الخبر وما وراء الخبر

تحايل صهيوني جديد: كيف يُعيد العدو تشكيل حصار غزة بوجه إنساني زائف

0

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

8 نوفمبر 2025مـ –17 جماد الاول 1447هـ

بعد عامين من الحصار المميت الذي فرضه الاحتلال الصهيوني، تكشف الوقائع اليوم عن سياسة متقنة من التحايل، حيث يُسمح بدخول الكماليات والسلع الترفيهية إلى الأسواق، بينما تظل المواد الأساسية والأدوية الحيوية محرّمة أو محدودة بشكل مُدمّر، بحسب موقع ميدل إيست آي البريطاني.

وبحسب التقرير، فإن محلات السوبر ماركت التي أُعيد فتحها في أنحاء غزة بعد اتفاق وقف العدوان على غزة تُظهر رفوفًا مليئة بالشوكولاتة والمشروبات الغازية والسجائر، وسلعًا كانت تُعدّ في زمن المجاعة أحلامًا بعيدة المنال، ومع ذلك، تبقى المواد الضرورية مفقودة: فلا بيض، ولا لحوم، ولا مضادات حيوية، ولا أدوية أساسية.

ويتساءل أحد سكان مدينة غزة: “هل تتخيل وجود الشوكولاتة في غزة بينما لا توجد مضادات حيوية؟ أو وجود الفاكهة ولكن لا ضمادات أو خيوط جراحية؟ هنا في غزة، هناك غياب شبه كامل للمواد الأساسية التي يحتاجها الجسم، مثل اللحوم والدجاج والبيض والأسماك”.

ومنذ دخول اتفاق وقف العدوان على غزة حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر، أعاد العدو فتح معبر كرم أبو سالم جزئيًا للمرة الأولى منذ إغلاقه في مارس الماضي، بعد حصار دموي أدّى إلى مجاعة أودت بحياة المئات من المدنيين الفلسطينيين.

ومع إعادة تشغيل المعبر، دخلت شحنات محدودة من البضائع والمساعدات الدولية، لكنها اقتصرت في معظمها على مواد كمالية أو غذائية ثانوية.

فوفق التقرير، شملت المواد المسموح بها النشويات (دقيق القمح، الأرز، المعكرونة، الذرة المعلبة)، والسكريات (الشوكولاتة، المربى، الحلويات)، والدهون (الزبدة، القشدة، الجبن المصنع)، إضافة إلى السجائر والمشروبات الغازية.

في المقابل، لا تزال البروتينات الحيوانية شبه غائبة، فالبيض مفقود تمامًا، ومنتجات الألبان نادرة، والدجاج واللحوم المجمدة لا يُسمح بدخولها إلا بكميات محدودة جدًا، ما يجعل أسعارها خيالية بالنسبة لغالبية سكان القطاع.

أدوية مفقودة وموت بطيء

وتتفاقم الكارثة مع استمرار نقص الأدوية، فالمواطنون يتنقلون بين صيدليات غزة للبحث عن أدوية لذويهم المصابين دون جدوى، فلا وجود حتى للمسكنات البسيطة، والمضادات الحيوية نادرة جدًا، وإن وُجدت فهي تُباع بأسعار لا يستطيع المواطن العادي تحمّلها.

وتشير وزارة الصحة في غزة إلى أن سلطات الاحتلال ما زالت تفرض قيودًا مشددة على دخول الأدوية والمستلزمات الطبية رغم اتفاق وقف العدوان.

ويقول مدير وحدة المعلومات الصحية في الوزارة، زهير الوحيدي، إن “النقص في الأدوية وصل إلى 56%، والمستلزمات الطبية إلى 68%، ولوازم المختبرات إلى 67%، كما سُجلت جراحات العظام نقصًا بنسبة 83%، وجراحات القلب المفتوح بنسبة 100%، فيما وصلت الفجوات في خدمات الطوارئ والعناية المركزة والتخدير إلى مستويات حرجة”.

وأكد الوحيدي أن ما دخل خلال العام الماضي “يمثل جزءًا بسيطًا مما هو مطلوب”، موضحًا أن ست أو سبع شحنات فقط وصلت، وهي “لا تغطي احتياجات عامين من الحرمان الطبي”.

ويُلزم العدو الصهيوني التجار والمنظمات الدولية بالحصول على تصاريح خاصة لاستيراد السلع إلى القطاع، وتُفرض القيود إما عبر أوامر مباشرة وقوائم سلع محظورة، أو من خلال ترك الطلبات معلّقة إلى أجل غير مسمى. ونتيجة لذلك، تظل الإمدادات الأساسية مفقودة، فيما تغرق الأسواق ببضائع لا قيمة غذائية حقيقية لها.

صورة زائفة للوفرة

وخلال الأسابيع الأخيرة، دخلت عشرات الشاحنات المحمّلة بالبضائع إلى غزة، ما أنعش الأسواق ظاهريًا، لكنها محمّلة بألوان الشوكولاتة والمشروبات الغازية والسكريات، لا بالمواد الغذائية الأساسية.

ويؤكد المحامي والباحث القانوني الفلسطيني عبد الله شرشرة أن “معظم هذه السلع تتكون من الكربوهيدرات والسكريات والنشويات، وهي تُجبر الناس على الاعتماد عليها كمصدر رئيسي للغذاء”، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتعمّد إدخال هذه المواد لإخفاء آثار التجويع وخلق صورة خادعة عن تحسّن الوضع المعيشي، موضحًا أن العدو يسمح بدخول هذه السلع “للتغطية على علامات فقدان الوزن الواضحة لدى السكان”.

وأوضح أن هناك الآن “زيادة غير طبيعية في وزن الناس” بسبب اضطرارهم إلى تناول أطعمة مصنّعة مليئة بالسكريات والدهون، مضيفًا: “لقد فقدت 20 كيلوغرامًا من وزني العام الماضي بسبب الحصار، والآن أكتسب وزنًا بسرعة لأن الطعام المتاح كله من الكربوهيدرات والجبن الصناعي”.

وتهدف سياسة العدو الإسرائيلي إلى إدخال الكماليات لترويج وهم رفع الحصار، في حين تبقى القيود على المواد الحيوية قائمة، محاولًا أن يخلق انطباعًا مضللًا بأن الناس يعيشون وفرة غذائية، بينما الحقيقة أن اللحوم الطازجة والبيض ما زالت ممنوعة، والصيادون لا يُسمح لهم بالصيد إلا في مناطق محدودة جدًا.