خيبة أولى في مجلس الأمن.. ما رهانات قطر للرد على العدوان الإسرائيلي؟
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
13 سبتمبر 2025مـ 21 ربيع الأول 1447هـ
تعيشُ قطرُ في مأزقٍ حقيقيٍّ بعدَ العُدوانِ الإسرائيليِّ عليها الأسبوعَ الماضي، فخياراتُ الرَّدِّ هنا تَضيقُ أمامَها، والاحتفاظُ بحقِّ الرَّدِّ يَحشُرُها مع الدُّوَلِ الخليجيَّةِ في زوايا الضَّعفِ وامتهانِ الكرامةِ.
ويتحرَّكُ العدوُّ الإسرائيليُّ منذُ عمليَّةِ طوفانِ الأقصى في السابعِ من أكتوبرَ 2023م في مسارِ استباحةِ المنطقةِ العربيَّةِ واحتلالِها، لكنَّه يواجهُ مقاومةً من بعضِ الدُّوَلِ، وانكفاءً وخوفًا من دُوَلٍ أُخرى، فغزَّة على الرَّغمِ من مساحتِها الصغيرةِ، والعُدوانِ الكبيرِ عليها الذي يشتركُ فيه الأمريكيُّ والغربيُّ ودُوَلٌ عالميَّةٌ، إلَّا أنَّ المقاومةَ تَرُدُّ على الوحشيَّةِ الصهيونيَّةِ بكلِّ الإمكاناتِ المتاحةِ، وقادةُ المقاومةِ الإسلاميَّةِ يؤكِّدون أنَّ خيارَ الاستسلامِ والخنوعِ غيرُ واردٍ في قاموسِهم، وكذلك الحالُ مع المقاومةِ الإسلاميَّةِ في لبنانَ، وفي اليمنِ، والحالُ مع الجمهوريَّةِ الإسلاميَّةِ الإيرانيَّةِ التي وجَّهت صفعةً مدوِّيةً للكيانِ المؤقَّتِ عندما تجرَّأ واعتدى عليها.
لكنَّ الصمتَ والذلَّ هو سِمَةٌ تُلازِمُ الجماعاتِ التي تُسيطرُ على سوريا، فعلى الرَّغمِ من احتلالِ الكيانِ لجبلِ الشَّيخِ الاستراتيجيِّ، ومناطقَ واسعةٍ في الجنوبِ السُّوريِّ، وقيامِ العدوِّ بتنفيذِ غاراتٍ عدوانيَّةٍ متواصلةٍ على دمشقَ ومعظمِ المحافظاتِ السُّوريَّةِ، إلَّا أنَّ الموقفَ لهذه الجماعاتِ لا يتعدَّى الإداناتِ الخجولةَ، مع الحرصِ على التودُّدِ للكيانِ ومحاولةِ التَّطبيعِ معه.
وتدرسُ قطرُ منذُ العُدوانِ الصهيونيِّ الأخيرِ عليها خياراتِ الرَّدِّ، وطبيعتَه، ومسارَها هنا يتجهُ نحوَ الضغطِ الدبلوماسيِّ، والاستعانةِ بمجلسِ الأمنِ الدوليِّ والدُّوَلِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ.. فهل تقودُ هذه الجهودُ نحوَ رَدِّ اعتبارٍ للدَّولةِ الخليجيَّةِ الغنيَّةِ بالنفطِ والغازِ، أم أنَّ كيانَ العدوِّ سيواصلُ عُدوانَه على الدوحةِ تحقيقًا لأهدافِه وأجنداتِه؟
في أوَّلِ الخطواتِ الدبلوماسيَّةِ، فقد نجحت قطرُ في الحصولِ على بيانِ إدانةٍ من قِبَلِ أعضاءِ مجلسِ الأمنِ الـ 15 ومن بينهم الولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيَّةُ، لكنَّ هذا البيانَ أدان الهجومَ على الدوحةِ دونَ أن يذكُرَ اسمَ كيانِ العدوِّ الإسرائيليِّ أو يُلمِّحَ له.
وعلى الرَّغمِ من التَّعاطفِ الكبيرِ والواسعِ مع قطرَ، إلَّا أنَّ الجلسةَ اختُتمت بكلمةٍ للمندوبِ الصهيونيِّ الذي صبَّ المزيدَ من الزيتِ على النَّارِ، ووجَّه توبيخًا لقطرَ بأنَّها تستضيفُ ما يُسمِّيه “الإرهابيينَ” ويقصدُ هنا المجاهدينَ من قادةِ حركةِ حماسٍ واستمرَّ المندوبُ في التَّأكيدِ على أنَّ كيانَه الغاصبَ سيواصلُ الضَّرباتِ على الدوحةِ طالما استمرَّت في استضافةِ حماسَ.
لقد خرجت قطرُ خاليةَ الوفاضِ من اجتماعِ مجلسِ الأمنِ، فالمعروفُ عنه عدمُ الانتصارِ للمظلومينَ، فلم ينتصرْ مجلسُ الأمنِ للقضيَّةِ الفلسطينيَّةِ على مدى عقودٍ من الزمنِ، ولم ينتصرْ لأفغانستانَ، ولا العراقِ، ولا سوريا، فكيف له أن ينتصرَ لقطرَ، والمسؤولونَ القطريونَ حصيفونَ وهم يُدرِكونَ ذلك ويعرِفونَ مجلسَ الأمنِ وتجاربَه مع مظلوميَّةِ الدُّوَلِ.
قمة عربية وإسلامية طارئة
وإذا كانت قطرُ قد أخفقت في خطواتِها الأولى، فإنَّ كلَّ المؤشِّراتِ والقراءاتِ تدلُّ على أنَّ الخطوةَ الثانيةَ لن تجلبَ للدوحةِ سوى المزيدِ من الخيبةِ والانكسارِ، فالقِمَّةُ العربيَّةُ والإسلاميَّةُ التي تستضيفُها قطرُ الإثنينَ القادمَ لن تردعَ كيانَ العدوِّ، لا سيَّما وأنَّ الدُّوَلَ العربيَّةَ المُطبِّعةَ لم تتَّخِذْ حتَّى الآن أيَّةَ إجراءاتٍ عمليَّةٍ وواقعيَّةٍ، ومنها على سبيل المثالِ قطعُ العلاقاتِ الدبلوماسيَّةِ أو طردُ السفراءِ الصهاينةِ من هذه الدُّوَلِ.
وفي وقتٍ سابقٍ قال رئيسُ الوزراءِ ووزيرُ الخارجيَّةِ القطريُّ إنَّ بلادَه تتَّجهُ نحوَ عقدِ قِمَّةٍ عربيَّةٍ إسلاميَّةٍ طارئةٍ، من أجلِ إقرارِ نوعِ الإجراءاتِ التي ستتَّخذُها المنطقةُ لردعِ كيانِ العدوِّ الإسرائيليِّ عن مواصلةِ تنمُّرِه، مُشيرًا إلى أنَّ الخطوةَ “قيدُ التَّشاورِ والمناقشةِ حاليًّا مع الشركاءِ في المنطقةِ”.
ومع أنَّ الولاياتَ المتَّحدةَ الأمريكيَّةَ تُحاولُ طمأنةَ القطريينَ، وتؤكِّدُ أنَّ الحلولَ الدبلوماسيَّةَ هي الحلُّ للمخرجِ من هذا المأزقِ، إلَّا أنَّ قياداتِ الكيانِ وعلى رأسِهم المجرمُ نتنياهو يؤكِّدونَ أنَّهم سيواصلونَ استهدافَ قادةِ حماسَ الموجودينَ في قطرَ، وهذا يضعُ القطريينَ أمامَ خيارَينِ، إمَّا البحثُ عن حلولٍ قويَّةٍ تردعُ الكيانَ، أو أن تطلبَ من قادةِ حماسَ مغادرةَ الدوحةِ والانصياعَ لتهديداتِ الصهاينةِ.
ويُقدِّمُ السيِّدُ القائدُ عبدُ الملكِ بدرُ الدِّينِ الحوثيُّ الحلولَ للأمَّةِ في مواجهةِ العدوِّ الإسرائيليِّ الذي يسعى إلى تثبيتِ معادلةِ الاستباحةِ، وهي بالعودةِ إلى القرآنِ الكريمِ، وإلى رسولِ اللهِ محمَّدٍ صلواتُ اللهِ عليهِ وعلى آلِه في الاستلهامِ للدروسِ والعِبَرِ من سيرتِه المباركةِ، وفي الاهتداءِ بالقرآنِ الهدايةَ الواسعةَ، التي يعرفونَ من خلالها العدوَّ، ويعرفونَ من خلالها خطورتَه، وطبيعةَ الصراعِ معه، مُنبِّهًا إلى أنَّ الرِّهانَ على الأممِ المتحدةِ أو أمريكا أو منظَّمةِ التعاونِ الإسلاميِّ، أو جامعةِ الدُّوَلِ العربيَّةِ هو رهانٌ خاسرٌ.. وهذا ما لا يستوعبُه العربُ حتَّى الآنَ.