الخبر وما وراء الخبر

فضيحة “نيمبوس”: عملاق التكنولوجيا في خدمة القتل

5

ذمــار نـيـوز || تقارير ||

8 نوفمبر 2025مـ –17 جماد الاول 1447هـ

تقرير || هاني أحمد علي

كشفت تفاصيل حصرية وتحليلات معمّقة عن تغلغل خطير للشركات التكنولوجية العالمية في منظومة العدوان الصهيوني، عبر مشروع سحابي ضخم يحمل اسم “نيمبوس” (Nimbus)، يمثل بمضمونه تحالفاً عسكرياً-تكنولوجياً يمنح العدو الصهيوني سيطرة شبه مطلقة على بياناته الحساسة، ويسخّر الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات الاستهداف والإبادة في قطاع غزة والضفة المحتلة.

وتطرق الخبير في أمن المعلومات والتواصل الاجتماعي، جمال شعيب إلى التطورات المتعلقة بـ”مشروع نيمبوس” (Nimbus)، وهو العقد السحابي الضخم المبرم بين العدو الصهيوني وشركتي التكنولوجيا العملاقتين غوغل وأمازون، عن شبكة تواطؤ متكاملة تحوّل التكنولوجيا من أداة تطوير إلى سلاح حرب وإبادة ممنهج، مبيناً أن المشروع الذي تبلغ قيمته مليار و200 مليون دولار، أصبح بمثابة العمود الفقري لآلة الاستخبارات الصهيونية، متجاوزاً بذلك كل الخطوط الحمراء القانونية والأخلاقية.

وأكد شعيب في لقاء مع قناة المسيرة، صباح اليوم السبت، ضمن برنامج “نوافذ” فقرة “جدار ناري”، أن العقد يعد “خرق كامل” لكل الأعراف التعاقدية الدولية، ويكرس سيطرة مطلقة للعدو على بيانات المنطقة تحت غطاء أمريكي، موضحاً أن بنود عقد “نيمبوس” ألغت بشكل منهجي كل الضمانات المعتادة التي تفرضها شركات التكنولوجيا على عملائها، مانحاً العدو الصهيوني استثناءات غير مسبوقة:

وأضاف أنه وللمرة الأولى، سمحت الشركات بإنشاء خوادم وبنية تحتية سحابية داخل الكيان الصهيوني، مما يلغي أي سلطة قضائية أجنبية محتملة أو رقابة على البيانات، ويجعل المعلومات الاستخباراتية تحت السيطرة الأمنية المباشرة للعدو، مؤكداً أن البند الأكثر خطورة هو إلغاء حق غوغل وأمازون في تعليق أو فسخ العقد، حتى لو ثبت استخدام الخدمات في انتهاكات حقوق الإنسان أو العمليات العسكرية، وهذا يمنح العدو “حصانة تقنية” لاستخدام الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في أي عدوان دون خوف من العقاب التكنولوجي.

وأشار الخبير في أمن المعلومات والتواصل الاجتماعي، إلى أن العقد يسمح للكيان بربط هذه المنظومة السحابية مباشرة بأي تطبيقات ومعدات عسكرية وأمنية لديه، لدمج البيانات الاستخباراتية لحظياً، لافتاً إلى تفاصيل “آلية الغمز” (The Wink Mechanism)، وهي قنوات اتصال سرية ومشفّرة تعتمد على إرسال حوالات مالية مرمزة لإشعار الكيان بوجود خطر قضائي أجنبي يهدد بياناته، حيث تهدف هذه الآلية إلى الالتفاف على القوانين الدولية وقوانين حماية البيانات المحلية (مثل اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات -GDPR) التي تمنع تسريب بيانات المواطنين بهذه الطريقة.

وأفاد أن المبلغ المالي الذي يُرسل يمثل رمزاً للطلب القضائي، ويُرفق برمز الاتصال الدولي للدولة الطالبة (مثلاً، إذا طلبت جهة أمريكية، يتم دفع مبلغ معين)، مما يحافظ على سرية الجهة الطالبة، وهذه السرية المطلقة هدفها الأساسي حماية البيانات العسكرية والاستخباراتية التي يخشى العدو أن يتم تسليمها لسلطات أجنبية في قضايا مرتبطة بالعمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية.

وقال شعيب إن “نيمبوس” أصبح جزءاً لا يتجزأ من منظومة المراقبة والاستخبارات العسكرية للعدو، ويربط بين الذكاء الاصطناعي والتحليل الميداني، مبيناً أن وجود المنظومة على خوادم داخل الكيان يزيل أي تأخير في الربط الإلكتروني، مما يمنح الجيش الصهيوني سرعة مضاعفة في تحليل كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك المكالمات والاتصالات الفلسطينية المعترضة.

ولفت إلى أن هذه القدرات تُستخدم في تقنيات التعرف على الوجه، وتحليل المراسلات، وتوليد “ملفات تعريف رقمية (بروفايل)” للأهداف، مما يختصر وقت تحديد الهدف وإصدار أوامر القصف إلى أقل من نصف ساعة، كما حدث في عمليات القتل الواسعة في غزة.

شدد الخبير التقني على أن استخدام الخدمات في القتل والتدمير والإبادة الجماعية يتسبب في خرق أخلاقي وقانوني كبير، ويؤكد أن هذه الشركات باتت لا تأبه لسمعتها ومصداقيتها في سبيل المال والتواطؤ مع العدوان، داعياً إلى ضرورة تفعيل آليات الدفاع عن السيادة الرقمية للشعوب، خاصة في الدول الصغيرة، والتركيز على رفع دعاوى قضائية كبرى ومنظمة في عدة دول ومنظومات دولية، للضغط على الشركات من خلال إمكانية تسوية مبالغ مالية هائلة أو إيقاف أعمالها، بالإضافة إلى تعزيز حملات المقاطعة المنظمة (BDS) ضد هذه الشركات كآلية ضغط اقتصادية قوية، مشيراً إلى أنه على الدول والمنظمات العمل على إصدار قوانين للسيادة الرقمية، واستخدام آليات التشفير الطرفي لجميع الاتصالات، لتحقيق استقلال البيانات وحفظ خصوصية المواطنين.