طريق القـدس: نحو تحالف إسلامي إنساني لإنقاذ غـزة
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
21 أغسطس 2025مـ – 27 صفر 1447هـ
بقلم/ عبدالله علي صبري
ربما تأخرت الفكرة كثيرا، فنحن على مشارف العامين ومذبحة الإبادة الجماعية في غزة متواصلة، بينما العالم العربي والإسلامي في حالة سبات مستدام. وبرغم أن العالم في الشرق والغرب لم يكف عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، فقد بدت أمتنا عاجزة، خائرة، وربما غير مبالية بما حدث وقد يحدث، فلا إنسانية حركت مشاعرها، ولا عروبة أيقظت ضميرها، ولا إسلام استفز أواصر الأخوة وواجبات الإيمان فيما بينها.
لكن ما قد يكون محفزا للبحث في تحالف إسلامي إنساني لإنقاذ غزة، أن العدو الصهيوني قد وجد الفرصة سانحة للكشف بكل وقاحة عن مخطط ومشروع إسرائيل الكبرى القديم الجديد، وهذا يعني أن الأمة برمتها في مرمى الاستهداف بدءا بالدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة.
حيثيات وموجبات التحرك لا تحتاج لمزيد من الشرح، لكنها بحاجة أكيدة لمستوى متقدم من الإرادة والعزم، وما يوازيه من ضرورات التنسيق المشترك بين الدول الوازنة، التي تستطيع اتخاذ القرارات والخطوات العملية، بالاستفادة من الفرص المتاحة، وأهمها أن ثمة دول وشعوب خارج الدائرة الإسلامية، عبرت وتعبر عن تضامنها مع غزة ورفضها المطلق لجريمة القرن التي يرتكبها الصهاينة، وبلغت ذروتها مع سياسة التجويع الممنهج، التي أودت بحياة الآلاف تحت وطأة الجوع والمجاعة والنقص الحاد في التغذية، واستمرار الحصار المطبق، ومنع دخول المساعدات الإنسانية، بل ومصادرتها في كثير من الأحيان، حال دخول النزر اليسير منها.
ويمكن للدول العربية والإسلامية أن تعلن عن قيام التحالف الإنساني، من خلال اجتماع مشترك، بحضور ممثلين لدول مثل جنوب أفريقيا، وفنزويلا، وكولومبيا، مع إشراك ما أمكن من منظمات إقليمية ودولية، وشخصيات أممية، من المعنيين بالشؤون الإنسانية، وحقوق الإنسان.
على أن يكون الهدف المعلن للتحالف، اعتبار “غزة منطقة آمنة ومحمية إنسانيا”، وحظر العمل العسكري في أجوائها، وضمان تدفق المساعدات الغذائية والدوائية إلى المنكوبين، والمساعدة على عودة الخدمات الأساسية ومقومات الحياة الطبيعية، وإعادة الإعمار المبكر في كل مربعات القطاع، بالإضافة إلى حماية المساعدات والنساء والأطفال والكوادر الطبية، وإيقاف التهجير القسري.
في هذا السياق علينا أن نتذكر ما قام به حلف النيتو بالنسبة للبوسنة ( 1993- 1995)، وبالنسبة لليبيا في 2011، وقرارات مجلس الأمن التي أجازت اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية المناطق الآمنة.
بالطبع في حالة غزة لم ولن يسمح الأمريكي بقرارات لصالح الفلسطينيين من داخل مجلس الأمن، لكن بإمكان التحالف التحرك في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويمكنه الاتكاء إلى قرارات محكمة الجنايات الدولية بحق مجرمي الحرب وعلى رأسهم نتنياهو، فالإبادة الجماعية جريمة لا تسقط بالتقادم ويجوز لأي دولة أو مجموعة دول التحرك ضدها، بحسب القانون الدولي..
وبالإمكان استنساخ تجربة عاصفة الحزم سيئة الصيت، فقد تشكل التحالف العربي في 2015 دون موافقة صريحة من مجلس الأمن، بل وباشر مهام العدوان على اليمن قبل الرجوع إلى المنظمة الأممية، واستصدار القرار 2216 ( 2015 )، بنحو عشرين يوما.
بالموازاة، وإلى جانب الخيار العسكري، فإن التحالف الإنساني يجب أن يتضمن حزمة من الإجراءات الاقتصادية، من خلال مقاطعة صارمة للكيان الصهيوني، وللدول التي تمده بالسلاح، وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وألمانيا.
إن إجراءات عملية كهذه ستحظى بدعم شعبي وعالمي، وهي الفرصة المناسبة لتحريك الشارع العربي والإسلامي، كورقة ضغط إضافية تبعث رسائل الصحوة والوحدة والتضامن. ثم إن المسار الديبلوماسي، سيجد فرصته في الأروقة والمحافل الدولية، شرط التوقف كليا عن أحاديث السلام وحكاوي حل الدولتين.