“أم الرشراش” يحترق و”اللد” يختنق.. هكذا تفعل الصواريخ اليمنية بالكيان “الإسرائيلي”!
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
7 يوليو 2025مـ – 12 محرم 1447هـ
تقريــر || محمد ناصر حتروش
لا تهدأ الصواريخُ اليمنية والطائرات المسيَّرة لحظةً واحدةً عن ضرب الكيان المؤقَّت لتؤكّـدَ للعدو بألسنة النيران مصداقيةَ الموقف اليمني المؤازر لفلسطين، مرسِّخة معادلة أمن الكيان من أمن غزة
وفي تطور نوعي غير مسبوق، نفذت القواتُ المسلحة اليمنية عمليتين عسكريتين نوعيتين ضد كيان العدوّ الإسرائيلي بأحد عشر صاروخًا وطائرة مسيرة، في استهداف هو الأضخم والأكبر من نوعه، منذ بدء إسناد اليمن لغزة بعد طوفان الأقصى في 2023م.
وبالتوازي مع هذا الاستهداف، كانت القوات المسلحة اليمنية في مهمة إغراق السفينة “ماجيك سيز” التابعة لشركة انتهكت حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلّة، وتم استهدافها بزورقين مسيَّرَين، وخمسة صواريخ باليستية ومجنحة، وثلاث طائرات مسيرة.
العمليتان النوعيتان تترجمان عمليًّا اقتدار الجيش اليمني في فرض معادلة الردع الكاسرة لغطرسة الكيان الصهيوني، كما تأتي في ظل وضع إقليمي معقّد، وفي ساعات حاسمة من مفاوضات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضغوط أمريكية بنزع سلاح حزب الله اللبناني.
من ناحية التوقيت تحمل العمليتان العسكريتان رسائلَ مزدوجة أبرزها الردع الاستراتيجي، فالعملياتُ اليمنية تُعيد تشكيل قواعد الاشتباك، وتدل على قدرة الجيش اليمني على استهداف عمق الكيان بدقة عالية، ومن ناحية الدعم العملياتي لغزة تتزامن العمليات العسكرية مع تصعيد الغارات على القطاع، وهي تحمل رسالةً واضحةً بأن اليمن لم يعد حليفًا داعمًا بالقول فقط، بل طرفًا شريكًا في الميدان.
وفي السياق، يؤكّـد الخبير والمحلل العسكري العميد مجيب شمسان أن “العمليات الصاروخية والمسيَّرة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية تمثل نقطة تحول مفصلية في ميزان الصراع الإقليمي”، مؤكّـدًا أن “اليمن لم تعد جبهة هامشية، بل أصبحت لاعبًا مركزيًّا في معادلة الردع الشامل لمحور المقاومة”.
وفي حديثه لقناة (المسيرة) يوضح شمسان أن “الضرباتِ اليمنية، التي استهدفت عمق الكيان الصهيوني مُرورًا بمضيق باب المندب والبحر الأحمر، تجاوزت القدرات الأمنية والتقنية الصهيونية والأمريكية على حَــدّ سواء”، مؤكّـدًا أن “اليمن قلبت المعادلة الاستراتيجية باتّجاهين: الأول عسكري بحت عبر استنزاف القدرات الدفاعية للعدو الصهيوني، والثاني سياسي ونفسي عبر ترسيخ معادلة الردع وكسر نظرية أمن الكيان”.
ويشير إلى أن “التنوع في العمليات اليمنية، من صواريخ باليستية وفرط صوتية وطائرات مسيَّرة بعيدة المدى، أربك منظومةَ الرصد والاستجابة للعدو”، مبينًا أن الضربات المتكرّرة خلال ساعات الليل أَو الفجر قلبت الحياة اليومية للمستوطنين وأفرغت المدن من سكانها خوفًا من الاستهدافات المباغتة.
ويرى شمسان أن “الضربات اليمنية الأخيرة على مطار “بن غوريون” تزامنت بدقة مع تحَرّكات أمريكية سياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، لتبعثَ برسالة واضحة مفادها أنتم تحتَ المراقبة وتحت مرمى النيران”، لافتًا إلى أن “القوات اليمنية باتت تتحَرَّكُ وفقَ استراتيجية الاستنزاف الذكي وكسب المعركة بالنقاط وليس بالضربة القاضية”.
ووَفْـقًا لشمسان فَــإنَّ هذه الضربات “لا تنطلق من انفعال أَو ردود فعل آنية، بل من قراءة دقيقة للواقع الميداني والسياسي وبدعم معلوماتي متكامل”؛ مما جعلها تضرب في “المفاصل الحساسة” للكيان الصهيوني، وتعيد تشكيل ميزان الردع في المنطقة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه العمليات العسكرية اليمنية على كيان العدوّ الإسرائيلي تقف الدفاعات الجوية للعدو، بما فيها منظومات “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”، عاجزة عن اعتراض العمليات الهجومية اليمنية؛ الأمر الذي يعزز إسقاط النظرية الصهيونية المتمثلة في الأمن المطلق.
وتمثل العمليتان الأخيرتان الحلقة الأحدث في سلسلة عمليات الإسناد اليمنية التي بدأت منذ أُكتوبر 2023، وتطورت من عمليات استهداف في البحر الأحمر إلى ضربات دقيقة في عمق كيان العدوّ الإسرائيلي، وهو ما دفع الخبير العسكري مجيب شمسان للتأكيد بأن اليمن استطاع أن يُسقِطَ أوهامَ “الردع الصهيوني” وأن يبعث الروح من جديد في محور المقاومة، بل وجعل الولايات المتحدة نفسها تعيد حساباتها الاستراتيجية بعدما فشلت في حماية مصالحها البحرية في البحر الأحمر وباب المندب، مشدّدًا على أن طريق تحرير فلسطين لم يعد يُرسَم فقط من حدود غزة، بل من صنعاء وبغداد وبيروت وطهران.
وينوّه إلى أن اليمن أصبح نقطة ارتكاز حقيقية في أية معادلة تخص مستقبل الصراع في المنطقة، موضحًا أن “اليمن أثبت عمليًّا قدرته الفائقة على تحمل معركة طويلة الأمد ضد كيان هش يعجز عن مواجهة حرب استنزاف حقيقية”.
ويتفق الخبير في الشؤون العسكرية العميد علي أبي رعد مع ما يطرحه العميد شمسان، حَيثُ يعتبر عمليات الإسناد اليمنية منذ انطلاق “معركة طوفان الأقصى”، أدَاة استراتيجية فاعلة في تغيير قواعد الاشتباك الإقليمي، مُشيرًا إلى أن “اليمن نجح في إخراج الكيان الصهيوني من دائرة السيطرة إلى مربع التراجع والانكفاء”.
وفي حديثه لقناة “المسيرة” يقول أبي رعد: “ما لم يكن في حسبان العدوّ تحقّق، فاليمن قلب الطاولة رأسًا على عقب، وكسر وَهْمَ التفوق الصهيوني”، مؤكّـدًا أن “الكيان لم يعد قادرًا على تنفيذ عمليات عسكرية دون غطاء أمريكي وبريطاني مباشر، ومع ذلك، لم يحقّق أية نتيجة تُذكر في الميدان”.
ويرى أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك زمام المبادرة والتحكم الكامل في إيقاع المعركة، مُشيرًا إلى أن القوات اليمنية تنفذ العملياتِ العسكريةَ النوعية وفق معطيات ميدانية دقيقة، ترتكز على معلومات استخباراتية وتكتيك استراتيجي متدرج في الرد”.
ويذكر أن “كُـلّ تصعيد للعدو الإسرائيلي في غزة يقابله تصعيدٌ يمني على مستوى النوع والتوقيت والهدف”، موضحًا أن هذه العمليات بدأت بضرب أهداف أمنية واقتصادية في جنوب فلسطين المحتلّة، وتوسعت تدريجيًّا لتصل إلى العمق الإسرائيلي، ضمن خطة مرحلية متسلسلة مرتبطة مباشرة بالتطورات في القطاع، لافتًا إلى أن “الجيش الذي لا يُقهر بات ألعوبةً بيد القوات اليمنية ويبقى اليمن الكابوس المؤرق لواشنطن وكيان العدوّ على حَــدّ سواء.
من جهته يؤكّـد الخبير العسكري نضال زهوي أن ما كشفته الدفاعات الجوية اليمنية يُعد مفاجأة استراتيجية كبرى أجبرت العدوّ الإسرائيلي على التراجع عن أية محاولة لاختراق الأجواء اليمنية أَو الوصول إلى عمق البلاد.
وأوضح زهوي أن هذه “المنظومات الدفاعية المصنعة محليًّا تمثل نقطةَ تحول مفصلية في معادلة الصراع، حَيثُ باتت حماية للأراضي اليمنية ممكنة بقدرات ذاتية ومتطورة”.
وفي حديثه لقناة “المسيرة” يبين زهوي أن الهجمات الصاروخية اليمنية المركّزة على أهداف استراتيجية في كيان العدوّ – خُصُوصًا الساحلية منها مثل مطارَي “اللد” و”أم الرشراش”، بالإضافة إلى ميناء أسدود – أثبتت فشل القُبة الحديدية في التصدي لها، لا سِـيَّـما في ظل تصاعد استهداف منشآت الطاقة الحيوية.
ورأى أن هذه الضربات النوعية تأتي “في سياق حرب نفسية وعسكرية متكاملة، تهدف إلى شلّ البنية التحتية للعدو وتعزيز الردع اليمني”، لافتًا إلى أن معلومات استخباراتية تُظهر أن الطائرات الأُورُوبية القادمة إلى الأراضي المحتلّة تدخل فارغةً وتخرج محمَّلة بالبشر، في إشارة إلى موجة نزوح للمغتصبين تعكسُ حجم الرعب وفقدان الثقة في قدرة المؤسّسة الأمنية “الإسرائيلية” على الحماية.
ويشير إلى أن العدوّ اليوم يصدِّقُ اليمني أكثرَ مما يصدق قياداته، مشدّدًا على أن هذا الانهيار في ثقة المستوطنين الصهاينة بالمنظومة العسكرية الصهيونية يمثل انتصارًا معنويًّا واستراتيجيًّا لليمن.
وحول التعويل الصهيوني على التحَرّكات السياسية، يوضح زهوي أن الكيان المؤقَّتَ يراهنُ على لقاء مرتقَب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحصول على دعم واسع يضمن بقاءه في المعادلات الإقليمية، إلا أن الإصرار على مواصلة العدوان رغم الخسائر قد يجعل الكيان في النهاية خارج سياق المعادلة الدولية القادمة.