صمود الأبطال في غزة ويقظة اليمن: ملحمة في وجه العدوان الصهيوني
ذمــار نـيـوز || مـقـالات ||
12 يوليو 2025مـ – 17 محرم 1447هـ
بقلم// فيصل أحمد الهطفي
يرتكب العدو الصهيوني، على مرأى ومسمع من العالم، مجازر وحشية بحق أبناء غزة بلا هوادة ولا رحمة. خلال هذا الأسبوع فقط، تجاوزت جرائمه حدود التصوّر، حيث ارتكب أعمال إبادة مروعة ضد أكثر من مليوني إنسان محاصَرين، يعانون التجويع والقصف اليومي، في ظل تواطؤ عالمي مريب، وصمت دولي سيورّث عارًا لا يُمحى في صفحات التاريخ. لم تكتفِ أمريكا بتوفير الغطاء السياسي والدعم المالي والعسكري، بل شاركت بشكل مباشر في القتل، فيما غطّت الأنظمة المطبّعة هذه المجازر بشعارات الحضارة والإنسانية، فكانت شريكة في الجريمة.
لقد قتل العدو الأطفال بكل الطرق: القنابل، التجويع، منع الحليب، وحتى من خلال تحويل الرُّضّع إلى ضحايا لاستراتيجية مدروسة من الحصار والتجويع، والعالم كله يرى ويسكت. أكثر من ستمائة ألف طفل أصبحوا بلا مأوى وسط الأنقاض، ولا أحد يتحرك. الأمة الإسلامية تعيش حالة من الموت الروحي، بلا إحساس أو مسؤولية، كأنّ الدم الفلسطيني لا يعني شيئًا.
حصيلة هذا الأسبوع وحده تتحدّث عن أكثر من 3700 شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وتحديدًا في مجزرة دير البلح التي استُهدِف فيها 16 طفلًا أثناء تسلّمهم مكملات غذائية. أما الخبز، فقد أصبح من المحرَّمات، إذ بلغ سعر كيس الطحين ثلاثة آلاف ضعف سعره الطبيعي، ومنعت قوات العدو إدخاله بالكامل. تقارير أممية تؤكد أن الكيان الصهيوني يستخدم “التجويع كسلاح”، وأن المساعدات تُستخدم كفخّ مميت، فيما أعلنت الأونروا أن كل شيء في غزة قد نفد، والمجاعة تتفاقم.
ورغم هذه المآسي، يبقى الشعب الفلسطيني ومجاهدو غزة أيقونة للصبر والعزة، يواجهون أربع فرق عسكرية صهيونية، ويقاومون بأدوات متواضعة وعقيدة صلبة، ينفذون كمائن وعمليات نوعية تزلزل صفوف العدو وتربك استراتيجياته. لقد بات إعلام العدو يعترف بالفشل، بينما يعاني جنوده من حالات نفسية وانهيارات متكررة، في مشهد يعكس مدى خوفهم وذلهم عند المواجهة، رغم كل ما لديهم من دعم غربي وحماية جوية.
الواقع يفضح كيانًا جبانًا بطبيعته، يقدّس الحياة ويهاب الموت، كما قال الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ﴾. جيشٌ من الجبناء، تحكمه عقلية شيطانية، وتنخره الأحقاد والريبة والشك، ومن خلفه منظومة عالمية من الإجرام والضلال، نهايتها حتمية مهما طال الزمن.
في المقابل، يواصل اليمن، شعبًا وجيشًا، أداءه البطولي في موقف مبدئي إيماني لا يلين، مجسدًا “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية” بالفعل لا بالشعار. فقد نفذت القوات المسلحة اليمنية 45 عملية نوعية خلال أسبوع، استهدفت مواقع صهيونية حيوية في يافا، عسقلان، أم الرشراش، وأسدود، باستخدام صواريخ فرط صوتية وبلستية ومسيرات. هذه العمليات تسببت في تعليق حركة الطيران في مطار “بن غوريون”، وبثّت الرعب في عمق الكيان الغاصب.
وفي البحر، أغرقت القوات اليمنية سفينتين خالفتا قرار الحظر، وأكدت أن الحصار البحري سيستمر ما دام العدوان مستمرًا. التكامل بين سلاح الجو والبحر والصواريخ يعكس جهوزية عالية واستعدادًا كاملًا لخوض معركة كرامة طويلة الأمد. الموقف لا يتوقف عند العمل العسكري، بل يمتد إلى الحضور الشعبي المليوني المتكرر، كل جمعة، في مشهد استثنائي يعبّر عن وعي ويقظة وولاء، يقابل ذعر العدو المختبئ في الملاجئ ليلًا.
ورغم استمرار العدو في عدوانه على لبنان وسوريا، ومحاولاته فرض معادلات جديدة، تبقى المقاومة هي الخيار الوحيد أمام الشعوب الحية للدفاع عن الأرض والكرامة. والموقف اليمني الرسمي والشعبي يجب أن يتصاعد أكثر فأكثر في دعم هذا الخط.
في هذه اللحظة التاريخية، يتبيّن أن الطريق إلى النصر لا يكون إلا بالثبات، ولا دخول للجنة إلا بعد البأساء والضراء، ولا قيمة لأي موقف إن لم يكن منحازًا للحق. ومن يتولَّ أعداء الله، أو يتخاذل في نصرة المظلومين، فإنما يخرج من دائرة الرحمة الإلهية، ويخسر الدنيا والآخرة.
هذه هي معركة الأمة، وهذه هي البوصلة التي يجب ألّا تضيع. بين غزة التي تقاتل وتُذبح، واليمن الذي يساند ويضرب، يرتسم أمل النصر، وتُصنع ملامح الفتح القادم بإذن الله.