الخبر وما وراء الخبر

ما بين السطور لخطاب السيد القائد: مساران متوازيان وأمة تُختبر في أخطر لحظة

4

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
24 يوليو 2025مـ – 29 محرم 1447هـ

تقريــر || عبدالقوي السباعي

في كلمةٍ مشبعةٍ بالدلالات الجهادية العميقة والعنفوان الثوري والوضوح الصارم، رسم السيد القائد عبد الملك بدرالدين الحوثي –يحفظه الله– خريطة الوعي والموقف والالتزام، محددًا معالم المرحلة ومفترقات الطريق.

وأشار السيد القائد إلى “مسارين متوازيين”، واضعًا النقاط على الحروف في معادلة الصراع والمواجهة المصيرية بين الأمة ضد عدوها الوجودي كيان العدوّ الصهيوني ومن وراءه.

مسارٌ عدواني صهيوني يشتدّ فيه الإجرام على الأرض والإنسان الفلسطيني، ويصعد فيه الاحتلال سقف الوحشية إلى أقصى مدى؛ ومسار تثبيطي داخلي يتجلى في حالة التخاذل والتواطؤ، داخل الأنظمة العربية والإسلامية، بهدف كسر إرادة الأمة وتخديرها عن التحرك.

تشريحٌ للواقع صاغه السيد القائد؛ فالعدو يُمعن في القتل، والأنظمة تُمعن في الخذلان؛ بينما الشعوب تُختبر في صبرها واستجابتها للمسؤولية الدينية والتاريخية.

هذا التقابل الحادّ يكشف عن حقيقة أن أخطر ما تواجهه فلسطين اليوم، ليس فقط حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية؛ بل الطعن في الظهر من أبناء العمومة أو الإخوة في العروبة والدين.

وفي وصفٍ قلّ نظيره من حيث الدقة الأخلاقية والسياسية، اعتبر السيد القائد أن الموقف العربي الرسمي يمثل “أسوأ تبلُّد إنساني” و”أبشع تنكُّر للقيم الفطرية”، في إدانةٍ أخلاقيةٍ شاملة لأنظمةٍ لم تكتفِ بالصمت؛ بل تحالفت ضمنيًا وعلنًا مع القاتل، سواء بتطبيعٍ فاجر أو بسكوتٍ خائن أو بتآمرٍ مستتر.

والسيد القائد يُحاكم هؤلاء بلغة السياسة تارةً، وبلغة الفطرة والضمير والوجدان تارةً أخرى، بعد أن باتت معدومة في قصور القرار العربي؛ فيما تُستصرخ في أزقة غزة وخنادق اليمن، وحين يناشد السيد القائد الدول العربية فتح المنافذ البرية لعبور المجاهدين اليمنيين؛ فهو يبني ذلك على رصيدٍ تاريخي من المصداقية الجهادية الثورية.

نداءٌ تجاوز البُعد العاطفي، إلى الإنذار استراتيجي؛ فقال: “الشعب اليمني سيتحرك بمئات الآلاف، وهذا ما نتمناه، نسعى إليه، نأمل الوصول إليه”.

بهذا التصريح، يُنذر السيد القائد الجميع بأن اليمن الثائر لا يرى في المسافة حاجزًا ولا في الحدود قيدًا؛ بل يعتبر أن أبواب فلسطين مفتوحة على بوابات الاستشهاد والنصر، وأن الطريق إلى القدس تمر من اليمن عبر كل يمنيٍ مجاهدٍ حر.

يُصرّح السيد القائد بثقةٍ أن العدوان “الأمريكي – البريطاني – الإسرائيلي” لم يُضعف اليمن بل زاده ثباتًا وقوةً ومنعة، وهذا تأكيدٌ للموقف، وفي جوهره رسالة ردع مزدوجة -للعدو: أنكم أخطأتم التقدير؛ فحربكم تزيد من جهوزيتنا؛ وللأمة: إنَّ اليمن نموذجٌ يجب أن يُحتذى، لا يُعذَرُ أحدٌ بعد صموده.

والإشارة إلى الحصار الاقتصادي والاجراءات العدوانية، تؤكد أن اليمن يدفع فاتورة الوقوف مع فلسطين، لكنه -بحسب السيد القائد- يربح رصيد الكرامة والإيمان.

وقالها السيد القائد بوضوح: “هذا هو وقت الجهاد أكثر من أي وقتٍ مضى”، في صوتٍ يتعالى فوق كل المبررات والتأجيلات والتسويفات؛ فلا حجة لمن يتخاذل، ولا عذر لمن يتوانى.

بل إنه يطرح سؤالًا مدويًا يستبطن الاتهام: “أين هم البقية من أبناء الأمة حتى من كانوا يتحركون تحت عناوين إسلامية وجهادية؟”.

وبهذا السؤال الصاعق، يُعري السيد القائد معظم التيارات والجماعات التي طالما رفعت رايات الجهاد في غير محله، واليوم تصمت عن الجهاد الحق في غزة، وكأن العدو الصهيوني ليس ضمن أولوياتهم.

وفي أخطر جملةٍ استراتيجية قالها السيد القائد: “نحن نسعى لدراسة خيارات تصعيدية إضافية، ونسعى باستمرار لتطوير القدرات العسكرية…”، عبارةٌ تحمل في طياتها تأكيدًا على أن المرحلة المقبلة ليست كما قبلها؛ فقد تشهد الجبهة اليمنية مسارًا بريًّا لهجومٍ مدروس.

رسالة ردعٍ مباشرة للعدوّ الصهيوني، انتقاها السيد القائد بعنايةٍ فائقة؛ فمعركة “فك الحصار عن غزة” قد تدخل طورًا جديدًا من الضغط العسكري الموجّه والمدروس، في إشارةٍ إلى أن اليمن بات لاعبًا إقليميًا بقوة الحديد والنار والدقة والتأثير، لا بالخطاب فقط.

كلمة السيد القائد إعلان موقفٍ مصيري، واستدعاءً عارمًا للضمير الجمعي في الأمة، أراد أن يبعث من خلاله برسائل متعددة – للعدو: نحن في معركة وجود، وسنصعد حتى كسر الحصار، وللأنظمة: أنتم متواطئون، والتاريخ لا يرحم، وللشعوب: الجهاد الآن أو لا جهاد بعد اليوم، وللمجاهدين في فلسطين: لسنم وحدكم.. اليمن معكم بكل ما أوتي من قوة.

كلمةٌ تُبنى عليها استراتيجيات وتُستخرج منها قرارات، وتدفع بالأمة إلى أعلى درجات الجاهزية الروحية والميدانية، كلمةٌ تصدر عن قائدٍ لا يبيع الوهم؛ بل يرسم طريقًا موصلًا، من اليمن.. يبدأ زوال كيان الاحتلال الصهيوني.