قرية مدوة بمحافظة ذمار .. نموذج للتكافل المجتمعي
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
13 سبتمبر 2025مـ 21 ربيع الأول 1447هـ
تجسد قرية مدوة في محافظة ذمار نموذجًا حيًا للتكافل المجتمعي والعمل التطوعي، حيث قام أهالي القرية بمبادرة فريدة من نوعها لإعادة بناء وتعبيد طريقهم الرئيسي الذي ظل يعاني من الإهمال لعقود طويلة.
هذه المبادرة، التي انطلقت تحت شعار “يد تبني ويد تحمي” تُظهر كيف يمكن للجهود الذاتية أن تصنع التغيير وتتجاوز التحديات الكبيرة، مقدمةً بذلك قدوة يحتذى بها لكل المجتمعات.
من جانبه أكد الشيخ مبخوت، مدير المبادرة المجتمعية في قرية مدوة، أن الأهالي قاموا بتنظيم أنفسهم بشكل جماعي لإنجاز هذا المشروع الذي طال انتظاره.
وأشار في تصريح خاص لقناة المسيرة اليوم السبت، ضمن برنامج “نوافذ” فقرة “مبادرات مجتمعية” إلى أن هذه المبادرة تعتمد على التخطيط والتنظيم الدقيق، حيث تم وضع جدول عمل محكم يحدد المهام اليومية لكل فرد، من تكسير الأحجار ونقلها إلى رصها وتعبيد الطريق، وهذا التنظيم سمح بتوزيع الأدوار بشكل فعال، مما ضاعف من سرعة الإنجاز.
وأكد أنه وفي ظل الظروف الصعبة، لم ينتظر الأهالي الدعم من الخارج، بل قاموا بجمع التبرعات من بعضهم البعض لتوفير الاحتياجات الأساسية للعمال، مثل الغذاء والشراب، مبيناً أن هذا التكافل يضمن استمرارية العمل دون انقطاع، لافتاً إلى جميع المشاركين، من كبار السن إلى الشباب، يشاركون في العمل التطوعي، سواء بنقل الأحجار من الجبال الوعرة أو تكسيرها، موضحاً أن هذا العمل الشاق يتم بأدوات بسيطة وعزيمة كبيرة، مما يبرز مدى إيمانهم بأهمية هذا المشروع لمجتمعهم.
ورغم الإنجازات الملموسة التي حققها الأهالي، يواجهون صعوبات كبيرة في تنفيذ المشروع، أبرز هذه الصعوبات تتمثل في غياب الآليات والمعدات الثقيلة، مما يجعل العمل شاقًا ومكلفًا، فالأحجار التي تُنقل من الجبال لتعبيد الطريق يتم نقلها يدويًا، مما يعيق سرعة الإنجاز ويتطلب جهدًا بدنيًا هائلاً.
هنا، يوجه الأهالي رسالة واضحة إلى الجهات المعنية، وعلى رأسها محافظ المحافظة، بضرورة التدخل ودعم هذه المبادرة، فالدعم بالآليات والموارد سيسرع من إنجاز المشروع، ويخفف العبء عن كاهل المتطوعين، ويضمن إتمام الطريق الذي سيكون شريان حياة للقرية.
ويوجه أهالي مدوة، من خلال هذه المبادرة، رسالة قوية إلى الجهات المعنية في اليمن، يطالبون من خلالها الجهات الرسمية بالنظر في مبادرتهم ودعمها، لكونها نموذجًا يحتذى به في التنمية المحلية، حيث وهذا العمل يثبت أن المجتمعات المحلية قادرة على إنجاز المشاريع الكبرى إذا توفرت الإرادة والتكاتف، كما أنه يؤكد أن المجتمعات المحلية قادرة على أن تكون فاعلة في عملية التنمية، ولا يجب أن تقتصر التنمية على التدخلات المركزية. هذه المبادرة هي دليل على أن الشعب يمكنه بناء بلاده إذا ما وجد الدعم والمساندة.
وتعتبر مبادرة أهالي قرية مدوة في بناء طريقهم نموذجًا فريدًا من نوعه، يجسد روح التكافل والتضحية التي يتمتع بها الشعب اليمني. هذه المبادرة تستحق كل الدعم والتقدير، وتؤكد على أن التنمية المستدامة تبدأ من المجتمعات المحلية نفسها، وأن الإرادة والعزيمة يمكن أن تتغلب على أصعب الظروف وأعقد التحديات.