الخبر وما وراء الخبر

إعلان المرحلة الرابعة من الحصار البحري من منظور سياسي أكاديمي عسكري

4

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
28 يوليو 2025مـ – 3 صفر 1447هـ

في خطابه الأسبوع الماضي، ظهر السيدُ القائد عبدُ الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- حَزينًا على حال أمتنا المتخاذلة، وعدم التحَرّك لمجابهة العدوان الصهيوني والحصار الخانق على قطاع غزة، ووصول الجوع والتعطيش إلى مستويات غير مسبوقة. في خطابه الأسبوع الماضي، ظهر السيدُ القائد عبدُ الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- حَزينًا على حال أمتنا المتخاذلة، وعدم التحَرّك لمجابهة العدوان الصهيوني والحصار الخانق على قطاع غزة، ووصول الجوع والتعطيش إلى مستويات غير مسبوقة.

ما كان لافتًا في الخطاب هو تأكيد السيد القائد أن اليمنَ لن يألوَ جُهدًا في نصرة الشعب الفلسطيني، وقوله إنه: “مع هذه المأساة التي نشارك الشعب الفلسطيني فيها الآلام والأحزان والأوجاع، نسعى لدراسة خيارات تصعيدية إضافية، كما نسعى باستمرار لتطوير القدرات العسكرية لتكون أكثر فاعلية في التنكيل بالعدوّ الإسرائيلي والضغط عليه”.

وترجمةً لهذا التوجّـه، أعلنت القواتُ المسلحة اليمنية البَدءَ في تنفيذِ المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدوّ، حَيثُ تشمل هذه المرحلة استهداف كافة السفن التابعة لأية شركة تتعامل مع موانئ العدوّ الإسرائيلي بغض النظر عن جنسية تلك الشركة، وفي أي مكان تطاله أيدي القوات المسلحة.

ومع إعلان اليمن عن المرحلة الرابعة من التصعيد العسكري ضد العدوّ الإسرائيلي، في ظل ما تحملُه من تداعيات ومسؤوليات وتحديات كبيرة، إلا أنها تؤكّـد على جملة من الأمور أشار إليها الأكاديمي والباحث الفلسطيني الدكتور محمد البحيصي في حديثه مع قناة “المسيرة”.

هذا الإعلان -كما يقول الدكتور البحيصي- له دلالات كبيرة وعميقة، أهمها أنه “لا زال في هذه الأُمَّــة العربية والإسلامية من يخوض المعركة بأصولها ووفق خطط محكمة دقيقة”. فـ”عندما يتكلم اليمن عن المرحلة الرابعة من الحصار البحري ضد كيان العدوّ؛ فلا بد من الإشارة إلى أنه كان هناك ثلاثَ مراحل سبقت هذه المرحلة؛ ما يعني أن هناك جهوزيةً عالية لهذه المرحلة؛ إذ لا يمكن الانتقال إلى المرحلة الثانية والثالثة والرابعة إلا على ضوء استعداد وقدرة وجهوزية كبيرة”.

ويضيف البحيصي: “اليمن قطع ثلاثَ مراحل مبنية على فكرة المواكبة والملازمة والمتابعة الحثيثة لما يجري في قطاع غزة”.

ويعتقد البحيصي أننا “سنرى ترجمةً لما قال عنه السيد القائد، خطوات إضافية قريبًا”.

وبالنظر إلى هذه المرحلة الصعبة، يرى الباحث الفلسطيني أن اليمنَ يحقّق ما يشبه الإعجاز، ويعتبر أن ما قام به هذا البلد أمر خارق للعادة، فأمتنا اعتادت منذ قرون وكانت البحار هي الخطوط التي ينفذ من خلالها الأعداء إلى بلادنا، منوِّهًا إلى أنه ومنذ نشأة الكيان لم تستطع الدول العربية أن تغلق ميناء أم الرشراش على مدار تاريخ الصراع مع العدوّ الإسرائيلي، بينما اليمنيون فعلوا ذلك، وهذا عمل غير مسبوق وخارق لم يفكر به العرب، بينما يتقدم اليمن حاملًا للراية -كما يقول البحيصي- وهو يعرف أن هذا الموقف سيضعه وجهًا لوجه أمام العالم.

ويتوقَّعُ البحيصي أن تقومَ أمريكا من جديد وبأدواتها المحلية بإعادة الروح لما سمي “تحالُف الازدهار” لإنقاذ العدوِّ الإسرائيلي، وربما تتداعى هذه الدول لإيجاد مثل هكذا تحالف، وربما تكون بعض الدول العربية فيه، مع أمله ألا تقع أية دولة عربية في مثل هكذا تحالف.

بين أكذوبة “الدولتين” ومسرحيات الإغاثة.. اليمن يُعرّي زيف المواقف ويقدّم النموذج الحقيقي لنصرة فلسطين..

من جانبه، يشير السفير في وزارة الخارجية اليمنية، الأُستاذ عبد الله علي صبري، إلى أن الإعلان عن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد هو إشارة إلى تصعيد غير مسبوق، معتبرًا أن وصول اليمن إلى إغلاق ميناء “أم الرشراش” هو إنجازٌ كبير، وربما كانت الأنظارُ تتجهُ نحو ميناء حيفا في البحر الأبيض المتوسط.

وبحسب صبري، فَــإنَّ “المسألةَ اليوم أكبر من مُجَـرّد الموانئ؛ فرسائل اليمن التصعيدية تشملُ الشركاتِ المتعاملةَ مع الكيان، وهي كبيرة ومتعددة وتضم آلاف السفن، وهذا يعني أن الشركات ستتوقف في مسار اليمن؛ لأَنَّها خبرت اليمن وجدية اليمنيين”.

ويرى أنه “بمُجَـرّد إعلان الموقف اليمني بالتصعيد الجديد يكون قد أدخل شركات الشحن التي تتعامل مع كيان العدوّ في حالة من الإرباك، وكذلك الدول المرتبطة بهذا الكيان المحتلّ”، مبينًا أن “هناك دولًا معينة ستكون متضررة، خَاصَّة التي لديها حركة ملاحة عبر البحر الأحمر؛ فاليوم الموقف اليمني لا يفرّق بين دولة وأُخرى، كما ليس هناك محاباةٌ في هذا الموقف”.

ويشير إلى أن “السفن الأمريكية قد تكون مستهدفة؛ إذ إن اليمن ليس متردّدا في الخروج عن الاتّفاق مع واشنطن في ظل الدعم الأمريكي المباشر والصريح للعدو الإسرائيلي في غزة”، متوقعًا أن تتصرف أمريكا وكأنها شرطي العالم، غير أن اليمنيين في جهوزية لأي سيناريو قادم.

كما يتوقّع صبري أن تظهر مفاعيلُ هذا القرار بالتصعيد اليمني الجديد بشكل أكبرَ خلال الأيّام القادمة، مُشيرًا إلى أنه “من الناحية النظرية ومع اعتماد العدوّ على ميناء حيفا بحوالي 70 %، وفيما قد أغلق الحصار اليمني ميناء أم الرشراش؛ فَــإنَّ عملياتٍ عسكرية يمنية في البحر الأبيض المتوسط تضعُ ميناء حيفا أمامَ حصار فعلي؛ فشركاتُ الملاحة لن تغامرَ بالذهاب إلى حيفا”.

ووفق معطيات الاستهداف اليمني الذي قد يطال اليوم عشرات الشركات وآلاف سفن الشحن التي تتعامل مع كيان العدوّ، سيكون الحصار -بحسب تعبير صبري- أكثرَ قسوةً على الكيان الصهيوني وبشكل غير مسبوق، مؤكّـدًا أن هذا التحَرّك “أثمر بنتائج إيجابية إلى حَــدٍّ ما”، مستشهدًا بتأثيرات ذلك اقتصاديًّا على كيان العدوّ كما جرى في مطار اللُّد، وما هو محتملٌ أن يجري على ميناء حيفا.اليمن يرفع سقف الإسناد.. مرحلة رابعة من الحصار البحري في وجه المذبحة الكبرى في غزة..

وعلى صعيد متصل، يعيد المحلل والخبير العسكري العميد مالك أيوب التأكيد أن “اليمن أصبح من يفرض اليوم المعادلة الاستراتيجية في البحر الأحمر”.

ويرى في حديثه مع قناة “المسيرة”، اليوم الاثنين، أن انطلاق المرحلة الرابعة من تصعيد الحصار اليمني ضد كيان العدوّ يجعل جميع السفن التابعة لشركات أجنبية أَو عربية تتعامل مع العدوّ الإسرائيلي في نطاق الاستهداف والتهديد اليمني، حتى ولو لم تكن متجهة إلى الموانئ الصهيونية، وهذا -بحسب تعبيره- هو الحصار البحري الدقيق والمعادلة الاستراتيجية.

وفي ظل هذه المعادلة، يعتبر أن العدوَّ الإسرائيليَّ أمام مأزِقٍ استراتيجي في البحار؛ فـ”إسرائيل” اليوم ليست الضامنة لمصالح أُورُوبا والغرب في المنطقة، بينما نتيجة من نتائج المعادلة الجديدة والردع الجديد لليمن أرغمت ميناء أم الرشراش على الإغلاق.

ومع توسُّعِ الحصار والتصعيد اليمني ضد كيان العدوّ، يرى العميد أيوب أن “شركات ملاحة كبرى مثل ميرسك الدانماركية ستضطر إما للمطالبة بمرافقة أمنية، وهذا مكلف، أَو السير حول رأس الرجاء الصالح، وهنا يكون الحديثُ عن زيادة في التكلفة والوقت، في ظل رفع نسبة التأمين 400 %؛ ما سينعكس على أسعار السلع والبضائع الموردة إلى كيان العدوّ.

وبنظرة أكثر شمولية لتراكم قوة الدور اليمني، يقول: “علينا أن ننظرَ إلى تهديد اليمن بكامل أبعاده، البُعد العسكري والاقتصادي على الكيان المحتلّ؛ فاليمن عبارة عن قيادة حكيمة ومتراصة، وقيادة عسكرية تعمل بذهنية جديدة وفقًا لتطورات الظروف والأحداث، وهناك سلاح إعلامي، وحاضنة شعبيّة ملتفة حول هذه القيادة، ولم تحرمنا أي جمعة من حشود مليونية نصرة لغزة”.

ويختم حديثه: “اليمن اليوم عبارة عن كتلة متكاملة، فاليمن بحوزته صواريخ فرط صوتية متطورة أثبتت هشاشة الدفاعات الجوية للعدو الإسرائيلي، والبُعد الاقتصادي قد أخرج ميناء أم الرشراش من الخدمة، واليوم الضغط يتركز على ميناء حيفا وأسدود”.