زيارة لاريجاني إلى بيروت.. ما الرسائل والدلالات؟
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
13 أغسطس 2025مـ – 19 صفر 1447هـ
حملت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي لاريجاني إلى العاصمة اللبنانية بيروت أبعادًا سياسية واستراتيجية؛ كونها جاءت في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتكثيف اعتداءات كيان العدوّ الصهيوني على الأراضي اللبنانية.
وفي مشهد سياسي يعكسُ عمق العلاقات اللبنانية–الإيرانية وثبات الموقف الإيراني الداعم لقوى المقاومة في المنطقة، أكّـد لاريجاني فور وصوله إلى بيروت أن إيران “تقف إلى جانب شعب لبنان العزيز في مختلف الظروف”، مشدّدًا على أن موقف طهران ثابت في دعم لبنان أمام كافة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وعقد لاريجاني سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمتهم رؤساء الجمهورية والنواب والوزراء؛ لبحث العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية، في إطار التنسيق المُستمرّ بين بيروت وطهران لمواجهة الضغوط الخارجية والسياسات العدوانية الإسرائيلية.
وخلال لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري بعين التينة، أشاد لاريجاني بـ”أبطالِ لبنان في ساحة مقاومة العدوّ الإسرائيلي”، مؤكّـدًا أن سياسة إيران تقوم على تمكين الدول المستقلة في المنطقة من اتِّخاذ قراراتها السيادية، بعيدًا عن أي إملاءات خارجية.
وقال: إنَّ إيران “لا تنظُرُ لأصدقائها كأدَاة، والشعب اللبناني أبيٌّ وشُجاع ويستطيعُ أن يأخذ القرارات بنفسه، ونؤمن أن الحوار الودي والشامل والجاد في لبنان هو السبيل للوصول إلى قرارات صائبة”، مُضيفًا أن “المقاومة هي رأسمال اللبنانيين، وأن إيران لا تحمل أية خطة مفروضة على لبنان، على عكس الولايات المتحدة الأمريكية التي جاءت بورقتها إليكم”.
وهاجم لاريجاني ما وصفه بـ”الإعلام الكاذب الذي يحاول تغيير البُوصلة بين العدوّ والصديق”، مشدّدًا على أن “(إسرائيل) هي العدوّ الحقيقي الذي اعتدى على لبنان”، وأن الدعم الإيراني للمقاومة سيبقى ثابتًا.
من جانبه، أكّـد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أن الهجوم الذي شنته بعض الأطراف على زيارة لاريجاني “ليس مستغربًا”، واصفًا إياه بأنه “ينفَّذ بناء على أمر عمليات من الخارج يحركه لوبي في الداخل”.
وَأَضَـافَ بري: “إيران دولة صديقة للبنان وستبقى، ووحدته ونجاحه وازدهاره أمر في غاية الأهميّة بالنسبة لها”.
ووجّه بري رسالة إلى المعترضين قائلًا: “إذا كان في إمْكَانكم منع وصوله، فافعلوا”، مشدّدًا على أن الانتقادات التي ترفع شعار السيادة ضد التصريحات الإيرانية، تتجاهل التدخلات الأمريكية المعلنة في الشأن اللبناني.
وختم: “الأولوية الآن لمجابهة “إسرائيل” ومخطّطاتها التي تستهدف كُـلّ لبنان”.
وفي موازاة ذلك، ترأَّس رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام، جلسة عادية لمجلس الوزراء في السرايا الحكومي لبحث 61 بندًا على جدول الأعمال.
وشارك الثنائي الوطني حزب الله وحركة أمل في الجلسة، انطلاقًا من ثوابتهما بأن المصلحة الوطنية والاستقرار “خط أحمر”، مع الإصرار على التراجع عن القرار الحكومي الأخير الذي تعتبره المقاومة “غير موجود”.
وفي سياق التطورات الموازية، عاد قائد الجيش اللبناني العماد “رودولف هيكل” إلى بيروت، حَيثُ علّق على ما وصفه بـ”كرة النار” التي ألقاها مجلس الوزراء إلى المؤسّسة العسكرية، مؤكّـدًا رفضه الدخول في أي صدام مع مكوّن أَسَاسي في البلاد، وداعيًا إلى الحوار والتفاهم كخيار وحيد لتجنيب لبنان الانزلاق إلى مواجهة داخلية.
ويرى مراقبون أن زيارة لاريجاني إلى بيروت تحمل أبعادًا أبعدَ من كونها لقاءً بروتوكوليًّا؛ إذ تأتي في وقت يشهد فيه لبنان حصارًا اقتصاديًّا خانقًا، وتصاعدًا في الاعتداءات الإسرائيلية على حدوده الجنوبية، بالتوازي مع تسارع الأحداث في الساحة الفلسطينية.
وفي ظل هذا المشهد، يُنظر إلى الدعم الإيراني على أنه ركيزة أَسَاسية لقوى المقاومة في لبنان، وعنصر توازن استراتيجي في مواجهة محاولات (إسرائيل) فرض وقائع جديدة على الأرض.
ويؤكّـد محللون أن الموقف الإيراني، الذي أعاد لاريجاني التعبير عنه بوضوح، يتمسك بمعادلة ثابتة: دعم المقاومة اللبنانية، ورفض أي تدخل خارجي ينتقص من السيادة، وتثبيت معادلة الردع الإقليمي في مواجهة كيان الاحتلال.
وفي المقابل، يواجه هذا الموقف حملات تشويه منظمة، تستهدف ضرب العلاقة اللبنانية–الإيرانية عبر توظيف أدوات إعلامية وسياسية داخلية وخارجية.
الزيارة، التي أثارت صخبًا سياسيًّا وإعلاميًّا قبل بدايتها، خرجت برسائلَ واضحة، أن طهران ماضية في دعم لبنان وقواه الوطنية..، وبيروت بقدر ما تحتاجُ إلى الدعم، تحتاج أَيْـضًا إلى الوحدة الداخلية والحوار الصادق، لتبقى قادرة على مواجهة العدوّ الحقيقي المتربص على الحدود.