الخبر وما وراء الخبر

كاراكاس وواشنطن.. صدام عسكري محتمل وحشد أمريكي غير مسبوق وتفعيل روسي للاتفاقيات

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

4 نوفمبر 2025مـ 13 جماد الاول 1447هـ

تتصاعد حدة التوترات بين جمهورية فنزويلا والولايات المتحدة الأمريكية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير تقديرات واسعة لخبراء عسكريين ومسؤولين أمريكيين إلى أنَّ ترامب قد اتخذ قرارًا بشن ضربة عسكرية داخل الأراضي الفنزويلية، وأنَّ المسألة باتت مسألة وقت.

وفيما يراقب العالم بقلق التحركات العسكرية الأمريكية الضخمة التي لم تُشاهد منذ عقود في منطقة الكاريبي؛ يكشف هذا الانتشار في منطقة العمليات الجنوبية بالكاريبي عن نوايا أمريكية هجومية جادة، وهو ما أكّدته تقارير الأقمار الصناعية التي نشرتها وكالة “رويترز”.

ووفقًا للوكالة يشمل هذا الحشد، حاملة الطائرات “جيرالد فورد”، التي تُعد أكبر حاملة طائرات أمريكية يتم تحريكها إلى منطقة العمليات هذه، بالإضافة إلى القاذفات الاستراتيجية “بي1 وبي2″، وتُعد هذه القاذفات ثقيلة وغير مرئية النشاط، وتُستخدم فقط في حال وجود نية لـ “عمل عسكري ضخم”؛ مما يعزز التقديرات بأنّ الضربة قد تتجاوز الأهداف المحدودة.

وعن التسريبات الرسمية الأمريكية، نقلت تقارير عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية، مثل ما نشرته وسائل إعلام أمريكية، أنّ “القرار قد اتُخذ بالفعل”؛ فيما يأتي هذا التصعيد بالتوازي مع تصريحات لترامب الذي لم ينفِ وجود “أسباب كثيرة” للتدخل، بما في ذلك السبب السياسي المتمثل في زعمه بعدم شرعية نظام الرئيس “نيكولاس مادورو”، واتهامه بأنّه “زعيم لتهريب المخدرات”.

ووفقًا للمعطيات؛ فإنّ حشد هذا المستوى من القوة العسكرية الجوية والبحرية، بما في ذلك القاذفات الاستراتيجية، يتجاوز كونه مجرد عملية لمكافحة المخدرات أو عملية محدودة، وهذا الانتشار يُفسَّر على نطاق واسع بأنّه استعداد لتغيير النظام أو شل قدرات عسكرية فنزويلية حاسمة، خاصة بعد الكشف عن خطط أمريكية محتملة لقصف الموانئ والمطارات العسكرية.

ودائمًا ما تستخدم الإدارة الأمريكية تهمة تهريب المخدرات كغطاء للتدخل، حيث يتهم ترامب مادورو بأنّه “زعيم تهريب المخدرات في أمريكا اللاتينية”؛ فيما تشير التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أنّ فنزويلا ليست ضمن أهم ثلاث أو أربع دول في تهريب “الكوكايين”، وأنّ غالبية التهريب من كولومبيا يمر عبر المحيط الهادئ وليس فنزويلا.

ويؤكّد مسؤولو واشنطن أنّ “مادورو” “زعيم عصابة ويجب التخلص منه”، في حين يقول الرئيس الفنزويلي إنَّ واشنطن تهدف إلى “اقتلاع نظامه من الأساس”، كما أنّ الإدارة الأمريكية تتجاهل التقارير الأممية لتعزيز اتهامها الجنائي ضد شخصية الرئيس، وهو ما يمنحها “مبررًا أخلاقيًا” وداخليًا للتدخل العسكري، ومع ذلك، يبقى الهدف الأكبر للمحللين هو تغيير النظام الذي يُعد مناوئًا للسياسة الأمريكية، وبالتالي تأمين المصالح الجيوسياسية في منطقة نفوذ أمريكي تقليدية.

لكن؛ وعلى خلفية هذا المشهد المتصاعد، يبدو أنّ ردود الفعل تجاوزت العاصمة الفنزويلية كاراكاس، التي تشهد استعدادات عسكرية ضخمة وفعلية ردًّا على عملية أمريكية محتملة، لتنتقل إلى الصعيد الإقليمي والدولي، عدّها مراقبون أنّها محاولة أمريكية لتخفيف الضغط الروسي على أوكرانيا.

إذ ظهرت تطورات بالغة الأهمية، تقرأ التحركات الأمريكية جيدًا؛ إذ أعلنت روسيا أمس الأحد، تفعيل جميع اتفاقياتها الاستراتيجية مع فنزويلا، وهو ما يرفع منسوب الخطر؛ إذ يُحوّل الصراع المحتمل إلى “ساحة للصراع الدولي” على حدود البرازيل.

كما نشرت البرازيل أكثر من خمسة آلاف جندي على حدودها مع فنزويلا، ورغم نفي الحكومة البرازيلية ربط هذه الخطوة بالتوتر الحالي؛ فإنّ المراقبين يرونها استعدادًا لأيّة تداعيات أو توترات قد تنجم عن ضربةٍ أمريكية، بيد أنَّ هناك مساعٍ حثيثة من دول الجوار وأمريكا اللاتينية لاحتواء التصعيد القائم ومنع تحول المنطقة إلى ساحة حرب.

وفي سياق متصل، وجه وزير الخارجية الفنزويلي، “إيفان خيل”، اليوم الاثنين، انتقادًا لاذعًا للاتحاد الأوروبي بخصوص المساعدات الإنسانية، مؤكّدًا أنَّ الاتحاد الأوروبي يتحدث عن ملايين اليورو، لكن “لا يصل يورو واحد إلى شعبنا”، مشيرًا إلى أنّ كل الأموال “تنتهي في جيوب وسطاء ومنظمات مزعومة”.

وطالب بوقف “الفساد والذرائع الكاذبة” من الاتحاد الأوروبي، مؤكّدًا أنّ الاتحاد لا يطور أيّ مشروع إنساني حقيقي في البلاد، وتعكس تصريحات “خيل” محاولة من كاراكاس لـفضح ما تعتبره واجهة إنسانية تستخدمها القوى الغربية لتمويل معارضين أو منظمات غير حكومية موالية لها، بدلاً من مساعدة الشعب بشكّلٍ مباشر، في محاولة لتقويض الضغط الدولي على فنزويلا بخصوص الملف الإنساني.