تحول عسكري وأمني استراتيجي.. يمن بعد 11 عام من ثورة 21 سبتمبر
ذمــار نـيـوز || تقارير ||
20 سبتمبر 2025مـ 28 ربيع الأول 1447هـ
تقرير || عباس القاعدي
تحلُّ علينا غداً الأحد الذكرى الحادية عشرة لثورة 21 سبتمبر 2014م، حيث تفاجئ القوات المسلحة اليمنية العالم وتصدم العدوين الأمريكي والصهيوني بقدراتها العسكرية وإنجازاتها الكبيرة التي تحققها كل يوم في إطار مهامها المقدسة في إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته، وكذلك في حماية الشعب اليمني وترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد.
وفي ذكرى الثورة المباركة يتجلى للجميع مستوى التحول التاريخي الذي صنعته هذه الثورة ومشروعها القرآني التحرري، الذي انتشل اليمن من حالة الضعف والفوضى والوصاية وحكم السفارات التي فرضتها قوى الاستعمار الأمريكية والغربية لعقود، إلى حالة الاستقلال والاستقرار والحرية والقوة.
وتتراكم الإنجازات العسكرية لثورة 21 سبتمبر التي لا تزال مستمرة في معركتها المقدسة ضد العدو الإسرائيلي وأدواته من المرتزقة والخونة، حيث يؤكد الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان، أن الثورة حققت، بفضل الله تعالى، تحولات وإنجازات كبرى على كافة المستويات، ابتداءً بالإطاحة بحكم السفارات وإعادة الحياة لهوية شعبنا اليمني الإيمانية والحفاظ على حريته وكرامته واستقلاله.
ويضيف في تصريح خاص لموقع “المسيرة نت” أن القوات المسلحة تمكنت من بناء مؤسسات الدولة من نقطة الصفر، وبالأخص في المجالات العسكرية والأمنية، حيث ركزت الجهود على تطوير القدرات والارتقاء بها للوصول إلى القدرة على إنتاج وصنع ترسانة ضاربة من الأسلحة والتكنولوجيا الدفاعية الاستراتيجية بشكل ذاتي وبمستوى غير مسبوق في تاريخ اليمن.
ويشير إلى أن الواقع العسكري في اليمن، قبل ثورة 21 سبتمبر، كان في ذروة ضعفه وانهياره بسبب سيطرة القوى الأجنبية على سدة الحكم والقرار، وكان اليمن يعيش على صفيح ساخن من الانفلات الأمني والصراعات البينية الطاحنة بين أوساط المجتمعات، وأبرزها الثارات القبلية والمناطقية والطائفية، وهذا ما يوضحه الخبير العسكري عثمان، حيث يرى أن وضع اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر وما بعدها لا يمكن مقارنته أبداً، فما قبل الثورة عاش اليمن في مستنقع الوصاية والفوضى العارمة، وكان في أضعف حالة من الانهيار العسكري والاقتصادي والصراعات الداخلية”.
صناعات عسكرية متطورة:
لقد كان اليمن قبل ثورة 21 سبتمبر لا يمتلك قدرات عسكرية ولا إمكانات، فكل المجالات الحيوية للدولة كانت مدمرة ومفككة، حتى جاءت ثورة 21 سبتمبر التي غيرت وضع اليمن 180 درجة، فكان من أهم ثمار هذه الثورة المباركة أنها حققت، وخلال 11 عاماً، نقلات كبرى في تأسيس منظومة الصناعات الدفاعية وتطوير عملها للوصول إلى صناعة أحدث الأسلحة والقدرات والتكنولوجيا، لا سيما في مجال صناعة الأسلحة التكتيكية وأسلحة الردع، كالصواريخ الباليستية الأسرع من الصوت، وسلاح الجو المسير، والقدرات البحرية”.
وفي مجال الصواريخ، يؤكد عثمان أن القوات المسلحة اليمنية حققت، بعون الله تعالى، ثورة تطوير متقدمة على المستوى التقني والتطبيقي والعلمي لإنتاج أنواع متعددة من الصواريخ الباليستية، التي وصل بعضها إلى منافسة النظائر الصاروخية التي تصنعها الدول الرائدة عالمياً.
ويوضح أنه خلال المراحل الأخيرة منذ مطلع 2020 إلى اليوم، حققت قواتنا المسلحة، بفضل الله تعالى، اختراقاً تقنياً في صناعة أجيال من نظم الصواريخ أرض-أرض التي تنافس إصدارات (روسيا – الصين – كوريا الشمالية)، منها صواريخ الكروز الجوالة، والصواريخ الباليستية النقطية، والصواريخ فرط الصوتية التي يمكنها بلوغ سرعات تفوق 15 ماخ، والتي تعد أحدث تقنية وصلت إليها القوى العظمى في هذا المجال، حيث أصبح اليمن، بفضل الله تعالى، الدولة الخامسة عالمياً في صناعة هذه الصواريخ المتطورة جداً.
أما في جانب سلاح الجو المسيّر، بحسب عثمان، فقد تم تحقيق إنجازات كبرى، حيث تم تطوير طائرات مسيرة انتحارية قادرة على المناورة والإفلات من مختلف أنظمة الدفاع الجوي، والتي يمكنها بلوغ مديات تصل من 1500 إلى 2500 كم، وهي التي يتم استخدامها في معركة الإسناد لغزة التي تخوضها قواتنا المسلحة ضد كيان العدو الصهيوني.
وعلى مستوى القدرات البحرية وأنظمة الدفاع الجوي، يبين عثمان أن القوات المسلحة حققت إنجازات كثيرة، منها أجيال مختلفة من أنظمة الصواريخ المجنحة المضادة للسفن والزوارق الانتحارية، إضافة إلى صناعة الغواصات المسيرة والصواريخ الباليستية البحرية المضادة للسفن، والتي تعد الباكورة الأولى التي استفرد بها اليمن، وكان الدولة الأولى التي نجحت في استخدامها بكفاءة عالية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحروب البحرية الحديثة.
وبالإضافة إلى أن القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي عملت على إعادة صيانة وتأهيل ما تبقى من المقاتلات الحربية والطوافات وتطوير العديد من المنظومات الدفاعية أرض-جو، التي جرى خلالها تحييد بعض أنواع طائرات تحالف العدوان الأمريكي، منها طائرات مقاتلة ثقيلة وطائرات مسيرة من طرازMQ9، لذلك هناك تطور كبير لا يسعنا تفصيله في هذا السياق.
تحوّل تاريخي:
وعن إنجازات ثورة 21 سبتمبر وما حققته على الصعيد الأمني، يؤكد الخبير العسكري زين العابدين عثمان أن ثورة 21 سبتمبر مثلت نقطة تحول تاريخية ومحطة مفصلية في مسيرة الشعب اليمني، إذ شكلت لحظة عبور حاسمة نحو الأمن والاستقرار، حيث استطاعت الثورة تحقيق إنجازات أمنية وعسكرية كبيرة تمثلت في القضاء على الجماعات التكفيرية مثل “داعش” و”القاعدة”، وتطهير المدن اليمنية من تواجدها بشكل نهائي، الأمر الذي أعاد لليمن ثقله ومكانته الإقليمية، وعزز من استقلاله وسيادته.
ويشير عثمان إلى أن الثورة المباركة أسهمت، بفضل الله أولاً، ثم بحكمة القيادة الثورية والسياسية، في بناء منظومة أمنية واستخباراتية قوية وفعالة، قادرة على مواجهة التحديات والتصدي لحرب التجسس والتخريب التي تقودها دول العدوان الأمريكي والإسرائيلي وأدواتهم في المنطقة. وقد بلغت هذه المنظومة الأمنية مستوى من الكفاءة مكّنها من التفوق على العدوان، رغم التحديات الهائلة والاستهداف المباشر.
وأصبحت المؤسسة العسكرية والأمنية، بعد الثورة، أكثر فاعلية وقدرة على أداء مهامها، إذ تعمل وفق برامج منظمة للبناء والتطوير والتصحيح، بهدف ترسيخ الأمن والاستقرار، وحماية النظام وسيادة القانون، إلى جانب مكافحة الجريمة وإحباط مؤامرات العدوان التي تستهدف الجبهة الداخلية، منوهاً إلى أن ما وصلت إليه اليمن اليوم من قوة أمنية واستقرار لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة جهد دؤوب وعمل مستمر في مجالات التدريب والتأهيل وإعادة البناء، مما جعل المؤسسة الأمنية اليوم أكثر صلابة ونجاحًا في أداء واجباتها.
الواقع الأمني بعد الثورة:
ويؤكد عثمان أن الإنجازات الأمنية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تتعزز يومًا بعد آخر، حيث يتم إحباط العديد من الجرائم قبل وقوعها وضبط مرتكبيها بشكل متواصل. وهذا الواقع الأمني المتقدم يضع ثورة 21 سبتمبر كرقم صعب على المستوى الإقليمي والدولي، خصوصًا في ظل استمرار العدوان الأمريكي والإسرائيلي.
ويشير إلى أن العاصمة صنعاء وسائر المحافظات المحررة أصبحت تعيش حالة من الأمن والاستقرار تختلف جذريًا عن المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال، والتي باتت مسرحًا للفوضى وجرائم الجماعات الإرهابية وقوى الاحتلال، لافتًا إلى أن ما حدث مؤخرًا في مناطق المرتزقة، ومنها محافظة تعز التي تشهد عمليات اغتيال متكررة كان آخرها مقتل امرأة، يُعد جريمة غير مسبوقة.
وحول الدور الذي لعبته الأجهزة الأمنية في تعزيز الأمن، يوضح عثمان أن الوضع الأمني قبل الثورة كان هشًا للغاية؛ فقد كانت صنعاء وغيرها من المدن تعاني من انفلات أمني كبير، وانتشار الجريمة المنظمة، ونشاط كثيف لأجهزة الاستخبارات الأجنبية، كما كانت الجماعات التكفيرية تمارس أبشع الجرائم، من تفجيرات انتحارية وعمليات اغتيال إلى مهاجمة المساجد والمستشفيات، كما حدث في مستشفى العرضي، إلى جانب استهداف الطائرات واختطاف السياح، وتوفير الحماية للمجرمين بمجرد انضمامهم إلى هذه الجماعات.
لكن بعد ثورة 21 سبتمبر، تغير هذا الواقع جذريًا، إذ سدت الثورة الفراغ الأمني الذي خلفه النظام السابق، واستطاعت – رغم محاولات الاختراق من قبل العدوان الأمريكي وأدواته السعودي والإماراتي – التصدي لتلك المحاولات بكل حزم وصلابة، بفضل القيادة الثورية التي تابعت العمل الأمني عن كثب، وعلى رأسها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله.
وأثمرت هذه الجهود نقلات نوعية في أداء المؤسسة الأمنية والعسكرية، حتى أصبحت المحافظات المحررة آمنة وخالية من الجرائم المنظمة، ويعزو عثمان هذا النجاح إلى رجال الأمن الذين حملوا على عاتقهم المسؤولية الدينية والوطنية، وقدموا التضحيات الجسيمة، تاركين خلفهم راحة أسرهم ومصالحهم الشخصية من أجل الوطن.
وما وصل إليه اليمن -بحسب عثمان- من أمن واستقرار في المحافظات الحرة، وامتلاك قواتنا المسلحة للقدرات والأسلحة الضاربة التي تُعد من أحدث أسلحة دول العالم، هو أولاً بفضل الله تعالى الذي وفق وهدى لتحقيق هذه الإنجازات. وهي ثمرة من ثمار ثورة 21 من سبتمبر المباركة والقيادة الحكيمة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله تعالى- الذي قاد جهود هذه الثورة لتكون محطة رئيسية لصنع هذا التحول التاريخي الذي أعاد لليمن حريته واستقلاله وسيادته وموقعه الصحيح كقوة إقليمية فاعلة في موازين القوى والصراع ضد الأعداء، وكقوة لها عمقها الاستراتيجي وموقعها في منافسة الدول العظمى في مجالات التكنولوجيا والصناعات العسكرية.
وأيضًا في تبني دور مركزي في مناصرة قضايا الأمة، بالأخص القضية الفلسطينية ومعركة الإسناد لغزة، فشعبنا اليمني وقواتنا المسلحة اليوم يسطران الموقف الأقوى عالميًا دون منافس في هذه المعركة المقدسة، ويخوضان معركة استراتيجية مفتوحة لم يسبق لها مثيل ضد كيان العدو الإسرائيلي والأمريكي.
وأيضًا في تبني دور مركزي في مناصرة قضايا الأمة، بالأخص القضية الفلسطينية ومعركة الإسناد لغزة، فشعبنا اليمني وقواتنا المسلحة اليوم يسطران الموقف الأقوى عالميًا دون منافس في هذه المعركة المقدسة، ويخوضان معركة استراتيجية مفتوحة لم يسبق لها مثيل ضد كيان العدو الإسرائيلي والأمريكي.
لذا، ما يشاهده الجميع اليوم من موقف شعبنا المتقدم في هذه المعركة والعمليات المستمرة التي تقصف قلب كيان العدو الصهيوني بالصواريخ الفرط صوتية والمسيرات، والعمليات التي تحرق سفنه وأسطوله في مياه البحر الأحمر والعربي، هي من ثمار التولي الصادق لله تعالى الذي أكرمنا بتأييده ونصره ورحمته والعزة التي اختصنا بها، ابتداءً بثورة 21 سبتمبر المباركة والقيادة العظيمة التي عملت على تأهيل شعبنا وقواتنا المسلحة وتطوير كل عوامل القوة، ليصل اليمن إلى ما وصل إليه اليوم من حرية وعزة وكرامة منقطعة النظير.