اليمن يصعد ضد كيان العدو الصهيوني.. قوة عسكرية وتأثير استراتيجي
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
29 سبتمبر 2025مـ 7 ربيع الثاني 1447هـ
تجاوزت العمليات اليمنية الأخيرة ضد أهداف في كيان العدو الصهيوني حدود الهجوم العسكري التقليدي، لتصبح أداة استراتيجية متكاملة تجمع بين القوة التقنية والتأثير النفسي والتخطيط التكتيكي.
وتعكس هذه العمليات قدرة القوات المسلحة اليمنية على فرض واقع جديد على الأرض، وإرباك الكيان الصهيوني داخليًا، مع تعزيز موقع اليمن على خريطة الدعم للقضية الفلسطينية، وتقوية الورقة التفاوضية الجارية بين المقاومة الفلسطينية وكيان العدو الصهيوني.
وتشير دلالات هذه العمليات إلى مرحلة نوعية في تطوير القدرات العسكرية، حيث تتحول القوة الميدانية إلى ورقة استراتيجية تمتد آثارها إلى السياسة والدبلوماسية والمشهد الاستراتيجي الإقليمي.
وأعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ عمليتين موجهتين ضد أهداف تابعة لكيان العدو الصهيوني، إحداهما بصاروخ باليستي متعدد الرؤوس والأخرى بواسطة طائرات مسيرة استهدفت مناطق بينها أم الرشراش ومناطق جنوبية في فلسطين المحتلة.
في هذا السياق أكد الخبراء أن هذه العمليات لا تأتي منعزلة بل مرتبطة بسلسلة من العمليات خلال الشهر الجاري.
الخبير في الشؤون العسكرية الاستراتيجية الدكتور محمد هزيمة قال: “إن ما يميز هذه المرحلة هو تطور نوعي في مواصفات الأسلحة اليمنية، وخاصة رؤوس الصواريخ المتعددة أو المتشظية التي تقلل فعالية منظومات الاعتراض وتزيد من فرص اختراق الدفاعات.
ولفت إلى أن هذا التطور يمنح العمليات اليمنية طابعًا استمراريًا بحيث تصبح أي عملية في غزة أو ضد سياسات الاحتلال سببًا لرد يمنّي متوقع ومبرمج.
وعلى مستوى الأبعاد النفسية والإعلامية أشار الدكتور هزيمة إلى أن الأثر المعنوي على المستوطنين والسكان داخل الكيان أكبر أحيانًا من الأثر المادي، لأن قدرة الصواريخ اليمنية على الوصول وتوزيع الضربات تطيح بإحساس الحصار الأمني والأسطورة القائلة بتفوق المنظومات الاعتراضية.
وأضاف أن كشف هشاشة المقومات الاستخبارية والدفاعية لدى الكيان، ووقوعه تحت حالة ضغط دائم، يمثل انتصارًا استراتيجيًا يتجاوز نتائج كل عملية منفردة.
بدورة أوضح الخبير العسكري الاستراتيجي العميد نضال زهوي، أن الاختيارات التكتيكية مثل تنوع المسارات وتوقيت الإطلاق وتنويع الأهداف من يافا جنوبًا وحتى أم الرشراش تهدف إلى تشتيت الانتباه وإضعاف تركيز الدفاعات، إضافة إلى إحداث أثر نفسي واسع لدى أكبر تجمع سكاني ومستهدفات مدنية وحيوية.
وبيّن زهوي أن استهداف أم الرشراش يحمل رسالة استراتيجية مهمة ترتبط بإحباط مشاريع جيوسياسية اقتصادية كانت تهدف إلى تحويل المنطقة إلى ممرات ومشروعات استراتيجية، ما يجعل ضربة تلك المنطقة أكثر من مجرد ضربة تكتيكية، بل ضربة تحبط مشروعًا إقليميًا كانت تسعى إليه بعض القوى.
ويربط الخبيران العمليات الحالية بسياق أوسع يتمثل في دعم اليمن المستمر لقضية فلسطين وصمود المقاومة الفلسطينية، ويقرآن في هذه الخطوات محاولة لإعادة رسم معادلات الردع الإقليمية.
ورأى الدكتور هزيمة أن تزامن العمليات اليمنية مع المشهد السياسي والدبلوماسي الدولي يعكس قدرة على فرض واقع جديد يعيد ترتيب موازين النفوذ والقرار في المنطقة، وخاصة في مواجهة محاولات بعض الأطراف لتطويق القضية الفلسطينية أو تحييد قوى عن تأييدها.
اتفق الخبراء على أن النتائج النفسية والإعلامية للعمليات تستنفذ الموارد السياسية والعسكرية لدى العدو وتضعه في موقف دفاعي داخلي مستمر، حيث تتحول المسألة إلى قرار يومي بإبقاء السكان في ملاجئهم أو إطلاق إنذارات، بدل الشعور بأمن راسخ. هذه الموازين الجديدة تمنح اليمن ورقة تأثير استراتيجية تُستخدم في المشهد الإقليمي.
ووفق الخبيرين في الشؤون العسكرية، العمليات اليمنية الأخيرة ليست مجرد عمليات عرضية، وإنما مرحلة نوعية في تطوير القدرات والخيارات الاستراتيجية، فبين التطور التقني ورؤوس الصواريخ المتعددة والتخطيط التكتيكي وتنويع المسارات والأهداف، وبين التأثير النفسي والسياسي على الداخل المعادي والمشهد الإقليمي، تشكل هذه العمليات محاولة لفرض معادلات ردع جديدة وإعادة تشكيل خريطة المخاطر والجغرافيا السياسية في المنطقة.
وفي هذا الإطار، يرى المحللان أن اليمن نجحت في تحويل القدرة العسكرية إلى ورقة استراتيجية ذات أثر يتجاوز الخسائر المادية ليصل إلى قلب المعادلات السياسية والدبلوماسية.