في حشد مليوني بصنعاء.. اليمن يجدّد ترسيخ موقفه “الجامع” ويعتبر دماء الشهداء وقودًا لمزيد من العطاء
ذمــار نـيـوز || متابعات ||
12 سبتمبر 2025مـ 20 ربيع الأول 1447هـ
شهدت العاصمة صنعاء، عصر الجمعة، مسيرةً مليونيةً حاشدةً؛ تأكيدًا على مواصلة الموقف المساند لغزة، مهما كانت التضحيات والتحديات والجرائم التي يرتكبها العدوّ الصهيوني بحق شعبنا اليمن.
وفي طوفان هادرٍ حمل شعارَ “وفاءً للشهداءِ.. لن نتراجعَ في إسنادِ غزةَ مهما كانت التضحيات”، جسّد اليمانيونَ حقيقةَ ثباتهم وتمسّكهم بموقفهم الديني والإنساني والأخلاقي المشرِّف، مؤكّـدين أن الجرائم المرتكَبة بحق المدنيين والمنشآت الخدمية والإعلامية لن يؤديَ إلا لمزيد من القوة والاندفاع والإصرار على مواصلة معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”.
وكالعادة، كانت أعلامُ فلسطينَ العملاقةُ تزيِّنُ الحشدَ المليوني، ومن حولها الأعلامُ اليمنية، في إشارة إلى أن اليمنَ سيظلُّ حولَ غزة والقضية الفلسطينية حتى النصر المؤزر بإذن الله.
المشاركون حملوا الراياتِ واللافتاتِ وصور الشهداء القادة في محور الجهاد والمقاومة، وشهداء معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، وفي مقدمتهم رئيس حكومة التغيير والبناء الشهيد المجاهد أحمد غالب الرهوي، وصور رفاقه الوزراء الذين استُشهدوا على طريق القدس.
الحشود التي تقاطرت من كُـلِّ مديريات أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء حتى فاض الميدانُ والمربعاتُ المستحدثة، استهجنت العدوانَ الصهيوني على قطر واستهدافَ الوفد المفاوض لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكّـدين أن هذه الجرائم النكراء توجبُ على الأُمَّــة التحَرّكَ العاجلَ لحفظ ماء وجهها وتفادي الارتدادات الناجمة عن توسع العربدة الصهيوأمريكية.
ولفت أحرار الشعب اليمني إلى أن الدماءَ التي سُفكت في اليمن والأرواح التي ارتقت جراء الغارات الصهيونية الغادرة والجبانة، هي وقودٌ تحَرِّكُ شعبَنا لمزيد من العطاء والتضحيات والإقدام في معركته المقدَّسة إلى جانب الشعب الفلسطيني.
ومع تعالي صرخات الحشد المليوني بوجه الطواغيت أمريكا وكيان العدوّ الصهيوني، هتف اليمانيون بعبارات أكّـدت صلابةَ الموقف اليمني تجاه كُـلّ الشعوب التي تتعرَّضُ للاعتداءات والانتهاكات الصهيونية، مجدِّدين العهدَ لفلسطين بمواصلة طريق الجهاد والاستشهاد حتى النصر الموعود.
وردًّا على الإجرام الصهيوني، زأر المشاركون بهُتافات: “سُحقًا يا أعداءَ الله.. لسنا نخشى إلا الله”، “مع غزة؛ مِن أجلِ الله.. ووفاءً لرسول الله”، “الشهداء أحباب الله.. واليهود أعداء الله”، “مع غزة والدرب جهاد.. إما نصر أَو استشهاد”، “قَسَمًا عَظَمًا لو نتقطع.. من غزة شبرًا لن نرجع”، “بالله ونعم الوكيل.. سنواصل ضرب إسرائيل”، “يا غزة يا فلسطين.. معكم كُـلّ اليمنيين”.
اليمانيون توجّـهوا بهتافاتهم إلى الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية، مردّدين بحناجرَ ثورية: “الصهيوني عدوُّ الأُمَّــة.. لا يرعى عهدًا أَو ذِمَّة”، “مشروع إسرائيل خطير.. لا ينفع معه التأخير”، “يا أُمَّـة هذا أقصاكم.. أين الغيرة أين إباؤكم”، “يا أُمَّـة نشجب وندين.. عودي لله وللدين”.
كما أظهر عنفوانُ الحشد المليوني أن اليمن يحمل مشروعًا جامعًا يبني الأُمَّــةَ ولا يفرِّقها، مؤكّـدين بصوتٍ هادر: “مع دولة قطر العربية.. ضد الهجمة الصهيونية”، “مع كُـلّ الدول العربية.. ضد الحرب الصهيونية”، “أمريكا الشيطان الأكبر.. من يتولّاها فسيخسر”.
ومع تعالي الأصوات وارتفاع القبضات، سردت الهُتافاتُ أَيْـضًا طبيعةَ الموقف اليمني بالقول: “جمعة غضب مليونية.. ضد الحرب الصهيونية”، “بهُويتنا الإيمانية.. ضد الحرب الصهيونية”، “وشعورًا بالمسؤولية.. ضد الحرب الصهيونية”، “باستنفار وجهوزية.. ضد الحرب الصهيونية”، “نتضامن دينًا وحميّة.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع أمتنا الإسلامية.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع غزة في الأولوية.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع غزة روح القضية.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع لبنان مع سورية.. ضد الحرب الصهيونية”، مع إيران الإسلامية.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع قطر ضد الهمجية.. ضد الحرب الصهيونية”، “مع كُـلّ الدول العربية.. ضد الحرب الصهيونية”.
رسائل الثبات:
وفي خضم المسيرة، اعتلى القائمُ بأعمال رئيس الوزراء، العلامة محمد مفتاح، مِنصةَ المسيرة، لإلقاء البيان الختامي، مستهلًّا ذلك بكلمة أكّـد فيها أن الفلسطينيين هم الذين يمثِّلون الشرفَ الإنساني ويجاهدون جهادَ المستبسلين الأحرار الصامدين، الصابرين.
وَأَضَـافَ مخاطبًا قوى الطغيان بالقول: “إن الشعب الفلسطيني المؤمن قد هزموكم بالفعل في ميدان الصبر والصمود بتضحياتهم رغم ترسانتكم العملاقة، ونحن نساندُهم بالدماء وبكل غالٍ وعزيز، فهم أحقُّ بأن يقفَ معهم كُـلُّ الشرفاء، وأبناء الشعب اليمني هم الأوفياءُ والشرفاء ولن يخذلوهم”، متابعًا في خطابه للأعداء: “أيها المنظومة الإجرامية يا تحالفَ الشر العالمي، لن نخضع لكم اليوم، ولن نركع ولن نذل عندما تستهدفون المدنيين، كما جرى قبلَ أمس في قلب العاصمة صنعاء عندما استهدفتم حيًّا مدنيًّا، ومنشأةً إعلاميةً وسط حي مدني مكتظ بالسكان”.
وزاد بقوله للأعداء: “لن تخضعونا ولن تذلونا، أنتم المجرمون الذين تستهدفون غزةَ لعامين كاملين وتهدمون في غضون ساعات أكثرَ من خمسين بُرجًا سكنيًّا يقطُنُها الآلاف، وتقولون بأن الفلسطينيين إرهابيون، بعدَما اغتصبتم أرضَهم وشرَّدتموهم في الأرض، وتواصلون اليوم قتلَهم بأسوأ وأفظع الجرائم؛ فماذا تسمون جرائمَكم وتدميرَكم وتجويعَكم لأهل غزة”.
ولفت العلامة مفتاح إلى أن هذه المسيرات “تأتي وفاءً للشهداء الأبرار من كُـلّ الأُمَّــة، وفي مقدمتهم الشهداء من أبناء غزة الذي بلغوا عشراتِ الآلاف، منهم أكثرُ من عشرين ألف طفل، و13 ألف امرأة، والذين استُشهدوا على مرأى من كُـلّ العالم، بمن فيهم العرب والمسلمين الذين وللأسف الشديد يخنعون لأمريكا”.
وتوجّـه في خطابه إلى الشعب اليمني بقوله: “يا شعبَ الوفاء يا أبناء يمن الإيمَـان والحكمة والجهاد والبطولة، أنتم اليوم تمثِّلون شرفَ الدفاع عن الأُمَّــة”.
وخاطب أُسَرَ الشهداء الذين استُشهدوا على طريق القدس: “شرفٌ عظيمٌ لنا أن نكونَ في هذا الطريق، وأن يكونَ منا شهداءُ قادةٌ وحكومةٌ بأكملها تُستهدَفُ على طريق القدس، هذا شرف عظيم لكم أيها الشعب اليمني العظيم”.
وأوضح أن العدوَّ الذي يستهدف اليمن اليوم، هو يستكمل عدوانَ المنظومة الصهيونية العالمية الذي بدأ بحربٍ عدوانية ظالمة آثمة في 2015م تحت عنوان التحالف العربي، وما هو إلا يافطةٌ للمنظومة الصهيونية العالمية، حَيثُ قتلوا ودمّـروا، ولم يتركوا شيئًا في اليمن إلا استهدفوه، وما تبقَّى جاء الأمريكي والبريطاني لاستكماله في حرب استمرت عدة أشهر.
وقال: إنَّ “العدوَّ الإسرائيلي ينفِّذُ اليوم بقيةَ العملية الإجرامية؛ ظنًّا منهم بأنهم سيركعون اليمن ويخضعونه، لكننا نقول لهم هيهاتَ منا الذلة، فقد انتصرنا عليكم طيلةَ 11 عامًا”.
واختتم كلمتَه بتهنئة الشعب اليمني على الملحمة الإيمَـانية اليمانية النبوية المحمدية التي سطّروها يوم الثاني عشر من ربيع الأول في ذكرى ميلاد خاتم الأنبياء والمرسلين -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- وَسَلَّـمَ-، والذي كان أعظمَ احتفال بهذه الذكرى، وتفرّد اليمنيون في إحيائه على ذلك المستوى العظيم والجليل والكبير، في ظل التحدياتِ الكبيرة والخطيرة التي تواجهُ الأُمَّــة.