الخبر وما وراء الخبر

بعد عامين من العدوان على غزة الكيان الموقت طارد للاستثمارات والمستوطنين

4

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

15 أكتوبر 2025مـ 23 ربيع الثاني 1447هـ

مع انتهاء العدوان على قطاع غزة، دخل كيان العدو الصهيوني مرحلة من الأزمات الداخلية لم يشهدها منذ تأسيسه.

الصحف العبرية أكدت أن انتهاء العدوان على غزة لا يعني نهاية الصدمة، فالمجتمع يرزح تحت وطأة ارتفاع الدين الحكومي، واستمرار حملات المقاطعة، وتغلغل ثقافة الكراهية في الحياة اليومية.

في المقابل، عادت القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي بعد أن أثبتت المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، قدرتها على الصمود والتأثير في ميزان القوى الإقليمي والدولي رغم ضعفها الكبير أمام العدو.

وهنا نستعرض أبرز الانعكاسات الداخلية والخارجية لوقف العدوان على قطاع غزة، من خلال آراء الخبراء: “عادل شديد خبير شؤون العدو الصهيوني، ورشيد الحداد خبير اقتصادي”، الذين سلطوا الضوء على الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي يمر بها الكيان اليوم.

التداعيات الاقتصادية

في هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد أن كيان العدو الصهيوني يواجه أزمات اقتصادية غير مسبوقة، حيث بلغت تكلفة العمليات العسكرية ضد غزة نحو تسعين مليار دولار، وهو رقم لم تعرفه أي حرب سابقة للكيان.

وأضاف أن هذه الأزمات تتجلى في ارتفاع الدين الحكومي إلى 71٪ من الناتج المحلي الإجمالي، واستمرار الركود الاقتصادي، وهروب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية، وعزلة اقتصادية متزايدة نتيجة حملات المقاطعة الدولية.

وأوضح الحداد في حديثة لبرنامج “ملفات” المسائي على قناة “المسيرة” أمس، أن تأثير الأزمة امتد إلى المستوى الفردي، حيث فقدت كل أسرة مستوطن صهيوني في كيان العدو، ما يقارب 35 ألف دولار خلال العامين الماضيين.

هذا الواقع يعزز اتجاه الهجرة العكسية وفقدان الثقة في الكيان ونظامه، ويؤكد أن الاقتصاد لن يعود كما كان قبل العدوان على غزة حتى بعد سنوات طويلة.

وأشار الحداد إلى أن الثقة الدولية بالكيان تراجعت، بما في ذلك الشركات الملاحية، حيث أصبح المرور في البحر الأحمر والموانئ الدولية محل شك، ما أثر على التجارة العالمية واستثمارات القطاع البحري والجوي، وزاد من التحديات أمام السياحة والزراعة والصناعة في الكيان المؤقت.

الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل كيان العدو الصهيوني

بدوره، أكد الخبير عادل شديد أن الصدمة التي أحدثها العدوان على قطاع غزة منذ ما بعد السابع من أكتوبر لم توحد الشارع الصهيوني، بل عمّقت الانقسامات على المستويات السياسية والاجتماعية.

وأوضح شديد في حديثة لبرنامج ملفات، أن هذه الانقسامات تشمل الجماعات العرقية والدينية والاجتماعية المختلفة، مثل اليهود الغربيين، اليهود الشرقيين، المتدينين، العلمانيين، الليبراليين وغير المتدينين، مما صعّب إعادة ترتيب المجتمع الصهيوني الغاصب.

وأشار إلى أن سياسات حكومة مجرم الحرب نتنياهو بعد العدوان أضعفت ثقة المستوطنين في الدولة وعمّقت الانقسامات بين الفئات المختلفة، خاصة بين من يعتبرون أنفسهم خصومًا للسياسات الحالية وبين الذين يدعمون ما تسمى بـ “الحكومة”.

كما أن الوضع العسكري والاجتماعي أدى إلى تمزق آلاف الأسر نتيجة تجنيد الجنود والخسائر البشرية، مما شكل تهديدًا مباشرًا للنسيج المجتمعي في كيان العدو الصهيوني.

تداعيات أمنية واستراتيجية

أوضح الخبير شديد أن الانعكاسات الأمنية للعدوان الغاشم وجرائم الإبادة لم تقتصر على غزة، بل امتدت إلى حدود البحر الأحمر والموانئ الدولية، حيث أصبح المجتمع الدولي لا يثق بقدرة الكيان على ضمان الأمن الملاحي والتنفيذ الفعلي لاتفاقيات وقف العدوان، ما يضعه أمام تحديات استراتيجية كبيرة قد تستغرق سنوات لمعالجتها.

كما أن استمرار هروب رؤوس الأموال والاستثمارات، وارتفاع تكلفة العمليات الأمنية، يضاعف الأزمة الاقتصادية ويزيد من هشاشة الوضع الاجتماعي والسياسي.

تظهر المعطيات أن كيان العدو الصهيوني يعاني اليوم من أزمات مركبة ومتعددة الأبعاد: اقتصادية، سياسية، اجتماعية وأمنية، لم يشهد لها مثيل منذ تأسيسه.

هذه الأزمات انعكست على الاقتصاد العام والفردي، على الانقسامات الاجتماعية والسياسية، وعلى الثقة الدولية بالكيان.

وتشير كل المؤشرات إلى أن التداعيات طويلة المدى، ولن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل العدوان على غزة بسهولة، مهما حاول الكيان المؤقت استغلال الدعم الدولي أو تلميع صورته أمام العالم.