الخبر وما وراء الخبر

مقامة المجد اليمانية.. نداءُ الصادقين ونفيرُ الواثقين

3

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
10 يوليو 2025مـ – 15 محرم 1447هـ

تقريــر || عبد القوي السباعي

حدّثني رفيق الدهر، ونديم الفكر، وكان من القوم الذين سقَوا تراب اليمن من عرق الإباء، ودماء الشهداء؛ فقال وقد لفّه النبأ لفَّ السوار على المعصم: يا ابن الكرام؛ أما بلغك أن اليمن اليوم على موعدٍ مع التاريخ.. فكيف تنام؟

قلت: هات ما عندك.. شنّف مسامعي، وأبهج شغاف قلبي؛ فإن حديثكم رقراق كالشهدِ السكيب، يسري كما المسك في دروب الطيب.

قال: قد صاح الداعي، ونادى المنادي في الأمصار، ونفخ في صور الحشد سيدُ النخوة والكرامة وقائد الأنصار، السيد عبد الملك بن بدر الدين حفيد الكرار –بيَّض الله وجهه وأعلى ذكره– فاهتزّت صنعاء وربوع اليمن كما تهتزّ السنبلة تحت نسيم الحنين.

قالها القائد بلسان الحق، ونبرات العزم المطلق: أدعوكم أيها الشعب الأبيّ، يا أهل الإقدام والأنفة، يا أرباب التضحيات والبيعة والألفة، إلى خروجٍ مليونّيٍّ عظيم، يوم الغد –إن شاء الله– في صنعاء العاصمة، وفي بقاع الخير والنعمة، من أرض الإيمان والحكمة.

فيا لها من دعوة، كأنها الصيحة التي زلزلت حصون الكفر والأذناب، أو الوعد الذي سمعه المؤمنون يوم بدرٍ وحنين والأحزاب؛ فاستقامت قلوبهم على صراطٍ مستقيم، ونهجٍ قويم.

ثم قال السيد –وما يقول إلا صدقًا– خروجكم خُطوةٌ في درب الأنبياء، وبصمةٌ في صحيفة الشهداء، وتثبيتٌ لعهدٍ مضى عليه الزمن، لكنه لم يَبْلَ ولم يَهِن؛ عهدُ الصمود مهما تكالبت التحديات، والثبات وإن عظُمت التضحيات.

وأكّد القائد –وقد زها صدره بنبض شعبه– أن لا كللَ يُنهِك شعبًا اصطفاه الله، ولا مللَ يُرهقه؛ إذ هو شعبٌ لو وُزّع وفاؤهُ على أممِّ الأرض لوسِعتهم، ولو اقتسمت ثباتهُ الجبالُ لتزلزلت حياءً من عجزها أمامهم.

فما كان من القوم يا صاحِ؛ إلا أن هبّوا كما تهبّ الريح يوم العصف، وعقدوا العزم كما تُعقد الألوية عند الزحف، وقالوا بلسانٍ واحدٍ يهدر كسيل العرم: غدًا، صباح الجمعة وعصرها، سترانا كالبدرِ مكتملاً في سماء الولاية، وفي ميدان السبعين نُجدد العهد ونرفع الراية، وفي كل ساحةٍ سنكون حضورًا لا يغيب، وموقفًا لا يميل، وصفًّا لا اعوجاج له.

وما هي إلا لحظات، حتى عمّ النفير، وارتفعت ألوية المسير (نُصرةً لغزة.. مسيراتنا مستمرة، وعملياتنا متصاعدة)؛ فأشرقت الأرض بنورها، وارتجف العدوّ من هدير الملايين، وتدافعت الكلمات في أفواه المراسلين؛ فما استطاعوا وصف هذا الزخم والكمال، ولا أنّ يصوّروا هذا الجلال!

أرأيت يا صاحِ مشهدًا يُنازع الكواكب في سناه؟ أرأيت حشودًا تُغالب البحر في مده وجزره؟

ذاك يومٌ من أيام الله، يُكتب على لوح الخلود، ويُتلى في صحائف المجد، وتُروى حِكايته كما تُروى بدور الأبطال في أساطير الأزمان.

هُنا سُطّر المجد بمداد الإيمان، ونُحِتَ على عهدٍ لا يُنقض، أن شعب الإيمان والحكمة، إن دُعي أجاب، وإن استُنهض انتفض، وإن بايع ما نكث، وإن وعد ما خذل، وإن سار في درب الحق، لا يُهزم، لأن الله معه، و”إن ينصركم الله فلا غالب لكم”.