الخبر وما وراء الخبر

ماذا يحدث الآن في عدن ؟

123

د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور*

لكي نفهم الخبرية بلهجة أهلنا في لبنان ( قامت السلطات العسكرية والأمنية والإدارية في عدن بترحيل 842 مواطناً يمنياً شماليا الى محافظة تعز، وهي ليس المرة الأولى التي تقوم بها السلطات بعدن بمضايقة المواطنين وترحيلهم إلى خارج حدود عدن ولحج ) انتهت الخبرية، لكن؟
شيء مُرعب ومُخيف ومُذهل ما يحدث الآن في عدن !!! ، نكاد لا نصدق الصورة التي تظهر أمامنا في شاشات اليوتيوب والانستجرام والفيس بوك والصحف الورقية  وغيرها من وسائط الشبكة العنكبوتية، ونحن نشاهد أطقم عسكرية تَدّعي انها تتبع لأجهزة أمنية وعسكرية في مدينة عدن  ترافق سيارات مدنية (باصات وهايلوكسات) محملة بمواطنين يمنيين بسطاء ليتم ترحيلهم من عدن إلى محافظة تعز والى بقية المحافظات اليمنية الأخرى، والمبرر الذي يسوقه من إصدر القرار أن هؤلاء أبناء الشمال لا يحملون بطاقات هوية أو إثبات شخصية ؟
وإن صح هذا الخبر الصادم  فنحن أمام قرار غير قانوني ولا أنساني ولا ديني ولا أخلاقي، بل إننا أمام مشهد عُنصري خطير تقوم به السلطات المحلية المدنية والعسكرية والأمنية في عدن، كون القافلة البشرية والموكب العسكري المصاحب لها تحركت من أمام مبنى حكومي يرفرف عليه علم الدولة الشطرية البائدة التي كان يقودها الحزب الاشتراكي اليمني ذات يوم ؟
ولا أظن أن المنفذ البسيط الذي نفذ مُهمة الترحيل يدرك المخاطر القانونية الجسيمة المُترتبة على جرمٍ كهذا والتي تذكرنا بترحيل اليهود والإسماعيلين وبقية اليمنيين المُخالفين بالرأي والمذهب وحتى المنطقة من عدن في سالف الأزمان، وهو تاريخ بطبيعة الحال ليس ببعيد، ولأن ذاكرة صُنَّاع الأزمات في بلادنا معدومة فهم يكررون الخطيئة كل عقد أو بضعة سنوات دون وعي أو بصيرة .
وأما هذا الحدث الجلل نضع عدداً من التساؤلات على جهات عدة في بلادنا :
***ما هو موقف الحكومة ( الشرعية ) في الرياض مما يحدث في عدن ؟
ما هو موقف الوفد المفاوض عنها في دولة الكويت وكيف سيبررون هذا الفعل الخطير أمام الرأي العام اليمني والعربي والإنساني، أو أنهم سيكررون ذات الموقف المُخزي في تبرير الإنزال الأمريكي بقاعدة العند   ؟
ما هو موقف الإدارة الأمريكية الآن من جريمة إنسانية خطيرة تحدث بالقرب من مرابضهم بقاعدة العند اللحجية وهي لا تبعد عن عدن سوى 23 كم ويستطيعون إيقاف هذا القبح المشوه للإنسان من الناحية المعنوية ؟
والسؤال الأكثر وضوحاً ، هل يستطيع ( أمن ) عدن والجيش (الوطني) أن يتخذوا قراراً عُنصرياً بعيداً عن رضي ومُباركة دول العدوان المحتلة للجزء الجنوبي الغالي من اليمن مُنذ يوليو 2015م؟
أين علماء الدين وحملة الفكر والأقلام الحرة لمجابهة هذه الفتنة الخطيرة ؟
***أين هي الشخصيات السياسية المُعتقة والحراكية على وجه الخصوص من فعل عُنصري فاضح كهذا ؟
اليوم  السكوت عن ما يحدث في عدن لا يتفق مع مقولة ( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ) بل إن الصمت على ما يحدث تعد مشاركة ضمنية لكل ما يحدث  في عدن والجنوب اليمني كله ومنها قضية التهجير القسري المَقيت لباعة الخضار والفواكه والباعة المتجولين وعمال البناء ؟
إن ما يحدث في عدن من انعدام للأمن، والاغتيالات للمسؤوليين العسكريين والأمنيين وهي حوادث شبه يومية وتُقيد ضد مجهول ، وتعثر تقديم خدمات الكهرباء ، المياه ، الدواء لأهلنا بعدن الجريحة ، وما شاهدناه من ترحيل مقزز لإنسانية اليمنيين ، وانهيار كلي لمؤسسات الدولة وأركانها هي من إفرازات الاحتلال السعودي الإماراتي المُباشر لعدن الآن، والحمدلله دخلت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا “العُظمى” على خط المحتلين الجدد لجنوب اليمن ؟
ليس هناك حل ناجع للقضية اليمنية الداخلية سوى مبدأ الحوار الذي انطلق قِطاره في دولة الكويت الشقيقة  وندعو الله العلي القدير أن ينجح ، أما ما عداه فلكم أن تتذكروا مصير كل الغُزاة الأجانب من الأحباش والفرس والعثمانيين والبرتغاليين والبريطانيين فقد هُزموا ولا عزاء في هزيمة المحتلين الجدد.
” وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ”
نقلاً عن “رأي اليوم”
رئيس جامعة عدن  — محافظ عدن السابق

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com