الخبر وما وراء الخبر

الجريمة المتكاملة: إبادة ممنهجة لذوي الإعاقات في غزة

3

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

7 سبتمبر 2025مـ 15 ربيع الأول 1447هـ

تقرير || محمد الكامل

يواصل الاحتلال الصهيوني تنفيذ سياسات الإبادة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة، غير مستثنٍ أحدًا، بما في ذلك أكثر الفئات هشاشة وضعفًا: ذوو الاحتياجات الخاصة، الذين باتوا اليوم على هامش الكارثة، بلا صوت ولا سند.

ففي وقتٍ تصاعدت فيه وتيرة الغارات والقصف، واشتدت فيه حدّة الحصار والتجويع، يرزح أكثر من 180 ألف فلسطيني من ذوي الإعاقات– أي ما نسبته 7 إلى 8% من سكان القطاع – تحت ظروف قاهرة تفوق الوصف، حيث يعاني هؤلاء الذين – من إعاقات حركية، بصرية، سمعية أو ذهنية-، أصبحوا في قلب المأساة، وسط دمار ممنهج واستهداف مباشر للبنى التحتية والمراكز الخدمية.

وأعلنت الجمعية الدولية لعلماء الإبادة الجماعية وهي الجهة الأكاديمية الأبرز عالميًا في هذا المجال – أن ما يحدث في غزة يستوفي معايير الإبادة الجماعية، وفق القانون الدولي، استنادًا إلى التعريفات الواردة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، واتفاقية لاهاي، وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة.

ويكفي بحسب ذات المرجع، أن يتم القضاء على 1% من جماعة عرقية أو دينية أو قومية حتى تتحقق عناصر الجريمة، فيما تُظهر إحصائيات رسمية فلسطينية ودولية أن الاحتلال قد تسبب في إبادة نحو 10% من سكان غزة منذ بدء العدوان الأخير، ما يرفع مستوى الجريمة إلى ما يتجاوز الإبادة الجماعية التقليدية.

وتشير البيانات في غزة، إلى أن أكثر من 60%، من ذوي الاحتياجات الخاصة يعتمدون على أدوات مساعدة كالكراسي المتحركة، الأطراف الصناعية، السماعات، والأجهزة الطبية المعينة.

وتكمن المأساة الكبرى في أن أكثر من نصف هذه الأدوات متهالكة أو خرجت عن الخدمة بسبب تدمير المراكز الصحية ونقص الإمدادات الناتج عن الحصار الخانق.

ووفق تقارير طبية محلية، فإن أقل من عشرة مراكز تأهيل متخصصة فقط ما زالت تعمل جزئيًا في القطاع، بعد أن تعرض معظمها للقصف المباشر أو توقف عن تقديم الخدمات بسبب نقص الكوادر والمعدات، ما ترك عشرات الآلاف من ذوي الإعاقة بلا علاج أو دعم نفسي أو خدمات تأهيل.

مجاعة وبؤس نفسي.. نسب مرعبة

ويعاني 70% من ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون من سوء التغذية، تحديدًا من نقص البروتينات والخضروات الطازجة، مما فاقم من حالتهم الصحية وأضعف مناعتهم، خصوصًا في ظل حرمانهم من الرعاية الطبية المستمرة.

أما على الصعيد النفسي، فقد كشفت دراسات ميدانية أن أكثر من 80% منهم يعانون من اضطرابات نفسية حادة، تشمل الاكتئاب، القلق، اضطراب ما بعد الصدمة، والشعور بالعزلة نتيجة النزوح القسري وفقدان البيئة الآمنة والمهيئة لاحتياجاتهم.

ويتقاسم ذوي الاحتياجات الخاصة خيام النزوح التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، مع بقية أهل غزة، لكنهم يتحملون العبء الأكبر. كيف لإنسان لا يستطيع الحركة أو يعاني من إعاقة ذهنية أن يهرب من صواريخ؟ أن ينتظر طابورًا على مساعدات؟ أن يصمد في وجه الجوع؟

في الأخير كل ما سبق يندرج ضمن جريمة حرب وجريمة إبادة جماعية وفق القانون الدولي الإنساني، وتحديدًا المواد 6 و7 و8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تجرّم استهداف المدنيين، والحصار بغرض التجويع، واستهداف البنى التحتية الحيوية، وحرمان السكان من الخدمات الطبية والإنسانية.

ولم تكتف آلة القتل الصهيونية بالتجويع والقصف، بل تعمدت استهداف مراكز التأهيل، كما وثقت منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أطباء بلا حدود”، فضلاً عن استهداف طرق الإجلاء والمساعدات، مما حوّل مراكز توزيع الإغاثة إلى مصائد موت.