الدراما اليمنية المساندة لغزة.. المومري في معبر رفح
ذمــار نـيـوز || أخبــار محلية ||
16 أغسطس 2025مـ – 22 صفر 1447هـ
يقدِّمُ اليمنُ صورةً مشرقةً للتضامن الوفي والمخلِص مع القضية الفلسطينية والمناصِرة الصادقة للمقاومة الإسلامية في غزة التي يتعرض سكانُها لحرب إبادة جماعية وتعطيش وتجويع من قبل كيان العدوّ الإسرائيلي.
وتتنوّع الأنشطةُ اليمانية المساندة لغزة؛ فالمسيرات المليونية تملأ الساحات يوم الجمعة، من كُـلّ أسبوع؛ لتؤكّـد مدى ثبات اليمنيين ومساندتهم لغزة، واستنكارهم لجرائم حرب الإبادة والحصار الغاشم على القطاع، في حين لا تتوقف الوقفاتُ الشعبيّة والمسيرات الطلابية والندوات والأمسيات المتعددة، وجميعها تصب في خدمة هدف واحد وهو الانتصار لغزة.
ويعد الإسناد العسكري من أبرز الأدوات الصُّلبة التي يمارسها اليمن نصرةً لغزة، من خلال الحصار البحري المحكم على موانئ كيان العدوّ، ولا سيما ميناء “أُمِّ الرشراش” جنوبي فلسطين المحتلّة، حَيثُ أَدَّى الحصار إلى إغلاق الميناء بالكامل، وتوقفه عن العمل.
وإلى جانب الحصار البحري، لا تتوقّف القواتُ المسلحة اليمنية عن إطلاق الصواريخ الباليستية الفرط صوتية والطائرات المسيَّرة صوبَ مغتصبات العدوّ في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، في رسالة عزة وكرامة وإسناد لا مثيلَ له في العالم، وكُلُّها جهودٌ كبيرة وجبارة تخدِمُ هدفًا واحدًا وهو الانتصار لغزة ضد التوحش والدموية الصهيونية.
وفيما يتعلق بجبهة الإسناد اليمنية في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، يؤكّـد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- أن الموقف اليمني متكامل “رسميًّا وشعبيًّا وعسكريًّا وفي كُـلّ المجالات”، ويمثل أُنموذجًا فريدًا، وهو بالفعل ما يحدث؛ فالخروج الشعبي المليوني مِثالٌ فريد، والعمليات العسكرية عمل فريد، والوقفات والمسيرات وكل الفعاليات عمل فريد من نوعه.
ومن أهم الأنشطة التي لم تحظَ بالتغطية الإعلامية، يقدم الفنانون اليمنيون أعمالًا بديعةً توصل رسائلَ اليمن في إسناد غزة، سواء بالمقاطع الصغيرة أَو الأعمال الدرامية الكبيرة.
وبرز الناشطُ مصطفى المومري كواحد من هؤلاء الفنانين الذين كرّسوا جُهدَهم في تقديم محتوى مناسب يخدِمُ القضية الفلسطينية وينتصر لها، من خلال أعمال متنوعة، جسَّدت الواقعَ الفلسطيني، ومأساة سكان غزة، وجرائم العدوان الصهيوني غير المسبوقة مقابلَ الصمت والتواطؤ العالمي.
وفي واحدٍ من أحدث أعماله يقدم المومري عملًا دراميًّا مميزًا بعنوان “معبر رفح”، حَيثُ يظهر مشاهدَ مصوَّرة وكأنه في المعبر المصري، ويظهر تكدُّس الشاحنات أمام المعبر، وعجز السلطات المصرية في إدخَال المساعدات لسكان غزة المحاصرين، والذين لا يجدون منفذًا لهم سوى معبر رفح.
ويسلّط المومري الضوءَ على مأساة سكان غزة الجائعين، والباحثين عن كسرة خبز أَو شربة ماء، في حين يكتظُّ المعبر بالمئات من الشاحنات والتي تواجه عجزًا في الدخول إلى القطاع، ثم يقدم نقدًا لاذعًا للجيش المصري، وكيف يسمح له ضميرُه أن يشاهدَ سكان غزة يموتون من الجوع دون أن يتخذ قرارًا بفتح المعبر.
ويمثل المؤمري بأدائه التراجيدي حالَ الأحرار العرب الذين يتألمون لمأساة غزة، دون أن تكون لهم القدرة على تقديم المساعدة، مخاطبًا زميله حمود: “كيف يأتيك النوم وأطفال غزة لا يأكلون ولا يشربون”، في رسالة تدل على مدى حال الكثير من أبناء هذه الأُمَّــة وهو يتابعون بأحزانٍ عالية واقعَ غزة أمام آلة القتل الصهيونية التي لا ترحم.
وأحسن المومري صُنعًا عندما سلَّط الضوء على المجاعة في قطاع غزة، وعلى الأطفال بالتحديد، حَيثُ أظهرت مشاهدَ الفيلم أطفالًا يسكنون في خيام مهترئة، ولا هَمَّ لهم سوى البحث عن الأكل والشرب، وعندما يقتربُ مصطفى المومري من الشباك وينادي بالطفلة الغزاوية وتأتي إليه، ويسألها: أين أبوك وأين أمك؟ تكون الإجَابَة صادمة، فتقول الطفلة المكلومة: أبي وأمي استشهدا.
وعلى الرغم أن المشاهد درامية لكنها قريبة جِـدًّا من الواقع؛ فغزة بمآسيها وأحزانها وآلامها أضحت فيلمَ تراجيديًّا مليئًا بكل الأحزان والوجع، وكل مشهد فيها قصة يذرف منها الأحرار دموعًا غزيرة.
ويوصل المومري رسالةً مبطَّنةً إلى الشعب المصري بأن عليهم أن يتحَرّكوا دون خشية من العسكر والجنود المتواطئين مع كيان العدوّ والذين يعملون في غرفة عمليات مشتركة؛ فحينما يهدّده الضابط المصري، يرفع المومري صوتَه عاليًا، متحديًا العسكري، ويؤكّـد أنه لا يبالي بأي شيء طالما ذلك في سبيل نصرة غزة.
واحدة من الرسائل المهمة التي وردت في الفيلم أن المومري أوصل رسالة لأحرار الأُمَّــة بأن عليهم البحث عن أية وسيلة أَو خطوة لإدخَال الطعام والمساعدة لسكان غزة، حتى لو كان ذلك بحفر الأنفاق، أَو برمي المساعدات من الشباك، أَو بأية طريقة أُخرى، المهم ألا يستسلموا.
لقد اختصر الفيلم حكاية طويلة للخِذلان العربي والإسلامي تجاه مظلومية غزة، وكيف لهذه الدول أن تنام وتمارس حياتها الطبيعية دون أن يكون لها موقف، مختتمًا الفيلم بتفاؤل بأن يصحوَ الضمير المصري، ويبادر إلى فتح معبر رفح، دون الاكتراث للتهديدات الصهيونية، وهو أمل لا نعتقد أنه سيتحقّق، فالشعب المصري وحكومته وجيشه الذين لم يتحَرّكوا خلال ما يقارب عامين، لا يعوَّل عليهم أن يتحَرّكوا الآن، وهذا يدل على مدى التخادم الكبير للنظام المصري مع كيان العدوّ، وفي واحدة من أهمِّ تجليات المرحلة وهي الحرب الظالمة الجنونية على قطاع غزة.
تبقى الدراما من الأنشطة المهمَّة في نقل مظلومية غزة، ولكنها مغيَّبة في الدول العربية كما هو حالُ بقية الأنشطة الأُخرى، في حين لا تنقل القنوات المصرية والعربية سوى المشاهد الهابطة التي تفسد الناس، وتستهدف هُويتَهم وكرامتهم ودينهم في حرب ناعمة يموِّلها العدوُّ الصهيوني والأمريكي منذ عقود كثيرة.