بن سلمان يتجه إلى واشنطن لدفع أموال جديدة لترامب مقابل “حماية وهمية”.. غباء أم “غطاء”؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
22 أكتوبر 2025مـ – 30 ربيع الثاني 1447هـ
تقريــر || نوح جلّاس
تستعد السعودية لدفع مزيدٍ من الأموال للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في إطار اتفاقية دفاعية تُروَّج على أنها لحمايتها، إلا أن الوقائع التاريخية والسياسية تشير إلى أن هذه الحماية مجرد وهم تسوّقه واشنطن لابتزاز الدول الحليفة لها واستثمارها ماليًا وسياسيًا.
وذكرت شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، مساء اليوم الثلاثاء، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيزور واشنطن في نوفمبر المقبل لتوقيع اتفاقية دفاعية على غرار اتفاقية الحماية الأمريكية القطرية التي أعقبت الهجوم الإسرائيلي على الدوحة.
الخطوة السعودية، بما هي عليه من تيهٍ سياسي، تحمل أيضًا أبعادًا قد تشير إلى استعدادات سعودية لتصعيد قادم، قد يكون ضد اليمن، خصوصًا أن هذه الاتفاقية بات الجميع يعلم عدم جدواها، وأنها مجرد بيع للوهم، فالتجارب السابقة، وخاصة العدوان الصهيوني على قطر، تُظهر بوضوح ازدواجية المعايير الأمريكية وعدم تحرك واشنطن لحماية أدواتها، إذ إن القاعدة الأمريكية في الدوحة، وعلى الرغم من علمها بالهجوم الصهيوني الذي استهدف قيادات حركة حماس، لم تتخذ أي إجراء فعلي لحماية الدولة الخليجية، ما كشف هشاشة وزيف ما يسمى بالحصانة الأمنية المتفق عليها.
وبدلًا من أن يدرك أمير قطر محدودية وهشاشة هذه الاتفاقيات، رغم ما يُدفع لها من أموال طائلة، فقد سارع إلى تطوير وتعزيز هذا المسار الاستنزافي غير المجدي، عبر اتفاقات أمنية ودفاعية جديدة مع إدارة ترامب، ما أتاح للرئيس الأمريكي تحقيق مكاسب مالية وسياسية إضافية، ليَتأكّد للجميع أن الاستراتيجية الأمريكية تقوم على مبدأ “الحماية مقابل الأموال”، لا أكثر ولا أقل، ما جعل الشكوك تدور حول تعمّد واشنطن خلق الأسباب التي تدفع حلفاءها إلى تقديم مزيدٍ من الأموال.
وفي هذا السياق، يبدو أن السعودية تكرر الآن السيناريو ذاته، إذ تبدو مصممة على دفع الأموال مقابل حماية لا وجود لها على أرض الواقع، في محاولة لتغطية هشاشة سياساتها الأمنية الداخلية والإقليمية.
ويأتي توقيع الاتفاقية الجديدة المقررة في واشنطن خلال نوفمبر ضمن هذه السياسة، لتكرار تجربة قطر من حيث الدفع المالي مقابل وعود حماية وهمية، وهو ما يعكس من جهة مدى تخبّط أنظمة البترودولار، ومن جهة أخرى استمرار اعتماد الرياض على إدارة أمريكية تستثمر مصالحها المالية والسياسية على حساب أمن الحلفاء الفعلي.
وفي سياق متصل، يرى مراقبون أن هذه الخطوة السعودية ليست مجرد مسألة حماية، بل هي جزء من استعدادات متكاملة لتصعيد عسكري جديد ضد اليمن، في ظل الفشل المتكرر لتحالف العدوان في تحقيق أهدافه على الأرض، فالتركيز على تعزيز الاتفاقيات الدفاعية مع واشنطن يعكس إدراك الرياض أن أي تصعيد محتمل ضد اليمن يتطلب غطاءً أمريكيًا، ولو شكليًا، لضمان استمرار الدعم السياسي والمالي من الإدارة الأمريكية، خصوصًا أن الرياض تعلم أن الحماية الأمريكية الفعلية غير موجودة، بالنظر إلى التجربة اليمنية مع كيان العدو، الذي لم تشفع له واشنطن في الوقاية من الضربات، سواء في البحر أو في عمق فلسطين المحتلة.
وتشير هذه المعطيات إلى أن هذا النهج يعكس استمرارية السياسة الأمريكية في استثمار الأزمات لتحقيق مكاسب مالية، بينما يستمر الحلفاء في دفع الثمن دون أن يحصلوا على أي حماية حقيقية على الأرض، ما يجعل السعودية أمام تحدٍّ مزدوج: دفع أموال طائلة مقابل حماية وهمية، والاستعداد للتورط في تصعيد عسكري سيفشل كما فشل سلفه أمام القوة اليمنية والردع الاستراتيجي الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية طيلة عشرة أعوام من الاعتداءات المركّبة التي اشتركت فيها عدة تحالفات.
وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن قراءة الاتفاقية الدفاعية المرتقبة بين السعودية وترامب، لا كخطوة أمنية بحتة، بل كحلقة ضمن سلسلة طويلة من التبعية السياسية والمالية للولايات المتحدة، التي تعكس هشاشة تحالفات الرياض — وآخرها مع باكستان — وصعوبة تحقيق أهدافها العسكرية والاستراتيجية في المنطقة دون الاتكال على واشنطن، التي أثبتت في ملفات سابقة أنها غير ملتزمة بالحوارات الأمنية أو بالاتفاقيات الدفاعية المبرمة معها، فضلًا عن عدم قدرتها على التصدي للقدرات التي جاءت بها اليمن.
ختاماً، يبقى التساؤل الرئيسي: هل سيجني النظام السعودي أي حماية حقيقية من هذا الاتفاق، أم أنه سيدفع مجددًا مقابل وعود وهمية، كما حدث مع حلفائه السابقين، في حين تواصل اليمن كتابة فصول الردع الاستراتيجي وإفشال كل محاولات الضغط العسكري والسياسي من قبل تحالف العدوان ومرتزقته؟