الخبر وما وراء الخبر

تهريب سيارات مزوَّدة بأجهزة تجسُّس إلى صنعاء.. اعترافات الجواسيس تكشف آليات التجهيز والتهريب

91

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

8 نوفمبر 2025مـ –17 جماد الاول 1447هـ

تقرير || عباس القاعدي

كشفت اعترافات الجواسيس الذين تم القبض عليهم ضمن خلية صهيونية–أمريكية–سعودية عن تفاصيل دقيقة حول عمليات استلام سيارات مزوَّدة بأجهزة تصوير وتعقب، تم تهريبها إلى صنعاء قادمة من عدن.

وسلطت هذه الاعترافات الضوء على أساليب سرية استخدمها الجواسيس لتجهيز السيارات بالأجهزة التقنية، واستراتيجيات تحديثها وتغييرها لتجنّب اكتشافها، إضافةً إلى التدريب الميداني على جمع المعلومات الاستخبارية في مواقع حساسة.

وتقدّم الاعترافات صورةً كاملة لآليات التجسس الحديثة، بدءاً من استلام السيارات، مروراً بتركيب الكاميرات وأجهزة السيرفر وأجهزة التعقب، وصولاً إلى تهريب الأجهزة التقنية وإخفائها، ما يكشف مدى التنظيم والدقّة التي اتبعتها هذه الشبكات الاستخباراتية.

سيارات مزوَّدة بتقنيات تجسُّس متطوِّرة:

وفي هذا السياق، أفاد الجاسوس مجدي محمد حسينبأن شخصاً تواصل معه وأبلغه بوصول سيارة إلى صنعاء قادمة من عدن، وطلب منه تحديد أقرب مكان لاستلامها، وبناءً على الموقع المرسل استلم حسين سيارة من نوع “إلنترا موديل 2018” لون فضي، كانت شغالة ومفتوحة.

وكشف عن وجود لاصقة سوداء على شعار “هيونداي” في شنطة السيارة الخلفية طُلب منه إزالتها، موضحاً أن اللاصقة كانت تخفي كاميرا، وقيل له: “هذه الكاميرا ستساعدنا في العمل، بدل ما ترسل موقعك وتصوّر وأنت خائف. فقط ضع السيارة ولن يحدث شيء”.

وأوضح الجاسوس حسين تفاصيل الأجهزة المزروعة في السيارة، حيث كانت الأسلاك مربوطة داخل “ديفان” السيارة خلف غطاء تعبئة البترول، وتضمنت الأجهزة:

ـ مودم: يُركب فيه شريحة إنترنت.

ـ سيرفر: يُركب فيه ذاكرة لتخزين الصور والفيديوهات التي تلتقطها الكاميرا ليتم سحبها لاحقاً.

ـ أريالات متعددة: ستة أريالات وجهاز أريال آخر.

بدوره اعترف الجاسوس سنان عبدالعزيز عليبأنه تواصل معه شخص بعد شهرين وطلب منه استلام سيارة قادمة من عدن، مؤكداً أنه تحرّك فوراً إلى الموقع المحدد في “صُلَي”، حيث وجد المفتاح ملصقاً بشريط لاصق فوق الإطار الأمامي من جهة الراكب.

وأوضح أنه بعد تشغيل السيارة طُلب منه التوجّه إلى ملعب فارغ وإزالة الأجهزة من “الخانة” (الدرج الأمامي)، فوجد فيه ثلاثة أجهزة رئيسية: جهاز لتركيب الشريحة، وجهاز أسود يحتوي على ذاكرة كبيرة وعدة مداخل (سيرفر)، وجهاز تعقّب موضوع بجانب زر التشغيل تحت الطبلون طُلب منه إزالته والاحتفاظ به.

وأشار علي إلى وجود كاميرا في الشنطة وباب الشنطة والخانة، حيث لم يكن يظهر منها إلا رأس الكاميرا فقط.

تغيير وتحديث سيارات التجسُّس:

وكشف الجاسوس حسين عن تفاصيل عملية تغيير سيارة التجسّس التي كان يستخدمها وتحديث الأجهزة التقنية المزروعة فيها لضمان استمرار العمل الاستخباراتي وتجنّب المراقبة.

وأوضح أن المشغّل تواصل معه بعد عام من استلامه سيارة “الإلنترا”، وأبلغه بضرورة تغييرها خشية أن تكون “سيارة مراقبة” بعد ملاحظتها في عدة مواقع، مؤكداً له: “لازم نغير السيارة”.

وأفاد بأنه طُلب منه بيع السيارة القديمة وشراء سيارة جديدة بقيمة 11,500 ريال سعودي، ووصل بها إلى الرياض، حيث تسلّم شخص يُدعى “أبو سيف” السيارة والأجهزة القديمة، ثم بعد ستة أيام قام شخص آخر يُدعى “أبو ياسر” بتسليمه السيارة الجديدة بعد تركيب الأجهزة.

وتضمنت الأجهزة الجديدة:

ـ كاميرا سقف: تم تركيبها فوق سقف السيارة بدلاً من “السمكة” (هوائي السيارة)، متصلة مباشرة بالسيرفر.

ـ سيرفر حديث: جهاز صغير أسود اللون مركّب عند السماعات في الخلف تحت الديكور، يحتوي على منفذين للشبكة، وجهاز ربط الإنترنت وخازن ومراوح: يربط الإنترنت من المودم إلى جهاز السيرفر الخاص بالكاميرا.

وكشف الجاسوس حسين عن تكليفه بتهريب أجهزة أخرى غريبة وصفها بأنها “مثل الطوب”، عبارة عن قطعتين مع جهاز يشبه الفلاش الطويل، قيل له إن هذه الأجهزة “معها رسالة” وسيستخدمها شخص آخر في اليمن، وتم إخفاؤها في شنطة والدته.

تفاصيل عملية فحص وتركيب الأجهزة في الرياض:

وأفاد الجاسوس علي علي أحمدبأنه دخل بالسيارة إلى الرياض في العاشر من مارس 2025، حيث كان في انتظاره شخص يُدعى “أبو عبد الله” في الصناعية القديمة، ثم جاء شابان لفحص السيارة وتحديد سعرها.

ووفق الجاسوس فقد استمرت عملية الفحص أربعة أيام، تم خلالها تدريب الجاسوس ليلاً، وأُبلغ بتركيب جهاز جديد يحتاج إلى مودم وربطه بالجهاز، يعمل آلياً ويأخذ جزءاً من عمله مباشرة دون اتصال مباشر بالمشغّل.

وأشار علي إلى أنه تم إرساله إلى مواقع ومبانٍ سكنية قريبة من مكان التدريب عبر إحداثيات، ويُطلب منه تشغيل تطبيق للبحث عن شبكات الواي فاي والتقاط الصور من زوايا محددة، كما استطلع مقهى ومحطات بنزين، ضمن خطة جمع المعلومات الاستخبارية.

ويعد ضبط هذه الخلية والأدوات المتطوّرة التي بحوزتها إنجازاً نوعياً فاق كل خطط الأعداء ووسائلهم.