السفير صبري: ثورة 21 سبتمبر استعادت القرار اليمني ومهّدت لدور فاعل في الإقليم
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
21 سبتمبر 2025مـ 29 ربيع الأول 1447هـ
أكد السفير بوزارة الخارجية، عبدالله علي صبري، أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر جاءت لتصحيح مسار الثورات اليمنية السابقة، وإعادة الاعتبار لمفهوم الحرية والاستقلال عبر تحرير القرار الوطني من الوصاية الخارجية التي جثمت على اليمن لعقود طويلة.
وأوضح صبري في مداخلة على قناة المسيرة، أن الحديث عن الحرية والاستقلال في ثورة 21 سبتمبر يعني بالضرورة الحديث عن استقلالية القرار اليمني وتثبيت السيادة الوطنية، وهو أمر لم يكن مألوفاً منذ ثورة 26 سبتمبر 1962 مروراً بثورة 11 فبراير 2011.
وقال: “برغم ما حملته تلك الثورات من آمال، إلا أن الوصاية الخارجية تكرست بشكل واضح عبر ما سُمّي بالمبادرة الخليجية، ثم من خلال إشراف ما يُعرف بالدول العشر وتدخلات السفراء، وعلى رأسهم السفير الأمريكي”.
وأضاف: “لقد جاءت ثورة 21 سبتمبر لتصحح هذا الانحراف سواء الذي شاب ثورة فبراير أو حتى ثورة سبتمبر، مؤكدة استقلالية القرار اليمني وخروج اليمن من التبعية والوصاية الخارجية”.
ولفت السفير صبري إلى أن الساسة اليمنيين كانوا في مراحل سابقة يتباهون بوصف اليمن بالحديقة الخلفية للرياض، وهو ما يعكس عمق الوصاية السعودية التي تحكمت في الشأن اليمني منذ المصالحة الوطنية عام 1970 وحتى ما بعد أحداث 2011.
وتابع: “لكن الثورة أعلنت بشكل واضح أن اليمن قد امتلك قراره، وأن ذلك لا يعني القطيعة مع الخارج بقدر ما يعني أن العلاقات مع أي دولة يجب أن تقوم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشروعة”.
وبيّن صبري أن السعودية لم تنظر إلى هذه الثورة إلا باعتبارها خروجا من تحت وصايتها، فسعت إلى إعادة اليمن إلى ما وصفه سفيرها في أمريكا بـ”بيت الطاعة”، مؤكداً أن الوصاية السعودية لم تكن سوى وجه آخر للوصاية الأمريكية والاستعمارية.
وقال: “انتظر السعودي والأمريكي قرابة ستة أشهر قبل أن يباشروا عدوانهم العسكري المباشر على اليمن، بهدف فرض الشروط والإملاءات والحد من أي اتجاه نحو استقلالية القرار اليمني”.
واعتبر أن التحدي الأكبر الذي واجهته الثورة تمثّل في العدوان الخارجي، موضحاً: “لو أن الثورة خضعت لهذه التدخلات لظل اليمن إلى اليوم تحت الوصاية، لكن بصمود شعبنا، وتطور قدراته العسكرية، وبالقيادة الحكيمة، تمكّن اليمن من الدفاع عن أهداف الثورة في الحرية والاستقلال”.
وأشار السفير صبري إلى أن ما يعيشه اليمن اليوم من معركة مشرفة في مواجهة الكيان الصهيوني وأمريكا وبريطانيا، إنما هو امتداد طبيعي لمسار الثورة.
ولفت إلى أن “هذه المعركة أثبتت أن اليمن يمتلك قراره المستقل، وأن لديه الإمكانات العسكرية والشعبية والإرادة السياسية الكفيلة بمواجهة كل التدخلات الخارجية، وجعل اليمن جزءاً فاعلاً في المعادلات الإقليمية”.
ثورة سلم وشراكة أغاضت الأعداء:
وأوضح السفير عبد الله صبري أن ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لم تكن مجرد انتفاضة شعبية، بل جاءت لتجسد نقائها باتفاق السلم والشراكة الذي رعته الأمم المتحدة عبر مبعوثها جمال بن عمر، ووقّعت عليه مختلف الأحزاب السياسية الفاعلة في البلاد، بما فيها أنصار الله.
وأشار إلى أن ذلك الاتفاق مثّل في حينه نقطة تحول مهمة، إذ أرسى دعائم التفاهمات السياسية وفتح الطريق أمام تشكيل حكومة كفاءات وطنية، ما عكس روح الثورة التي وُصفت حينها بأنها ثورة سلم وثورة شراكة.
ولفت صبري إلى أن المجتمع الدولي نفسه كان قد بارك الاتفاق والحكومة التي نتجت عنه، غير أن التدخلات الخارجية ولا سيما السعودية، سرعان ما أطاحت بهذه المساعي، بعد أن تلقت القوى السياسية إشارات واضحة بوجود عمل عسكري مرتقب ضد اليمن.
وأضاف: “برغم أن هذه الثورة لم تعتقل أحداً من خصومها، ولم تنصّب محاكم ثورية كما حدث في ثورة 26 سبتمبر، بل مدّت يدها للشراكة مع الجميع من أجل بناء اليمن وتصحيح الاختلالات السياسية والاقتصادية، إلا أن الخارج كان له رأي آخر”.
وأوضح أن الثورة سعت لتصحيح مسار مؤتمر الحوار الوطني ومعالجة القضايا الخلافية مثل الأقاليم وفكرة الدولة الاتحادية، فضلاً عن ضمان الشراكة في السلطة، مؤكداً أن اتفاق السلم والشراكة كان من شأنه أن يمهد لمرحلة متقدمة من التفاهمات السياسية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
غير أن السعودية وأمريكا – بحسب صبري – اعتبرتا أن المستجدات في اليمن شكلت خروجاً عن المألوف، وعن النهج المرسوم له تحت مظلة الوصاية الخارجية، فعملتا على تدبير العدوان العسكري الذي جرى الإعلان عنه من نيويورك.
وشدد على أن ذلك يؤكد أن العدوان لم يكن وليد اللحظة، بل كان مرتباً له مسبقاً، وأن فترة الأشهر الستة التي سبقت شنه لم تكن سوى تمهيد واستعداد لإعادة اليمن إلى بيت الطاعة السعودي الأمريكي.