خبير تقني: الذكاء الاصطناعي نقل الروبوتات من “الأتمتة العمياء” إلى الإدراك والفهم
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
30 سبتمبر 2025مـ 8 ربيع الثاني 1447هـ
أكد الخبير في الذكاء الاصطناعي المهندس عمير عبد الجبار أن العالم يشهد تحولًا جذريًا في قدرات الروبوتات بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، معتبرًا أن هذا التطور ليس مجرد تحسين تقني، بل “ثورة حقيقية” في مفهوم الروبوت ذاته.
وأوضح المهندس عمير خلال حديثه “للمسيرة” أن الروبوتات التي كانت سابقًا مجرد أدوات صناعية تنفذ أوامر بسيطة، أصبحت اليوم أنظمة ذكية قادرة على الفهم والتعلم واتخاذ القرار، دون الحاجة إلى برمجة تفصيلية لكل خطوة.
وأشار إلى أننا الآن نرى روبوتات يمكن التحدث إليها، فتُعطى الأوامر صوتيًا، فتقوم هي تلقائيًا بتوليد المسارات واتخاذ القرار وتنفيذ المهمة، دون تدخل بشري مباشر، منوهاً إلى الوجه المظلم لهذه التقنية، ومتسائلًا: “في حال ارتكب روبوت مستقل جريمة أو تسبب في مقتل أبرياء، من المسؤول؟ هل هو المبرمج؟ المصنع؟ القائد العسكري؟” مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي اليوم أشبه بـ”الصندوق الأسود” الذي لا يمكن تفسير قراراته بسهولة.
وأضاف أن ما يُعرف بـ “الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير” (Explainable AI) لا يزال في بداياته، وأنه بدون هذا التفسير، قد تحدث جرائم دون أن يُعرف الفاعل الحقيقي، في ظل تشعب المسؤوليات وانعدام الشفافية.
وعند سؤاله عن خطورة الروبوتات المفخخة، خاصة الطائرات المسيرة المستقلة، أشار إلى أن دمج الذكاء الاصطناعي بالرؤية الحاسوبية جعل من هذه الأنظمة أكثر فتكًا من الأسلحة التقليدية، لكونها تتخذ القرار في أجزاء من الثانية، دون تدخل بشري، وبناءً على تحليل مباشر للصور والفيديوهات.
وأوضح أن هذه الطائرات لم تعد تحتاج إلى مشغّل بشري، بل أصبحت تعتمد على خوارزميات تتعرف على الأهداف تلقائيًا، وتتخذ قرارات القصف بناءً على إشارات حرارية أو بصرية، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا على المدنيين، في حال حصل خطأ في التقدير.
وحول سباق التسلح في هذا المجال، قال إن الدول الكبرى تدفع باتجاه تطوير هذه الأنظمة بدافع سباق البقاء والهيمنة، موضحًا أن وكالات مثلDARPA الأمريكية تعمل على برامج قادرة على هزيمة طيارين بشريين باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما ينذر بتغير جذري في شكل الحروب المستقبلية.
وفيما يتعلق بالمنطقة العربية، دعا المهندس عمير إلى ضرورة الاستثمار في بناء الكفاءات والقدرات الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن الاعتماد على الاستيراد فقط يجعل الدول في وضع تابع، خاصة في المجالات العسكرية الحساسة.
وقال: “يجب أن نبدأ بتعليم الذكاء الاصطناعي منذ المراحل الدراسية الأولى، وتأسيس مراكز أبحاث وبنية تحتية حوسبية قوية، حتى نمتلك أدواتنا ونطور نماذجنا على بياناتنا وثقافتنا.”
وحول أبرز التحديات التقنية التي تواجه الذكاء الاصطناعي اليوم، أشار إلى أن النماذج الحالية تفتقر إلى “الفهم السياقي”، إذ قد تخطئ في التفرقة بين سلاح حقيقي ولعبة، أو بين مزارع يحمل أداة وبين مقاتل، ما يجعل قراراتها عرضة للخطأ الكارثي.
وفي ختام حديثه، وجه المهندس عمير عبد الجبار رسالة للشباب العربي، قائلاً: “لا تكونوا مجرد مبرمجين، بل كونوا مهندسين، البرمجة أداة، لكن الفهم الشامل للهندسة، الأخلاق، والسياق، هو ما يصنع الفرق بين أداة تستخدم للخير، وأخرى تُوظف في التدمير.