الخبر وما وراء الخبر

صفعة جديدة لدفاعات العدوّ في أم الرشراش وتكتيك يمني متطور

0

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

24 سبتمبر 2025مـ 2 ربيع الثاني 1447هـ

اخترقت طائرات مسيّرة انقضاضية، أُطلقت من اليمن، اليوم الأربعاء، الأجواء المحصنة لمدينة وميناء أم الرشراش “إيلات” جنوبي فلسطين المحتلة، في هجومٍ أسفر عن انفجارات قوية، وخسائر بشرية ومادية، كشف عن ثغرات مقلقة في منظومة الدفاع الجوي الصهيونية، التي طالما وُصفت بأنها الأكثر تطورًا في العالم.

هجومٌ حمل في طياته رسائل سياسية وعسكرية عميقة، وأثارت موجة من الصدمات والتساؤلات داخل الأوساط الصهيونية؛ حيث دوت صفارات الإنذار في “إيلات” بشكلٍ مفاجئ، تلتها أصوات ثلاث انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة الساحلية، التي تعتبر شريانًا حيويًّا لكيان الاحتلال على البحر الأحمر.

التقارير الأولية من وسائل الإعلام العبرية أكّدت الحدث، مشيرةً إلى انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من المدينة، في مؤشرٍ على استهداف محتمل للبنية التحتية، وسرعان ما تكشفت أبعاد العملية، حيث أعلن إعلام العدوّ أنَّ طائرة مسيرة استهدفت المطار القديم في المدينة، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من موقع الانفجارين.

لكن الهدف الأكثر حساسية كان فندق “كلوب هوتيل”، أحد أفخم المنتجعات في المنطقة، والذي لا تقتصر أهميته على كونه وجهة سياحية؛ بل لكونه مقرًا لعقد اجتماعات حكومية صهيونية هامة.

استهداف هذا الموقع تحديدًا يحمل دلالة رمزية وعملياتية، ويشير إلى وجود بنك أهداف دقيق لدى القوات المسلحة اليمنية؛ حيث عززت مقاطع الفيديو التي وثقها المغتصبون الصهاينة الرواية، وأظهرت بوضوح لحظة انقضاض إحدى الطائرات المسيرة على هدفها وإصابته بدقة؛ مما بدد أيّة محاولة للتقليل من شأن الهجوم.

وفيما تداول ناشطون مشاهد الانفجارات، أقرت إذاعة جيش العدوّ بأنّ هذه هي المرة الثانية خلال أسبوع التي تنجح فيها مسيّرة يمنية بضرب عمق مدينة “إيلات”؛ وهو ما يعكس نمطًا متكررًا من الاختراق الناجح.

وفي ظل التكتم الأولي، جاء الاعتراف الرسمي الصهيوني مدويًّا؛ إذ أقر جيش العدوّ بفشل الدفاعات الجوية في اعتراض الطائرات المسيرة، مؤكّدًا سقوط طائرة أُطلقت من اليمن في منطقة أم الرشراش بعد فشل محاولات اعتراضها، وهذا الاعتراف، يؤكد حجم الإخفاق ويعمق أزمة الثقة في القدرات الصهيونية.

وعلى صعيد الخسائر البشرية، كانت الأرقام التي أعلنتها ما تسمى “نجمة داود الحمراء” (الإسعاف الصهيوني) صادمة، حيث تم إجلاء 24 مصابًا، بينهم حالتان حرجتان على الأقل: إحداهما لمصاب يعاني من بتر جزئي في أطرافه العلوية، والأخرى لمصاب بشظايا في الصدر.

بالإضافة إلى إصابة متوسطة، و18 إصابة طفيفة، وحالتي هلع، وهذه الحصيلة المرتفعة نسبيًّا في هجومٍ بطائرات مسيرة انقضاضية تعكس قوة الانفجارات ودقة الإصابات في أماكن متنوعة الجغرافيا.

المشاهد الأولية التي سبقت الانفجار أظهرت تحليق الطائرة المسيرة على ارتفاعٍ منخفضٍ جدًا، يشير إلى تكتيكٍ عسكري متقدم يهدف إلى تجنب الكشف الراداري والتحليق تحت مظلة أنظمة الدفاع الجوي المعادي.

يرى مراقبون عسكريون أن الاستراتيجية اليمنية المتبعة قد تكون اعتمدت على “تكتيك الطعم”، حيث يتم إطلاق طائرة مسيرة لإشغال الدفاعات الجوية وكشف مواقعها؛ بينما تقوم طائرة أخرى، تحلق على ارتفاع منخفض، بتنفيذ الضربة الرئيسية بدقة عالية.

تكتيكٌ يمني معقد يفسر إعلان جيش الاحتلال فتح تحقيق فوري في أسباب فشل اعتراض الطائرة، رغم إطلاق صاروخين باتجاهها؛ كما يعكس حالة الارتباك والقلق التي دفعت بحرية العدوّ إلى اتخاذ قرار استثنائي بإعادة نشر قطعها البحرية خارج ميناء أم الرشراش “إيلات”، خشية أنَّ تكون الهدف التالي في سلسلة العمليات اليمنية.

ووفقًا لمراقبين؛ فهذه العملية تشكل علامة فارقة في المواجهة الدائر، إذ أثبتت القوات المسلحة اليمنية قدرتها على تجاوز المسافات الطويلة، وامتلاكها تكنولوجيا متطورة ومعلومات استخباراتية دقيقة تمكنها من ضرب أهداف حساسة في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الأهم من ذلك، أنَّ الهجوم كشف عن هشاشة منظومات الدفاع الجوي الصهيونية بكل طبقاتها أمام تكتيكات غير متماثلة؛ مما يمثل تآكلاً خطيرًا لقوة الردع الصهيونية؛ فنجاح المسيرات اليمنية في الوصول إلى أهدافها مرتين في أسبوع واحد، وإيقاع هذا العدد من الإصابات، يفرض معادلة جديدة ويغير قواعد الاشتباك، ويضع صانعي القرار في حكومة الإجرام الصهيونية أمام تحدٍ استراتيجي غير مسبوق.