رسائل مهمّة في خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي للأمة والعالم..
ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
31 يوليو 2025مـ – 6 صفر 1447هـ
في خطابٍ يُــعدُّ واحدًا من أبرز محاكمات الضمير العالمي عمومًا، والعربي والإسلامي تحديدًّا، وجّه السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- رسائل مهمة؛ مستغربًا من عالمٍ يصمت على ما يحدث من جرائم ومأساة لا مثيل لها في التاريخ.
وأطل السيد القائد، اليوم الخميس، في خطابٍ تاريخي استثنائي؛ متحدثًا عن جملةٍ من المواضيع ذات الصلة بالعدوان الصهيوني وحرب الإبادة والتجويع على قطاع غزة، في ظل الصمت العالمي والعربي والإسلامي غير المسبوق.
خطابٌ واضح المدى والإشارة لمن يفترض أنهم إخوةً في العقيدة والنسب، وكانت الأنظمة اللصيقة بحدود فلسطين والخليجية ومنها النظام السعودي، كأبرز الأنظمة العميلة والخائنة للقضية الفلسطينية؛ فوقود الطائرات والدبابات وكل أشكال الدعم يأتي من قبلها.
ويتساءل: “كيف لهذه الأنظمة أن تقدم كل أشكال الدعم والمساندة للعدو الإسرائيلي ضد إخوانهم وأبناء جلدتهم؟ وهو ما جعل الشعب الفلسطيني مجروح جدًا من مستوى التخاذل والتواطؤ العربي”.
عاقبة التخاذل والتواطؤ العربي:
وأكد السيد القائد أن الشعب الفلسطيني مجروح جدًا من مستوى التخاذل والتواطؤ العربي”، موضحًا أن “الشعب المصري أكبر الشعوب العربية من حيث العدد شعب مكبل لا يفعل شيئًا، ليس له صوت، ليس له حضور، ليس له موقف”.
وأوضح أن “بلدان الطوق لفلسطين كان بإمكانها أن تكون حاضرة في الموقف شعبيًا ورسميًّا بشكلٍ كبير”، لافتًا إلى أن “التجاهل والتنصل عن المسؤولية لن يعفي الأمة، لا شعبيًا ولا رسميًا من كل التبعات الخطيرة عليها جدًا في عاجل الدنيا”.
وأشار إلى أن “الكثير من الشعوب والأنظمة قد يثقون بما أقدموا عليه من تخاذل ويتصورون أن السلامة في ذلك لكن الله يصنع المتغيرات”، مشدّدًا على أن “الشعوب والأنظمة حينما تعاقب في الدنيا ستدرك أن تخاذلها لم ينفعها شيئًا ولم يحقق لها السلامة”.
وأضاف: “كلما زاد طغيان العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني نتيجة الإسهام العربي بالتخاذل والتواطؤ كلما عظمت المسؤولية أكبر على الأمة”، مؤكدًا أن “التعامل مع المظلومية الكبرى على الشعب الفلسطيني كأحداث اعتيادية روتينية يومية خطير على هذه الأمة”.
وخاطب السيد القائد الشعوب العربية والإسلامية قائلًا: “لا تظنوا أيها المسلمون أن الحساب والعقاب ليس فقط إلا على مسألة الصلاة والصوم والصيام، حينما تكون الأمة مساهمة في صناعة أكبر إجرام على مستوى العالم بتنصلها وتفريطها وتواطؤ البعض منها فهي تعرض نفسها لعقوبة كبيرة”.
دعاة الفتنة لا يمكن أن يتحركوا ضد العدوّ الحقيقي للأمة:
السيد القائد يؤكد أنه “لا بد من الجهاد في سبيل الله لأنه لدفع الشر والطغيان ولإرساء قيم الحق والعدل والخير ولا بد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ما يفعله العدو الإسرائيلي هو من أكبر المنكرات على وجه الأرض وإلا فالوزر كبير جدًا”.
وأشار إلى أن بعض العرب يتجهون عمليًّا في ميدانهم وواقعهم حينما تكون المسألة من الفتن التي يهندس لها الأمريكي والإسرائيلي وما شهدته منطقتنا فيما يتعلق بالفتنة التكفيرية على مدى أعوام طويلة، قدمت مليارات الدولارات والأصوات ملأت أسماع العالم بالضجيج”.
ولفت إلى أن “أصوات الكراهية والحقد والتكفير وإثارة النعرات الطائفية لا تتحرك عندما تتعلق المسألة بنصرة الشعب الفلسطيني”، مشيرًا إلى أن “اليهود الصهاينة بأذرعتهم المتعددة عملوا داخل الأمة حتى وصلوا إلى منع أي ردة فعل تجاه عدوانيتهم في أوساط الشعوب وعندما تكون المسألة للفتنة في أوساط الأمة نرى النشاط والتحرك من أولئك الصم البكم العُمي أمام العدو الإسرائيلي”.
وقال: إن “أولئك البُكم أمام العدو الإسرائيلي نراهم بأصوات عالية جدًا للفتنة في أوساط الأمة وضجيجهم يملأ الساحة الإسلامية وحين يتعلق الأمر بمواجهة مع من له موقف مناصر للشعب الفلسطيني نرى نشاط دعاة الفتنة بإمكانات هائلة وتحرك واسع وجدية كبيرة”.
وتسائل السيد القائد عن: “ما الذي ينقص القضية الفلسطينية حتى لا يتحرك لأجلها دعاة الفتنة كما يتحركون للصراع داخل الأمة؟ فالشعب الفلسطيني مسلم “سُني” ومظلوميته يعترف بها العالم فلماذا لا تنصرونه؟ بينما الإسرائيلي عدو صريح للإسلام والمسلمين”.
وأكد أن “الإسرائيلي يعادي الإسلام والمسلمين والرسول والصحابة وأبناء الإسلام جملةً وتفصيلًا، لماذا لا تعادون ذلك الكافر؟ ما الذي ينقص القضية الفلسطينية في العناوين الدينية، وفي عناوين المظلومية، وفي عناوين العروبة، وفي العنوان الإنساني؟”.
فلسطين أقدس ميدان للجهاد.. وعنوان الغربلة والفرز:
وقال السيد القائد مخاطبًا الأدعياء من شذاذ الأفاق: إن “الصدق والكذب هما العنوانان لنتائج الفرز والغربلة للواقع وللناس تجاه الأحداث ومن يرفع عنوان الجهاد؛ فإن فلسطين أعظم وأقدس ميدان للجهاد، أم أنك لا ترى الجهاد إلا عندما يكون في الاتجاه الذي يهندس له الأمريكي والإسرائيلي لإثارة النعرات الطائفية؟”.
ورأى أن “القضية الفلسطينية هي أبرز قضية إنسانية وأبرز قضية قومية فيما يتعلق بالمصلحة العربية، فلماذا هذا التخاذل الذي لا مبرر له؟”، مؤكدًا أنها “تعتبر مختبرًا مهمًا لفرز وتقييم وغربلة مجتمعنا العربي والإسلامي والأحداث على مر التاريخ هي أهم مختبر يفرز ويميز ويجلي ويبين بشكلٍ متجسد ومرئي ومشاهد وملموس ومحسوس الاتجاه الصحيح والاتجاه الخاطئ”.
وتساءل بحرقةٍ: “أين هو التيار الإسلامي العريض الوسيع في الساحة الإسلامية بمكوناته وأحزابه وقواه وجمعياته ومؤسساته ومنظماته عن نصرة الشعب الفلسطيني؟”، مضيفًا “هل ينتظر أبناء الأمة ليتحركوا حتى يموت أبناء غزة بأجمعهم، أو أن ينجح العدو في تهجيرهم بالكامل؟”.
وأكد أن “العناوين الإيمانية إذا لم تكن مصداقيتها رحمة حقيقية تجاه المظلومين والمقهورين والمضطهدين المعذبين من الأمة على يد الظالمين، المجرمين، الطغاة، المستكبرين؛ فأين هي الرحمة؟”، وقال منتقدًا: “أين هي العزة الإيمانية في مواجهة الإذلال والطغيان والتكبر والإجرام اليهودي الصهيوني؟”.
ولفت إلى أن “الأزهر قام بسحب بيانه وحذفه لوجود بعض العبارات التي فيها تذمر من الإجرام الإسرائيلي بعبارات لا بأس بها!!”، لافتًا إلى أن “ما يحدث على الشعب الفلسطيني من الابتلاء إذا لم يبين من يصدق مع الله فما هو نوع الابتلاء الذي يجلي واقع الأمة”.
وضع الأمة وضع غير طبيعي:
وأعرب السيد القائد عن استيائه من كون “وضع الأمة الراهن هو وضع غير طبيعي حتى على المستوى الإنساني الفطري فلو كانت أمة من الأمم حتى غير مسلمة لكانت بقيت على الفطرة ولما قبلت بأن يظلم البعض منها على يد عدو أجنبي يعاديها جميعًا.
وأوضح أن “هناك اختلال رهيب في واقع الأمة، ليس هناك تربية على الإيمان الحقيقي، على العزة والكرامة والشعور بالمسؤولية وليس هناك وعي في واقع الأمة تجاه الأحداث، وإلا لما كان واقعها بهذا المستوى من الإمكانات والعدد والجغرافيا الواسعة ثم هذا الجمود”.
وبيَّن أن “واقع الأمة يثبت أن القائمين رسميًّا يربون الأمة ويروضونها على الإذلال والقهر والانحطاط والقبول بالذل والهوان والاستسلام”، مضيفًا أنهم “يعملون على إنهاء المشاعر والدوافع لمواجهة العدو الإسرائيلي وهذه حالة مؤسفة”.
وأكد أن “ما يفعله العدو الإسرائيلي بشراكةٍ أمريكية ليس مجرد أحداث عارضة ناتجة عن سوء تفاهم أو نزاع طارئ على مسائل محدودة”.
وقال السيد القائد مخاطبًا: “يا أيها العرب، يا أيها المسلمون، اعرفوا عدوكم اليهود، بتوجههم الصهيوني الإجرامي، بأذرعه الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، العدو يتحدث عن أهدافه الواضحة والمعلنة ليل نهار عن تغيير الشرق الأوسط الجديد”، مؤكدًا أن “عدوكم أيها العرب يعني بتغيير الشرق الأوسط تدميركم واستعبادكم وطمس هويتكم لتكونوا أمة تحت الحذاء الإسرائيلي والأمريكي”.
وبيّن أن الأمة بحاجة إلى معالجة لمشكلتها الإدراكية ومشكلة عمى القلوب “فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”، وأشار إلى أن “الأمة بحاجة إلى الاستنهاض وعلينا أن نتحرك وألا ننتظر الآخرين وانظروا إلى صمود الإخوة المجاهدين في قطاع غزة”.
بسالة المجاهدين في غزة:
وأشاد السيد القائد بالمجاهدين في غزة بالقول: إن “الإخوة المجاهدين في غزة يقاتلون في سبيل الله بكل بسالة وثبات على مدى 22 شهرًا بإمكانات محدودة للغاية في ثبات وصبر منقطع النظير”.
وأضاف: “المجاهدين في غزة يقتحمون الدبابات بشجاعة فائقة جداً ويضعون عليها العبوات ويفجرونها”، مؤكدًا أن “استبسال المجاهدين في قطاع غزة وتفانيهم هو درس لكل الأمة ولكن للأسف الشديد وبدلاً من أن يحظى المجاهدون في غزة بالدعم والمساندة يصنفون من أكثر الأنظمة بالإرهاب ويشوهون إعلاميًّا”.
ولفت إلى أن “وسائل إعلام عربية لا تنفك عن التشويه والإساءة للإخوة المجاهدين في قطاع غزة”، ومؤكدًا أن “العدو الإسرائيلي كيانٌ زائل حتماً مهما بلغ إجرامه وطغيانه، وهو يستفيد من تخاذل الأمة”.
وأشار إلى أن “تخاذل الأمة يسبب أن تدفع أثمانًا كبيرة وخسائر رهيبة لكن في نهاية المطاف لا بد من نهاية هذا الكيان هذا وعد الله الذي لا يخلف وعده والوعد الإلهي سيتحقق بلا شك ولا ريب، وستكون النتيجة لصالح الثابتين، المؤمنين بالله، والمؤمنين بوعده، والمستجيبين له، والناهضين بمسؤولياتهم”.
وأوضح السيد القائد في رصده عمليات المجاهدين في غزة لهذا الأسبوع، حيث “نفذت كتائب القسام 14 عملية جهادية بطولية ونفذت سرايا القدس عمليات عظيمة ومعها بقية الفصائل وثباتهم منقطع النظير”، مؤكدًا أن “العدوّ فشل وهزم في اجتياح غزة رغم استخدامه كل إمكاناته بقرابة 4 فرق عسكرية أو أكثر”.
لفت إلى أن “خيبة الأمل واضحة على العدو الإسرائيلي على مدى كل المدة الزمنية الطويلة من التدمير الشامل”؛ فهو “لم ينجح في أن يفرض حالة الاستسلام على المجاهدين ولا على الحاضنة”.
وبيَّن أنهُ وعلى مدى “662 يومًا من التصدي للعدو الإسرائيلي ولا يزال الإخوة المجاهدون في قطاع غزة يواجهونه شمال القطاع ووسطه وجنوبه بهذه الفاعلية العالية”.
ذكرى استشهاد هنية وفؤاد شكر:
وأشار السيد القائد إلى إحياء “ذكرى استشهاد القائد المجاهد الكبير الشهيد إسماعيل هنية، رحمه الله والقائد الجهادي الكبير فؤاد الشكر رحمه الله نتذكر عظيم دور المجاهدين في فلسطين ولبنان”.
وشدّد على أن “المجاهدين في فلسطين ولبنان لهم أعظم وأهم دور فاعل في مواجهة العدو الإسرائيلي شكل وقاية وحماية لكل الأمة الإسلامية وفي المقدمة للدول العربية”، مؤكدًا أنه “لولا دور المجاهدين في فلسطين ولبنان وتضحياتهم العظيمة بالقادة بالأفراد لكان واقع الأمة مختلفًا تمامًا خاصة في الدول العربية المحيطة”.
ويجزم السيد القائد بالقول: “لولا دور المجاهدين في فلسطين ولبنان لكانت مصر والأردن وسوريا قد دخلت فعلاً تحت العهد والسيطرة الإسرائيلية، ولكان اتجه ليكمل المشوار إلى العراق”، مبيّنًا أن “التحرك الجهادي الصادق الثابت في فلسطين ولبنان هو أمل للأمة الإسلامية”.
خطاب السيد القائد اليوم، جاء بمثابة كشفٍ حقيقي للوجه الإجرامي للعدو الصهيوني، وتعرية للتواطؤ العالمي، ودعوة مفتوحة لتحركٍ شعبي ورسمي يتجاوز حدود التصريحات إلى دائرة الفعل المقاوم، نصرةً لغزة وأطفالها وكرامة أمتنا.