قمة الإنحدار .. تمخض الجبل فولد فأرًا ..
ذمــار نـيـوز || مقالات ||
16 سبتمبر 2025مـ 24 ربيع الأول 1447هـ
بقلم // د. فاضل الشرقي
في هذه اللحظات من الإنعقاد الإستثنائي والطارئ للقمة العربية الإسلامية في الدوحة التي احتضنت كل رؤساء وزعماء العالم العربي والإسلامي وممثليهم في أحلك الظروف وأصعب المواقف وأخطر التحديات الإستثنائية، ما هي نتائجها وقراراتها؟، وما هو أثرها وخطرها على العدو الإسرائيلي؟
هل أعلن العدو حالة الطوارئ؟ وهل هناك مخاوف من أي تحركات واستعدادات عسكرية وحربية تجعله يحسب حسابه لقرارات هذه القمة ونتائجها؟
هل أثارت هذه القمة عوامل القلق والخوف لدى أمريكا وإسرائيل، ودفعتهم لرفع حالة التأهب والجهوزية لمواجهة مخاطر محتملة ومتوقعه قد تسفر عنها هذه القمة الطارئة والإستثنائية؟، أم أنه في الوقت نفسه وأثناء إنعقاد القمة تماما وبعدها صعّد العدو الإسرائيلي إجرامه وعدوانه البري والبحري والجوي على غزة بشكل غير مسبوق، وكذلك على لبنان وسوريا في تحدٍّ واضح ومهين لهذه لقمة الإنحدار والمنحدرين، وأكد وكرر في تصريحاته المشتركة مع الأمريكي أنه سيضرب من شاء متى شاء وفي أي مكان كان، وأن هذا مبدأ قديم جديد وراسخ لم ولن يتغير أبدا؟ وأكدا الطرفان على وثاقة العلاقة والدعم المتكامل والمطلق لكيان الإحتلال في كل جرائمه وعدوانه؟
المتأمل يلحظ أنه لا يوجد أي شيء من هذا أبدا، وأن العدو لا يحسب لهذه القمة أي حساب، ولا حتى الشارع العربي والإسلامي نفسه، وحتى المؤتمرون والمجتمعون أنفسهم الكل لا يعيرها أي إهتمام ولا يعول عليها إطلاقا، وأن مخرجاتها ونتائجها ستتمخض عن زقرارات وإجراءات هزيلة وضعيفة ومنبطحة جدا تصب في صالح العدو، فتسرع في تنفيذ مخططاته، وتوسع من نطاق جرائمه وعدوانه، كما هو المعتاد من ملوكها ورؤسائها وأمرائها الجبناء الذين لا يتجاوزون -في أحسن حالاتهم- سقف الإدانات الخجولة، ويصدق عليهم المثل العربي الشهير: “تمخض الجبل فولد فأرا”.
طبعا الإعتداء الصهيوني على «قطر» يعتبر إعتداءً على كل الدول والأنظمة العربية والإسلامية كما يقولون ويصرحون، وفي مقدمتها دول الخليج العربي التي تتمتع باتفاقيات حماية ودفاع مشترك فيما بينها، ولديها قوات مشتركة باسم “قوات درع الجزيرة المشتركة” بقيادة المملكة السعودية التي تحتضن مقر قيادتها، وهي قوات عسكرية مشكلة من كل دول مجلس التعاوون الخليجي أنشئت في العام 1982م لحماية أمن دولها، وردع أي عدوان عسكري عليها، وقد كان لها دور كبير في العدوان على اليمن ولا زال، وقبله في قمع الشعب البحريني، وقبله التشارك مع التحالف الأمريكي الغربي في العدوان على العراق آنذاك.
بالنسبة لقوى الأمة الحية وفي مقدمتها حركات الجهاد والمقاومة في اليمن وفلسطين ولبنان فمهما كانت القرارات والنتائج مؤسفة ومحبطة ومخيبة للآمال، فهذا لا يخلو من أمور جيدة ومفيدة تسهم بشكل أكبر في كشف كل الحقائق، وسقوط الأقنعة، وتقطع أي آمال لا زالت باقية هنا أو هناك تعول على أي موقف عربي -أولاً- وإسلامي جاد في حماية الأمة وشعوبها والدفاع عنها وعن مقدساتها من أي طرف كان.
ولقمة «الدوحة» نقول: لم تكونوا بحاجة لاتخاذ قرارات صعبة وتعجيزية عليكم، ولا لإعلان الحرب الشاملة على كيان الإحتلال، ولا حتى لإعلان مقاطعته وفرض الحصار عليه، فهذه كلها أصبحت ضروبا من المستحيل والخيال والأوهام، ولكن الأمر أبسط من ذلك بكثير جدا جدا، كان عليكم أن تتخذوا قرارا جريئا -ولو أمام الشاشات- بدعم وتسليح حركات الجهاد والمقاومة -فقط- لنيل حقوقها المشروعة، وانظروا كيف كانت ستتغير كل الأمور لصالحكم، وتستعيدون بها شيئا من مكانتكم المهدورة، ويحترمكم العدوُّ والصديق.
وها قد انفضت القمة على عجل وخجل ووجل بوجوه سوداء كالحة، عليها غبرة، ترهقها قترة، تناشد أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن لحمايتها من إسرائيل، وتتوسل إسرائيل أن لا تخرِّب جهود السلام التي تعبوا عليها كثيرا، وتؤثر على جهود التطبيع المقبلة والموعودة، بينما هي تقول وتعمل على إسقاطهم جميعا، وتعلنها بالفم المليان.
قمة لم تعرِّج أو تلوِّح بأيِّ موقف يؤثر على العدو، أو يحفظ لها شيئا من ماء وجهها وكرامتها المهدورة، أو يليق بمستوى الخطر والتحدي المعاش والمحدق ولو أمام الكاميرات فقط، بل لم تعطِ العدوان المنفلت في غزة والضفة ولبنان وسوريا وإيران وقطر حقه ومستحقه من الشجب والتنديد، ولم تأت على ذكر اليمن البتة، بل انبرى من على أحد منابرها كلبٌ سافل وحقير من كلاب الصهيونية والخيانة اسمه رشاد -لا رشد فيه ولا رشاد- ليندّد بعمليات الجهاد والإيمان اليماني والبلد العربي الأصيل المساند لغزة وفلسطين وكل الأمة والمقدسات ضد العدو الإسرائيلي والأمريكي المتفرعن دون أن يلقمه أيٌّ منهم حجرا تسد فمه العاوي.