تحولات المشهد الأمني والجماعات المسلحة في سوريا يفسح طريق الاستباحة الصهيونية
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
23 أكتوبر 2025مـ 1 جماد الاول 1447هـ
تشهد الأراضي السورية استمرار التوغلات الميدانية لجيش كيان العدو الصهيوني، حيث توقفت قواته في قرية الحميدية بريف القنيطرة جنوب سوريا، وأقامت عمليات حفر مستمرة باستخدام معدات هندسية ثقيلة، شملت جرافات وشاحنات نقل، في مواقع سبق أن احتلها العدو قبل ستة أشهر في قرى مجاورة.
وأفادت مصادر سورية “للمسيرة”، “أن هذه العمليات تهدف إلى تثبيت نقاط الاحتلال وتأمين خطوط نفوذ جديدة في المنطقة، على الرغم من حالة عدم الحرب الرسمية، ما يعد انتهاكًا مستمرًا للسيادة السورية.
كما أظهرت المصادر قيام الجماعات المسلحة في سوريا بتنفيذ إجراءات شكلية من أجل تجميل صورتها أمام الغرب، رغم محدودية تأثيرها على منع هذه التجاوزات، ويأتي ذلك في سياق تحولات واسعة في المشهد السوري، حيث بدأ المدعو بـ”الجولاني” إعادة رسم دوره داخل البلاد.
في هذا الصدد أكد المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية الدكتور علي بيضون أن استمرار توغلات كيان العدو الصهيوني في الجنوب السوري يستغل حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي أحدثتها الجماعات المسلحة في سوريا، بما يسمح للعدو بتثبيت نقاطه وضم مناطق استراتيجية تدريجيًا.
وأضاف بيضونفي حديثه لقناة المسيرة صباح اليوم، أن المدعو بـ “الجولاني” يستخدم اليوم المقاتلين الأجانب كورقة للضغط على الغرب، ويحاول تبييض صورته الدولية عبر التخلص منهم، مع تقديم نفسه كطرف يحارب الإرهاب لتثبيت حكمه في مناطق نفوذه.
وتشير التقارير إلى أن العميل الجولاني، الذي جاء بالجماعات التكفيرية قبل أعوام لممارسة الإرهاب في سوريا، وخدمة مخططات الكيان الغاصب،بات اليوم يطارد المقاتلين الأجانب باسم الأمن ورضا القوى الغربية، مع التركيز على المهاجرين الفرنسيين في الشام، وفق تنسيق مباشر مع المخابرات الفرنسية.
ويأتي اقتحام المخيمات والاعتقالات كجزء من محاولة إعادة ترتيب نفوذه داخليًا، ومحالة وتبييض صفحته أمام الغرب، عبر التخلص من المقاتلين الأجانب الذين أصبحوا عبئًا سياسيًا وعسكريًا، وانتهت مهمتهم بأسقاط سوريا العروبة في حظن الكيان الصهيوني، مقابل الدعم والتمويل والسلاح الذي قدم خلال سنوات التدمير للدولة السورية.
ويرى محللون أن ما يجري داخل التيارات المتطرفة هو انعكاس لتآكل المشروع التكفيري الذي حول سوريا إلى ساحة اقتتال وصراع نفوذ، واستغلال حالة الفوضى من قبل كيان العدو الصهيوني لتعزيز مواقعه في الجنوب السوري، حيث يستفيد العدو من الانقسام والتناحر بين الجماعات المسلحة لتثبيت نقاطه وفرض سيطرته تدريجيًا على أراضٍ استراتيجية، تمهيدًا لضمها ضمن مصالحه وتأمين الحدود الشمالية للكيان الصهيوني.
وعلى مستوى السلوك السياسي للمدعو بالجولاني، تتضح استراتيجياته الجديدة التي تهدف إلى إظهار نفسه كقائد سياسي قادر على إدارة الدولة وكطرف يحارب ما يسمى بـ “الإرهاب”، بما يتيح له التخفيف من الضغوط الغربية والحصول على رضاء اليهود الصهاينة الصامت عنهم وعن توسع استباحتهم للشعب والاراض السورية، ورفع اسمه من قوائم ما يسمى بـ “الإرهاب”، مقابل تقديم تنازلات تُعزز مصالحه ومصالح حلفائه الغربيين.
وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور علي بيضون أن واقع الانقسام والفوضى داخل الجماعات المسلحة في سوريا يصب مباشرة في مصلحة كيان العدو الصهيوني، الذي يستفيد من عدم الاستقرار لتوسيع انتشاره جنوب البلاد وضمان مصالحه الاستراتيجية.
هذا وتتعرض الأراضي السورية لاستباحة مستمرة من قبل كيان العدو الصهيوني بدعم أمريكي وتمويل خليجي، وتواطؤ وشراكة تركية، في إطار مشروع ما يسمى بـ “دولة إسرائيل الكبرى”، مستغلاً الفوضى الداخلية والجماعات المسلحة المحلية.
ويسعى الاحتلال لفرض السيطرة على مناطق استراتيجية جنوب وشمال سوريا، وتأمين الحدود والممرات الحيوية، مع إعادة رسم خرائط النفوذ السياسي والعسكري.
يساهم النظام التركي وبعض الدول العربية المطبعة في تمكين هذه الأطماع على حساب الشعب السوري.
ومع استمرار هذه الاستباحة، يصبح السوريون مستهدفين سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، فيما تشكل التوغلات والتنسيق مع الجماعات المسلحة جزءًا من خطة للسيطرة على الأرض وفرض واقع سياسي يخدم المشروع الصهيوني–الأمريكي في المنطقة العربية.