الخبر وما وراء الخبر

الصبر وصية الله ورهان النصر والفلاح

0

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

17 سبتمبر 2025مـ 25 ربيع الأول 1447هـ

بقلم/ سعاد الشامي

يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
هذا الأمر الالهي هو مشروع رباني متكامل وبرنامج حياة، وخارطة طريق لبناء أمة قادرة على الثبات والانتصار، لم يخاطب الله فيها عموم البشر ؛ بل وجه النداء إلى “الذين آمنوا” لأن الصبر والجهاد والرباط ليست مهامًا عابرة، وإنما عقيدة تتجذر في قلب المؤمن فتجعله أقوى من كل تحديات الحياة.

الصبر هنا ليس مجرد احتمال سلبي للأذى، بل هو واجب ديني ، وقوة إيمانية تولد العزيمة وتبقي المؤمن ثابتًا في مواجهة الأعداء؛ بنفسٍ قادرة على تحمل كل أنواع التضحيات من الجراح والأذي والحزن في سبيل الله.

لم يكتفِ الله بالصبر، بل دعا إلى “المصابرة” وهي أن تستمر أنت بصبرك مهما كان صبر عدوك، ثم تغلبه بزيادة صبرك وثباتك، هذه المصابرة هي سر معركة الوعي اليوم؛ أن تصابر عدوك في كل ميدان وتجعل إرادتك أصلب من حديد اسلحته ، فعدونا اليوم يراهن على إرهاق الشعوب وتخدير إرادتهم، لكن كلما رأى شعبًا يزداد تمسكًا بهويته وقضيته، أدرك أن رصاصة وعي واحدة أقوى من ألف دبابة.

لم يكتفِ الله بالمصابرة بل دعا إلى المرابطة ، وهي الثبات في مواقع الشرف والكرامة، و في كل جبهة من جبهات المقاومة والاسناد بلا تراجع أو انكسار، رباط في الجبهات، رباط في الساحات ، رباط في الجوامع ، رباط في نشر الوعي، رباط في الانفاق ، رباط في الاعداد ، رباط في الاكتفاء الذاتي ،رباط في المقاطعة ، رباط في المؤسسات، رباط في ميادين العلم ، رباط في منابر الكلمة والموقف والحرف.

ثم ختم الله الأمر بالتقوى، وكأنها الضمانة الكبرى للفلاح؛ فالتقوى هي التي تصنع النصر وتحول الألم إلى طاقة والدماء إلى مشاعل طريق ،فالصبر بلا تقوى قد يتحول إلى يأس، والمصابرة بلا تقوى قد تتحول إلى تعصب، أما حين يكون القلب معلقًا بالله يصبح الثبات عبادة، والتضحية قربى، والانتصار وعدًا ربانيًا.

إن صبرنا اليوم ونحن نواجهه العدو الصهيوني الذي يحاول كسر إرادة الأمة الإسلامية وانتهاك مقداساتها وابادة شعوبها عبر القصف والحصار والتشويه الإعلامي والتطبيع مع المنافقين، هو تجسيد عملي لهذه الأمر الألهي المقدس.

وفي النهاية، لا انتصار بلا صبر، ولا حرية بلا مصابرة، ولا فلاح إلا برباط صادق وتقوى خالصة ؛إنها رسالة لكل مؤمن طريق الصبر مليء بالتضحيات، لكنه ممهد بنصر الله.