المولد النبوي.. حب وأقتداء يجمعنا من قلب الصومال إلى اليمن
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
15 سبتمبر 2025مـ 23 ربيع الأول 1447هـ
في أجواء مفعمة بالفرح الروحي والبهجة الإيمانية، أحيت شعوب الأمة العربية والإسلامية وجالياتها المنتشرة في أصقاع العالم ذكرى المولد النبوي الشريف، ذكرى ميلاد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الذي أرسله الله رحمةً للعالمين.
فمن آسيا إلى إفريقيا وأوروبا، ومن العواصم العربية والإسلامية إلى قلب صنعاء أرض الإيمان والحكمة، تتعدد مظاهر الاحتفال وتتنوع الطقوس والشعائر، لكنها تجتمع في جوهرها على حب رسول الله وتجديد العهد بالسير على خطاه، والاقتداء بنهجه المبارك في الرحمة والعدل والهداية.
وفي إطار نافذة “الربيع المحمدي”، سلّطت عدسة البرنامج الضوء على مشاركة الجالية الصومالية المقيمة في اليمن، التي حضرت بزخمها الإيماني المميز، وعكست عمق ارتباط الشعب الصومالي بسيرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والحبشة بشكل عام منذ بزوغ فجر الرسالة المحمدية.
رئيس الجالية الصومالية في اليمن، الشيخ إبراهيم عبد القادر معلم، أكد في حديثه أن مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أعظم نعمة للبشرية، قائلاً: “إن رسول الله كان نعمةً للمؤمنين ورحمةً للعالمين أجمعين، فقد قال الله تعالى: (لَقَد مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ). ونحن حين نحتفل بمولده الشريف، فإنما نحتفل بميلاد الرحمة والهداية والنعمة الكبرى التي أكرم الله بها عباده.”
وأضاف الشيخ إبراهيم: “إن ما نعيشه في اليمن اليوم من حشود مليونية تهتف باسم الرسول الأعظم وتتلون بالأخضر في كل الساحات، هو مشهد مهيب يملأ قلوبنا فخرًا واعتزازًا، جئنا من بلد جارٍ شقيق، لكننا نجد أنفسنا في وطننا الثاني اليمن، الذي وصفه الرسول بالإيمان والحكمة، واليوم يثبت هذا الشعب أنه أهل لهذا الوصف النبوي بما يظهره من حب وولاء لنبيه الكريم.”
وتحدث رئيس الجالية بإسهاب عن مظاهر الاحتفاء بالمولد النبوي في الصومال، موضحًا أن هذه المناسبة تحظى بمكانة كبيرة في نفوس الصوماليين، حيث تكتسي المدن والقرى حُلَّةً من الفرح والبهجة، وتتحول الشوارع والساحات إلى مواكب إنشاد وذكر.
وأوضح أن الاحتفالات تبدأ منذ بداية شهر ربيع الأول وتستمر حتى اليوم الثاني عشر، مشيرًا إلى أن المظاهر تشمل المسيرات في الشوارع، الخروجات الجماعية، التجمعات في المساجد والساحات، إضافةً إلى توزيع الحلوى والهدايا الرمزية، وتذكير الأطفال بسيرة النبي وأخلاقه وجهاده، وهو ما يعكس تقليدًا متجذرًا منذ قرون في المجتمع الصومالي.
وقال: “الشعب الصومالي بكل أطيافه مسلم متمسك بدينه، ويُظهر حبًا كبيرًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بزوغ الإسلام في القرن الإفريقي. ففي شهر ربيع الأول، يخرج الناس في مسيرات عامرة بالبهجة، تُذبح الأنعام وتوزع الحلويات، وتُقام حلقات الذكر وتلاوة السيرة النبوية في المساجد. وفي يوم الثاني عشر من ربيع الأول، تتوقف أعمال الدولة وتتحول المناسبة إلى عيد وطني جامع، حيث يجتمع الناس على ذكر النبي والصلاة عليه، في تعبير عن حب متجذر منذ صدر الإسلام.”
وأكد الشيخ إبراهيم أن مشاركة الجالية الصومالية في احتفالات اليمن تعكس عمق الروابط الأخوية بين الشعبين، قائلًا: “نحن في اليمن بين أهلنا وإخواننا، نشعر بالدفء الإيماني والروحاني ذاته الذي نشعر به في مقديشو، وهذه الحشود المباركة في صنعاء وميدان السبعين هي صورة لوحدة الأمة الإسلامية، التي يجمعها حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مهما تفرقت بها الحدود وتباعدت بها الأوطان.”
وهكذا، يتجلى المولد النبوي الشريف كمناسبة جامعة، توحّد مشاعر المسلمين من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، من آسيا إلى إفريقيا، ومن اليمن إلى الصومال وسائر بقاع الأرض.
إنه موعد متجدّد مع الفرح الإيماني، ورسالة متواصلة بأن حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيظل الرابط الأقوى بين قلوب الأمة، والنبراس الذي تهتدي به في حاضرها ومستقبلها.