الغارديان تكشف تفاصيل هيئة جثامين فلسطينيين بعد عودتها من مراكز الاعتقال الصهيونية
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
23 أكتوبر 2025مـ 1 جماد الاول 1447هـ
كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير حديث عن أساليب الكيان الصهيوني في التعامل مع جثامين الأسرى والشهداء الفلسطينيين المحتجزين، في ظل الأوضاع الكارثية والمستمرة في قطاع غزة.
وأفاد التقرير الصادر عن الغارديان؛ بأنَّ الاحتلال الإسرائيلي أعاد ما لا يقل عن 135 جثمانًا لشهداء فلسطينيين، وذلك من أصل ما يقرب من 1500 جثة لفلسطينيين من غزة محتجزة لدى الاحتلال، مشدّدًا على أنّ هذه ليست إصابات معركة؛ بل “تشير إلى إعدامات ميدانية وسحقٍ متعمّد لأجساد بشرية تحت جنازير الحديد”، في إشارة إلى الاستخدام الوحشي للآليات العسكرية بحق الفلسطينيين.
ونوّه إلى أنَّ الجثث عادت مشوهة وتحمل “ندوبًا وجروحًا وآثار تعذيب وقيود وآثار شنق وأرقامًا”؛ ممّا يعيد تعريف حجم الإبادة والانتهاكات المرتكبة، وعثر الأطباء على وثيقة تشير إلى أنَّ الجثث كانت محتجزة في القاعدة العسكرية سيئة السمعة “سيتيتمان”، الواقعة في “صحراء النقب”، وهذا المعسكر هو منشأة لتخزين جثامين الغزيين، وهو أيضًا معسكر اعتقال وتعذيب وسبق أنَّ شهد انتهاكات جسيمة.
وذكر تقرير الغارديان أنّه اطلع على صور لجثامين مشوهة لا يمكن عرضها؛ فبعض الصور تعود لجثامين معتقلين معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، بالإضافة إلى صورة لرجل بحبل مربوط حول رقبته.
وعن شهادات طبية حول الإعدام والتعرف على الضحايا قضت في قتلٍ ممنهج؛ أشارت الفحوصات الرسمية التي أجراها الأطباء في خان يونس إلى أنَّ (إسرائيل) نفذّت “أعمال قتل وإعدام ميداني وتعذيب ممنهج بحق العديد من الفلسطينيين”.
ويواجه ذوو الضحايا صعوبة بالغة في التعرف على أبنائهم المفقودين، حيث يتم عرض صور الجثامين وما تبقى منها -دون أسماء أو وجوه أو ملامح واضحة- على شاشة عرض، لتبحث العائلات عن أيّة علامة تدل على هويات أبنائهم.
ولفت التقرير إلى حالة شاب والذي أعيد جثمانه بعد احتجازه لمدة عامين، حيث عثرت عائلته على آثار شنق وتعذيب معلقة حول رقبته، وإصابة في الرأس، وآثار دهس بـ “جنازير دبابة”.
وأكّد التقرير أنَّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي سرقت أعضاء من جثامين الشهداء الذين كانوا محتجزين لديها، لافتًا إلى أن بعض الجثامين يحمل آثار تعذيب شديد، كما وُجدت قيود حديدية على أيدي عدد من الشهداء، ونتائج التشريح الطبي أظهرت أنَّ بعض الشهداء تم إعدامهم من مسافة قريبة، فيما تُرك آخرون ينزفون حتى الموت دون تقديم أي تدخل طبي.
ويشير إلى أنَّ “الفحص الأوّلي للجثامين أظهر أنّ كثيرًا منها يحمل آثار سحقٍ كامل للرأس والصدر، وتهشّم في العظام، وتمزّق في الأنسجة الرخوة، موضحًا أن تلك الإصابات ناتجة عن وقوع الأجساد بين قوتين متعاكستين: “الأرض من الأسفل وآليات عسكرية ثقيلة من الأعلى”، وبيّن أنَّ الفحوصات كشفت عن فقدان أعضاء بشرية من أجساد عدد من الشهداء، من بينها القرنية، والكلية، والكبد، وهو ما اعتبرته انتهاكًا خطيرًا يستدعي التحقيق الدولي.
وعكست ردود الفعل على وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي، صدمةً وغضبًا واسعًا إزاء هذه الانتهاكات، وكتب “منير البرش” -مدير عام وزارة الصحة في غزة: أنَّ “مشاهد تكشف الإعدام والتعذيب الممنهج” في الجثامين العائدة، واصفًا الجريمة بأنّها “تمتد حتى بعد الموت، حين ينتهك جسد الشهيد وتهان كرامته، ويحتجز في ثلاجات الظلم، ليموت مرة أخرى في صمت العالم”.
ورأى “والتر” -طبيب سويسري في مجلة “لانست” الطبية- أنَّ “العدد الكبير والاتساق للحالات الموثقة” يثبت أنَّ التعذيب الممنهج والعنف الجسدي والجنسي وسوء المعاملة للأسرى الفلسطينيين “ليست استثناءات؛ بل هي جزء من سياسة ممنهجة”.
وتساءلت الناشطة الكندية “باميلا” حول الصور المرعبة التي “تبدو وكأنها مأخوذة من الحرب العالمية الثانية”.
ويسلّط التقرير الضوء على استمرار المعاناة الإنسانية في غزة، حيث تتنوع الانتظارات بين المساعدات والإغاثة وبين انتظار الأبناء المفقودين أو المعتقلين أو الجثامين المخفية في مراكز التعذيب الصهيونية.
وتُضاف هذه الجريمة إلى سلسلة من الانتهاكات المتواصلة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وسط مطالبات بفتح تحقيقات دولية عاجلة لمحاسبة المسؤولين عنها.
وفي السياق، دفنت طواقم الدفاع المدني ووزارة الصحة، اليوم الأربعاء، جثامين 54 فلسطينيًّا مجهولي الهوية في مقبرة جماعية بدير البلح وسط قطاع غزة، ممن سلّمتهم قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية، ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أنَّ عجزت العائلات والطواقم المختصة عن تحديد هوياتهم، جراء آثار التعذيب والتنكيل بها.
