الخبر وما وراء الخبر

مفكر لبناني: تمويل “الإرهاب” وتسويق الميوعة وشرعنة الإبادة الصهيونية تهدّد الأمة ولا خيار أمامها سوى الجهاد

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

5 نوفمبر 2025مـ 14 جماد الاول 1447هـ

اعتبر المفكر والباحث اللبناني الدكتور جهاد سعد أن التحوّلات التي شهدتها المنطقة على مدى عقودٍ، ودخول أموالٍ طائلة في تمويل الجماعات التكفيرية، و”تحويل المشهد” إلى ثقافةٍ استهلاكية وترفيهية، شكّلت عواملَ أساسيةً في تشويه صورة الإسلام وتغييب مرجعيّة القرآن كمرجعيةٍ ثقافية وسياسية واجتماعية.

وأكد في مداخلة خاصة على قناة المسيرة أن ما يجري “ابتُكر بهدف إبعاد القرآن كخلفيةٍ لمواقف السياسة والاجتماع والاقتصاد والحياة”، ما أدّى إلى انتشار “الميوعة والخنوع والاستسلام” تحت شعارٍ ما سُمي زيفًا “الواقعية السياسية”.

وشدّد الدكتور سعد على أن هناك “تسخيرًا لإمكانيات هائلة” من دول نفطية خليجية لصالح تمويل “الإرهاب التكفيري”، مع تحويل دفة الإنتاج الثقافي فجأةً “باتجاه ثقافة الترفيه وثقافة الشذوذ وثقافة المجموعات”، لافتًا إلى أن هذه السياسات عملت على رسم صورةٍ مغلوطةٍ عن الإسلام تقوم على “الذبح والقتل والإرهاب”.

وقال سعد: “إذا اتّحدت الأمة وتعاضدت على هذا الكيان المَسخ فبإمكانها تنظيف الأرض الفلسطينية الطاهرة بسهولة، وليس بجهودٍ كبيرة”، مستشهدًا بتجاربٍ من التاريخ القريب: “شاهدنا في لبنان في الثمانينيات كيف أن المقاومة صمّمت على موقفها فأجبرت حلف الأطلسي على الانسحاب. ورأينا في اليمن كيف تصدّى الأبطال لحاملات الطائرات الأمريكية وطردوها من البحر الأحمر، وما زال اليمن يتحكّم في ممر دولي حيوي”.

وحذر سعد من خطورة الدور الذي تلعبه بعض الأنظمة، مشيرًا إلى أن “العدوان على الأمة العربية متعدّد الأوجه: الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في الطليعة، ثم الأنظمة العربية نفسها التي أضحت أداةً في خدمة المشروع الأمريكي–الإسرائيلي”.

وأضاف أن بروز مواقف صحفية وتحليلات لكتابٍ غربيين زاد “انكشاف صورة الديمقراطية الليبرالية وانكشاف الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية، وبقاء هذه الأنظمة وحدها كحامٍ لمشروع الوجوديّة السياسية المعادية للأمة”.

وركّز سعد على أن ما جرى في مؤتمراتٍ إقليمية مثل قمة شرم الشيخ “مثّل محاولةً لإعطاء شرعيةٍ سياسية لعمليات إبادة وجعلها قابلةً للترجمة السياسية والشرعنة باسمٍ عربي وإسلامي”، قائلاً إن “التواقيع والتسميات تهدف إلى تعريب وشرعنة الإبادة”.

وتابع حديثه قائلاً: إن هذه المحاولات “تكشف أن الأنظمة التي تمثل مصالح أمريكا والكيان الصهيوني لن تتوقف عن دعم المشروعات العدوانية ما دام تهديم الأمة يحقق مصالحها”.

وعن الانكشاف الذي شهده السرد الغربي، أضاف سعد أن من الأمثلة المعرّية حديث صحفيين وباحثين بارزين عن سقوط الصورة النموذجية للديمقراطية الليبرالية، وأن “الصورة الأسطورية عن أميركا والكيان الصهيوني تآكلت، ولم يبقَ مع الاحتلال الإسرائيلي إلا هذه الأنظمة العميلة”.

وحذّر الباحث من أن “هذه الحرب لن تتوقف طالما أن هناك قدرةً أمريكية–إسرائيلية على شن حملاتٍ عسكرية وأمنية وإدارية وسط خضوع عربي وإسلامي، وأن الأنظمة في المنطقة “أداةٌ لهذه المؤامرة وتعمل في خدمة الأمريكي والصهيوني”.

وأردف قائلاً إن “شرم الشيخ كانت محاولة لإضفاء شرعية سياسية على الإبادة الجماعية وتحويلها إلى مشروعٍ مُشَرَّع باسم العروبة والإسلام”.

وأعرب سعد عن خشيةٍ عميقةٍ من “تمادي الشعوب في السكون والركون”، محذّرًا من أن استمرار السكون “قد يفتح الباب لحريقٍ يطال كل بيت عربي ومسلم”، مضيفاً: “الأمور تتجه نحو نارٍ في كل بيت عربي وكل بيت مسلم إذا لم يتدارك الناس”.

وأكد أن التحذيرات التي أطلقها قادةٌ مثل سماحة السيد حسن نصر الله والسيد عبد الملك الحوثي “جاءت تحذيرًا من مستقبلٍ يسبق وقوعه”.

ورأى سعد أن بعض الشعوب لا تدرك الخطر إلّا بعد أن تمسّها آثاره مباشرةً، فـ”هناك من لا يفهم إلا إذا وصلت النار إلى يده”، وهو ما وصفه بـ”الطفولة السياسية” التي تدفع بالبعض ليُقرّبوا اليد من النار حتى يلقوا اللسعة التي توقظهم.

وعن تجربة سوريا واليمن ولبنان، قال سعد إن “ما حصل في سوريا لم يسفر عن تقدم اقتصادي أو وحدة وطنية؛ بل ولّد تقسيمًا ودويلات”، وأن “الخطاب الدعائي والإعلامي سلّع شعوبًا بكاملها وأبعدها عن الوعي القومي”.

واعتبر أن الدعاية للنظام الجديد والتقاسم الطائفي والجهات الخارجية أقصرَت مسافة الانقسام بين أجزاء البلدان، مما أدّى إلى تمزيقٍ واضح في النسيج الاجتماعي.

وختم الدكتور جهاد سعد بتأكيد أن ما يجري يجب استثماره “كوقودٍ لتحريك الشعوب والمسلمين”: “علينا أن نستفيد مما يحدث الآن، وأن نحوّل هذه الوقائع إلى وقودٍ يحرك الشعوب”، داعيًا إلى يقظةٍ شعبية “لا تترك الساحة للأنظمة والأجنبي لإنجاز مشروعٍ يقضي على الأمة وهويتها”.