الخبر وما وراء الخبر

نور المولد النبوي الشريف وعزيمة اليمن: صف واحد مع غزة في وجه العدوان والخيانة

9

ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
15 أغسطس 2025مـ – 21 صفر 1447هـ

بقلم// فيصل أحمد الهطفي

انكشفت الأقنعة وانهارت دعاوى الحرية وحقوق الإنسان على أبواب غزة، لتظهر الحقيقة بلا رتوش، كاشفة عن مشهد إنساني وسياسي مأساوي. ما يجري في غزة ليس مجرد صراع عابر، بل إبادة جماعية ممنهجة ومخطط لها، تنفذها إسرائيل بالشراكة الكاملة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تحت صمت وخيانة أغلب الأنظمة العربية. أطفال غزة يُستهدفون برصاص القنص المباشر في صدورهم، ونساء تُسحق تحت أطنان القذائف والصواريخ، وعائلات تُباد بالكامل، وشعب يُدفع عمدًا إلى الموت البطيء عبر سياسة التجويع والتعطيش ومنع الدواء. أما ما يُلقى من الجو تحت لافتة “المساعدات الإنسانية”، فليس إلا مصائد موت، يُقتل فيها المدنيون تحت القصف أو في تدافع الجوع. إنها سياسة ثابتة وليست حوادث عرضية، نابعة من عقيدة صهيونية متطرفة ترى في العرب “خنازير نجسة” و”حميراً” خُلقوا لخدمة اليهود، وتدعو علنًا إلى قتل أطفال غزة جوعًا أو رميًا بالرصاص.

المخطط أكبر من غزة، فهو جزء من مشروع “إسرائيل الكبرى” و”الشرق الأوسط الجديد” الذي يستهدف الأمة كلها، مقدساتها وهويتها ودينها وحريتها. هدفه إبادة أكبر عدد من أبناء الأمة وتهجيرهم، وتجريدها من سلاحها وخاصة سلاح المقاومة، وتحويل جيوشها وحكوماتها إلى أدوات بيد الصهيونية لضرب شعوبها وتفكيك وحدتها. إنها خطة شاملة لفرض أمة ذليلة خانعة، تُدار من تل أبيب وواشنطن، لا تملك قرارًا ولا إرادة، وتقبل أن تتحول أرضها ومقدساتها إلى ساحات نفوذ واستباحة.

وفي مواجهة هذا العدوان الخارجي، تظهر الخيانة الداخلية بأشد صورها، إذ تمضي بعض الأنظمة العربية في تقديم الخدمات السياسية والاقتصادية والعسكرية للعدو، وتمده بالغاز والسلاح في وقت توقف فيه بعض الدول غير المسلمة تعاملاتها معه. هناك من يفتح له الأسواق، ومن يسهّل له نقل الأسلحة، ومن يبرم معه الصفقات، بينما يقطر دم أطفال غزة على تراب المخيمات. أما في الساحة الفلسطينية نفسها، فهناك من يمارس التنسيق الأمني مع الاحتلال، ويسلّم له الأحرار والمجاهدين، لتثبت أن الخيانة لم تعد موقفًا سلبيًا، بل شراكة عملية في العدوان.

اليمن اليوم يقف شامخًا نصرةً لغزة، ويعلن للعالم أن الوفاء للأمة والحق لا يُقاس بالكلمات، بل بالأفعال. وقد اشتدت المؤامرات ضده من الداخل والخارج، وظهرت دعوات الخيانة والعمالة التي تحاول ثنيه عن موقفه المشرّف وإفساد فرحته بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف، عبر إثارة النعرات البغيضة والعزف على وتر ما يسمونه “السلام”، وهو في حقيقته الاستسلام والانبطاح. هؤلاء يذرفون دموع التماسيح على الوضع الاقتصادي والمعيشي للشعب اليمني، في حين أنهم أصل المشكلة والمأساة، فقد أكلوا واستباحوا خيرات الشعب ومقدراته طوال ثلاثة وثلاثين عامًا، ومهّدوا الطريق أمام العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، فغلقت الموانئ والمطارات ودمرت البنية التحتية وفرض الحصار الخانق. ونقل البنك من صنعاء إلى عدن، وطبعت العملة دون أي غطاء نقدي، ما أدى إلى تدهور قيمتها وزيادة معاناة الشعب. واليوم يحاولون تنفيذ الدور ذاته بتوجيهات أمريكية صهيونية وبدعم سعودي إماراتي في حركات مشبوهة هدفها تنفيذ أجندة العدو الصهيوني، وإعاقة الشعب اليمني عن إسناد غزة وإفشال إقامة فعاليات المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة والسلام.

اليمن يقف اليوم في الصفوف الأمامية، يعلن أن دم غزة دمه، وأن معركتها معركته، وأن نصرة المستضعفين ليست خيارًا بل واجبًا مقدسًا. الشعب اليمني بمؤسساته وأفراد حركته الجماهيرية يثبت أن الإرادة الحرة لا تنكسر، وأن الجهاد طريقنا نحو العزة والكرامة، وأن دماء الشهداء دافعنا نحو الثبات والانتقام لكل مظلوم. الحشود الشعبية والمسيرات الجامعية والمبادرات الميدانية تؤكد أن الأمة حين تمتلك الوعي والإرادة، فإنها قادرة على مواجهة أقوى أدوات البطش، وأن اليمن لن يفرط في نصرة غزة مهما اشتدت المؤامرات.

وأن كل محاولة لإضعاف موقف اليمن أو تعطيل فرحته بالمولد الشريف ستقابَل بعزم لا يلين. اليمنيون يدركون أن النصر لن يتحقق إلا بالجهاد المستمر والعمل الميداني المخلص، وأن دماء الشهداء ليست مجرد أرقام على صفحات التاريخ، بل وقود يستنهض الأمة ويوقظ هممها في كل زمان ومكان.

من يحاول إعاقة موقف اليمن المساند لغزة، وتعكير فرحته بذكرى مولد نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سنقطع يده. عزيمتنا ثابتة، دماء الشهداء دليلنا، والجهاد طريقنا نحو العزة والكرامة.

اليمن اليوم، بموقفه الشامخ، يؤكد أن دماء غزة لن تذهب هباءً، وأن المواقف الحرة للشعوب الحرة يمكن أن تغيّر موازين المعركة، وتثبت أن الأمة قادرة على الصمود والنصر، مهما تعاظمت المؤامرات والمخططات الخارجية والداخلية. غزة واليمن وجميع الأحرار على قلب واحد، والجهاد طريقنا، والكرامة مبدأنا، والحق عنواننا.