواح الطاهرة في وقت وداعها لم يكن ذلك وداعًا كما نظن، بل كانت ولادة جديدة في رحاب الخلود السرمدي.
