الخبر وما وراء الخبر

الأورومتوسطي: جيش العدو يُدمر يوميًا نحو 300 وحدة سكنية بغزة بالعربات المفخخة

2

ذمــار نـيـوز || متابعات ||

1 سبتمبر 2025مـ 9 ربيع الأول 1447هـ

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش العدو الإسرائيلي يدمر يوميًّا في مدينة غزة وبلدة جباليا نحو 300 وحدة سكنية كليًّا أو جزئيًّا، باستخدام نحو 15 عربة مفخخة تحمل بما يقارب 100 طن من المتفجرات.

وأشار المرصد في بيان له، اليوم الاثنين، إلى أن هذه التفجيرات تجري بوتيرة متسارعة وغير مسبوقة، تحقيقًا للهدف المعلن بتدمير مدينة غزة وتهجير سكّانها، وفي إطار التصعيد الخطير لجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة في قطاع غزة منذ حوالي 23 شهرًا.

وأوضح أنّ فريقه الميداني وثّق تكثيف جيش العدو استخدام العربات المدرّعة المسيّرة المفخخة بأطنان المتفجرات، لتدمير ومحو المربعات السكنية بوتيرة متصاعدة.

وذكر أن العدودمّر بالفعل معظم المنازل والبنى التحتية في جباليا البلد والنزلة، ويزحف في ذات الوقت بالتدمير الشامل نحو قلب مدينة غزة من محاورها الجنوبية والشرقية والشمالية.

ولفت إلى أن فريقه وثق منذ إعلان جيش العدو الجمعة الماضية، إنهاء ما كان يسمّيها الهدنة الإنسانية المؤقتة في مدينة غزة، تضاعف عدد العربات المفخخة التي يفجّرها من نحو 7 عربات إلى ما قد يصل إلى 15 عربة مفخخة يوميًّا.

وبين أن كل من هذه العربات تُجهز بمواد شديدة الانفجار يصل وزنها في بعض الأحيان إلى نحو 7 طن، ويتم توجيهها للتفجير في جباليا البلد وجباليا النزلة شمال مدينة غزة، وأحياء الزيتون والصبرة والشجاعية والتفاح جنوبي وشرقي غزة، ومنطقتي الصفطاوي وأبو إسكندر شمال غربي المدينة.

وأكّد أنّ الوتيرة غير المسبوقة لتدمير ومسح الأحياء السكنية في غزة بواسطة العربات المفخخة يشير إلى أنّ “إسرائيل” مصمّمة على تنفيذ خطتها لمحو المدينة عن الوجود.

وتشير التقديرات إلى أنّها قد تحتاج إلى شهرين فقط لتدمير باقي المدينة قياسًا على الوتيرة الحالية، والتي قد تتصاعد مع مرور الوقت، نظرًا للإمكانيات النارية الهائلة التي يمتلكها الجيش، وغياب أي عوامل ضاغطة على “إسرائيل” لوقف جرائمها ضد الفلسطينيين.

وأشار المرصد إلى أنّ فريقه الميداني وبعد تقييمات أولية لنتائج عمليات النسف بواسطة العربات المفخخة، يقدّر أنّ كل عربة مفخخة كفيلة بتدمير نحو 20 وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي بالغ، وهو ما يعني -على المدى الزمني القريب- خسارة مئات آلاف الأشخاص لمنازلهم وأماكن إيوائهم، وإجبارهم على النزوح مرة أخرى في ظروف مميتة، ودون أدنى مقومات البقاء والنجاة.

وبيّن أنّ العربات المفخخة هي في الأساس آليات عسكرية إسرائيلية (مثل ناقلات جند قديمة) يجري تحميلها بأطنان من المواد المتفجرة وتسييرها عن بُعد وسط الأحياء المدنية، بحيث يوجّهها الجيش لتنفجر في مواقع مختارة بعناية لإحداث أقصى قدر ممكن من الدمار.

وأوضح أنّه في بعض الحالات لا تُفخّخ العربة ذاتها، بل تُجهّز بصناديق ضخمة محملة بالمتفجرات، حيث تُقاد إلى الموقع المستهدف وتُفرغ حمولتها ثم تعود إلى مشغّليها لإعادة استخدامها في عمليات أخرى، ما يكشف عن نهج عسكري منظّم لتدمير الأحياء السكنية بطريقة ممنهجة ومضاعفة الأثر التدميري.

ونبّه الأورومتوسطي إلى أنّ الأثر الكارثي للعربات المفخخة لا يقتصر على التدمير المادي للأحياء السكنية، بل يتعداه إلى استخدام منهجي للإرهاب النفسي ضد السكان المدنيين.

وأكد أن جيش الاحتلال يتعمّد تفجير معظم تلك المفخخات في ساعات متأخرة من الليل أو في الفجر، لإشاعة أقصى درجات الرعب والفزع ودفع السكان قسرًا إلى النزوح.

ونوه إلى أن هذه التفجيرات تُحدث أصواتًا مدوّية تهزّ أرجاء مدينة غزة، فيما ترتجف المباني المتبقية تحت وطأة الموجات الانفجارية العنيفة، بما يضاعف معاناة السكان ويحوّل حياتهم اليومية إلى حالة دائمة من الرعب وانعدام الأمان.

وبيّن أن دوي الانفجارات الناجمة عن تفجير العربات المفخخة يصل في كثير من الأحيان إلى مسافات بعيدة تتجاوز مساحة قطاع غزة بأكمله، حيث يُسمع على نطاق يزيد عن 40 كم من مركز الانفجار، ما يعكس التدمير الواسع الذي يخلّفه هذا النوع من الأسلحة التي تستخدمها “إسرائيل” لمحو المدن في القطاع.

وأضاف أنّ تقاعس المجتمع الدولي وتواطؤه الفاضح، وامتناع الدول ذات النفوذ والكيانات الأممية والدولية المعنيّة عن محاسبة “إسرائيل” على جرائمها، مكّن جيشها من المضي في جريمة تدمير غزة بصورة علنية، ومن دون حتى محاولة التذرّع بمبررات قانونية لإضفاء الشرعية عليها.

وشدّد على أنّ استخدام “إسرائيل” للعربات المفخخة محظور بشكل صريح بموجب القانون الدولي الإنساني، إذ تُعد من الأسلحة العشوائية بطبيعتها التي لا يمكن توجيهها بدقة أو حصر آثارها في نطاق الأهداف العسكرية وحدها.

وأكد أنه وبسبب طبيعتها الانفجارية واسعة النطاق، فهي تصيب المدنيين والأعيان المدنية بشكل مباشر وعشوائي، في خرق واضح لمبدأي التمييز والتناسب، وهما من الركائز الأساسية للقانون الدولي الإنساني.

وقال إن هذه الأسلحة تُدرَج ضمن فئة الأسلحة المحظورة، وأنّ استخدامها في المناطق السكنية يشكّل جريمة حرب بحد ذاتها، وجريمة ضد الإنسانية طالما نتج عنه قتل واسع، أو تهجير قسري، أو حرمان من شروط الحياة الأساسية، في إطار هجوم منهجي أو واسع النطاق موجّه ضد السكان المدنيين.

وأوضح أنّ استخدام هذه الوسائل التدميرية، وفي مقدمتها العربات المفخخة، لا يقتصر أثره على إزهاق الأرواح وتشريد السكان في ظروف قاتلة فحسب، بل يهدف أيضًا إلى محو الأحياء السكنية والبنية التحتية بشكل كامل، بما يحول دون أي إمكانية لإعادة الحياة إلى المدينة، ويقوّض مستقبل الفلسطينيين وحقهم الأصيل في البقاء على أرضهم والعودة إلى ديارهم.

وحذّر الأورومتوسطي من أنّ أكثر من مليون فلسطيني في مدينة غزة يواجهون مخاطر وجودية على حياتهم، في ظل تمدّد عمليات التدمير الإسرائيلي وسياسات التجويع وقرارات التهجير القسري، وسط صمت دولي غير مبرَّر على هذه الجريمة غير المسبوقة.