باحث سياسي لبناني: العدو يسعى لتأويل الاتفاق بما يخدمه والتدمير الشامل في غزة والضغط الدولي لا يغير ثوابت المقاومة
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
27 أكتوبر 2025مـ 5 جماد الاول 1447هـ
لفت الكاتب والمحلل السياسي وليد محمد علي إلى أن السلوك الصهيوني بعد السابع من أكتوبر يعكس حالة ذعر وارتباك غير مسبوقة، ناتجة عن إحساس لدى قيادات الكيان بأن “أسس وركائز مشروعهم الصهيوني برمته اهتزت بقوة”.
وقال في مداخلة خاصة على قناة المسيرة: “كان لدى العدو قبل السابع من أكتوبر شروخ وهزائم متتالية على الجبهتين اللبنانية والغزية، لكن ما جلب الهلع الحقيقي للقيادة الإسرائيلية هو ما تجرأ عليه الحراك الفلسطيني بعد ذلك التاريخ، حتى بدا لبعض قادة الكيان أن نهايتهم قد كُتبت، فباتوا يسعون لتمديد زمن بقائهم عبر سلوكيات جنونية وعنصرية”.
واعتبر وليد علي أن هذا “الجنون” ناتج عن قيادة فقدت بصيرتها، فتتخذ خطوات تكبدها مزيدًا من المآزق بدل أن تخرجها منها. وأضاف: “لو كان لدى هذه القيادة ثقة حقيقية بعلاقتها الخاصة مع الولايات المتحدة لمنعتها هذه العلاقة من أن تفرض عليها قرارات متضاربة”، مشيرًا إلى تفاوت واضح بين البنود التي تلاها ترامب وما قرأه نتنياهو، وهو أنموذج على الفجوة داخل المشروع نفسه.
وأشار أيضًا إلى أن الكشف العلني من قِبَل مسؤولين مثل وزير خارجية باكستان عن جوانب من الاتفاق يدل على أن المسألة باتت علنية وخاضعة لاحتكاكات دولية.
وبحسب قراءة وليد علي، فإن ما جرى من توقيع اتفاقات أو تفاهمات هو إلى حد كبير محاولة من “الدولة العميقة” الأميركية لإنقاذ الكيان من قياداته المتهوّرة، وأن بقاء الاتفاق أو صموده يخدم مصلحة الكيان الصهيوني لدى هذه الطبقة العميقة من السياسة الأميركية.
ولفت إلى التفاصيل الميدانية والإنسانية، وحجم التدمير في غزة الذي لم يقف عند المباني وحدها، بل طال المزارع الصغيرة حول البيوت، ومزارع الدواجن، وحتى أبسط عناصر حياة الناس، مما جعل هذه الاعتداءات الصهيونية مدمِّرة ولا مثيل لها في التاريخ الإنساني.
ونوّه إلى أن هذا التدمير هو ما يجعل الهدف الأول للمقاومة حماية الناس وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة وكرامة، مع مرونة تكتيكية.
وفيما يتعلق بالقوات الدولية المقترحة، قال وليد علي إن صياغات الاتفاق صيغت بحيث يستطيع العدو أن يفسرها لصالحه. وأضاف أن الحديث عن نشر قوات دولية أو قوات عربية ــ إسلامية وتنصيبها طرفًا فاعلًا بين المقاومة والعدو، مقابل أن تظل القوات الأميركية خارج غزة، هو أمر نظري يصعب تطبيقه عمليًا، لأن أي آلية نشر ستُفسر على طريقتها، وقد تتحول إلى آلية لتجريد الشعب الفلسطيني من سلاحه.
وأشار إلى أن لقاءات وتعاملات القاهرة مع الفصائل يجب أن تُعطى أهميتها؛ فوجود توافق فصائلي على مبادئ محددة يؤثر في القدرة على إدارة الملف، لكن ذلك لا يلغي الاختلافات والتحديات المتعلقة بتطبيق أي آلية دولية أو عربية في القطاع.
كما لفت إلى أن بعض عناصر المقاومة دخلت في احتكاكات موضعية مع القوات الصهيونية في مناطق “داخل الخط الأسود” بعد تراجع الجنود الصهاينة، وهو ما قد يتيح تراكمات ميدانية تدفع باتجاه انسحاب إسرائيلي تدريجي، لأن حالة العدو في غزة غير مريحة ومرتبكة.
وعلى صعيد الضغوط الدولية، اعتبر وليد أن الضعف الأميركي نسبيًا في ظل التطورات الدولية يغيّر حسابات قدرة الولايات المتحدة على فرض سياسات أو حماية كاملة لمواقف الكيان الصهيوني، وهذا عامل يضاف إلى مجموعة عوامل أخرى قد تدفع الكيان إلى قبول اتفاقات تحت وطأة ضغوط وشروط لا طابع ثابتًا أو مترابطًا لها.
وختم الباحث والمحلل السياسي وليد محمد علي تحليله بإعادة التأكيد على نقطتين مركزيتين: الأولى أن الصياغات المفتوحة للاتفاق تتيح تفسيرًا مزدوجًا وخطراً على مصالح الفلسطينيين إذا استُخدمت لتقويض قدرات المقاومة؛ والثانية أن المأساة الإنسانية في غزة كانت شاملة ومدمرة لكل مظاهر الحياة، مما يجعل أولوية أي تحرك سياسي أو ميداني حماية المدنيين وإيجاد سبل إنقاذ عاجلة، جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على قدرة المقاومة الدفاعية التي تعتبر حدها الأقصى موضوع السلاح.
