الخبر وما وراء الخبر

إيران من الداخل.. ثقافة مغايرة لتضليل التكفيريين [الحقيقة لا غير]

3

ذمــار نـيـوز || مـتـابعات ||
28 يونيو 2025مـ – 3 محرم 1447هـ

أظهر العدوان الصهيو أمريكي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية حقيقة الكثير من المنافقين من أبناء الأمة، الذين مارسوا كعادتهم الغدر، وتحولوا إلى وسائل للطعن والتشويه، والتحريض ضد الشعب الإيراني.

ومنذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني -رضوان الله عليه- قبل حوالي 45 عاماً، تم تشكيل مؤسسات دينية وثقافية، من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والدولية، بهدف التحرك ثقافياً وسياسياً وفكرياً في مختلف البلدان العربية، وبذلت كافة الجهود في جميع مجالات الحياة لتشويه صورة هذا البلد وثورته الإسلامية، وتوجيه الاتهامات الباطلة ضده، وبأن الشعب الإيراني أصبح مصدراً للشرور والخطر على العرب والعروبة، بل وعلى الإسلام والمسلمين، موجهين للإيرانيين الكثير من التهم من بينها أنهم “مجوس” و”يسبون الصحابة”، بهدف التأثير في وعي ومشاعر الشعوب العربية التي تجهل إيران، و منعها من التعرف على هذا النموذج، الذي تقدمة الثورة الإسلامية الإيرانية، النموذج الذي صنعه الإسلام والنهضة وإعادة صياغة الانسان المسلم في صوره حضارية معاصرة تواكب العصر، وتتمسك بالأصالة والهوية والانتماء.

تصور أنك تشاهد التطورات الحاصلة في إيران، حيث تبدو للمراقب للوهلة الأولى مشابهة لأوروبا أو البلدان المتقدمة مادياً بشكل كبير، ومع ذلك، فإن الواقع يكشف أن إيران، لمن زارها، تُظهر تقدماً ورقياً في ثقافتها وتاريخها، فإيران وشعبها المسلم يشكلان أمة متكاملة بحد ذاتها، وعلى صعيد واسع، تشهد البلاد نهضة ملحوظة بعد الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني رضوان الله عليه.

لم يهمل الإمام الخميني عملية البناء والتنمية الزراعية والصناعية، وفي الوقت نفسه أسس القوات المسلحة لحماية الوطن، وأنشأ مؤسسة أطلق عليها اسم مؤسسة “جهاد البناء”، كما تحدث الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه- الذي ذكر أن الخميني أسس جيشًا موازٍ الهدف منه هو العمل على تطوير البلاد، موضحاً أن هذا الجيش يحمل الأدوات مثل المجارف والفؤوس وآلات البناء، لأنه بدون التنمية تتراجع قدرة المجتمع على الاستمرارية والصمود، ولذلك، من يزور إيران سيكتشف بلداً ضخماً بحجم قارة وشعباً بحجم أمة، ويجد بنية تحتية ضخمة وأوسع مما تمتلكه العديد من الدول المتقدمة والصناعية، وقد شهدت إيران ثورة صناعية جعلتها في مرتبة متقدمة بين الدول.

ولولا أن إيران دولة لها إرادتها واستقلالها، هل كان الغرب سيسمح لها بالوصول إلى هذا المستوى من القوة العسكرية وأيضًا بالتقدم في مجالات متعددة، بما في ذلك إنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية؟ إذاً، لماذا هذا العدوان على إيران؟ ليس لأنهم يخشون من امتلاكها أسلحة نووية كما أوضح السيد القائد -يحفظه الله- بل لأنهم يشعرون بالقلق من النهضة العلمية والثقافية والصناعية والزراعية في هذا البلد، وأنهم يخافون من النموذج الذي يقدمه، إذ لا يرغبون في رؤية دولة إسلامية تتقدم وتعتمد على نفسها وعلى عقول أبنائها وإمكانات وطنها، وقد تمكنت إيران من تحقيق هذا التقدم حتى وصلت إلى القدرة على امتلاك الطاقة النووية.

وعلى مدى أربعين عامًا من الحصار الذي فرض على إيران، بالإضافة إلى العدوان الذي استمر ثماني سنوات، استطاع هذا البلد أن يحقق تقدماً ملحوظاً ويصبح من الدول المتقدمة المستقلة والمعتمدة على ذاتها.

وعلى الرغم من محاولات الأعداء الفاشلة لعرقلة مسيرة الشعب الإيراني المسلم، واستخدام أساليب عدوانية، إلا أن التقدم العسكري والتكنولوجي الذي حققته إيران، يظهر جليًا في قدرتها على إطلاق الصواريخ الجبارة التي عجز الأمريكيون والإسرائيليون عن اعتراضها أو التصدي لها، مما يعكس قوة واقتدار إيران الإسلامية، ولذلك تظل إيران هادئة رغم تعرضها للعدوان، حتى لو تكبدت خسائر وأصيبت أهدافها، لكن هذا البلد والشعب سيستمرون، والنظام الإسلامي سيبقى ويعود أقوى مما كان عليه سابقًا، بينما الفشل الأمريكي والإسرائيلي واضح، فالرئيس الأمريكي السابق ترامب نفذ عدوانه مؤخرًا، محاولًا تسريع نهاية الحرب لصالح “إسرائيل”، إلا أنه كان لإيران كلمة الفصل وقرارها، التي تؤكد بأن الجميع شهد نهضة كبيرة في مختلف المجالات، وأن هذه النهضة ليست فقط قدرة عسكرية، بل تشمل تطورًا اقتصاديًا واجتماعيًا، مما يثبت أن الإسلام قادر على صناعة نهضة حقيقية، وأن التزام المسلمين بتعاليم القرآن هو من أهم عوامل القوة والمنعة في مواجهة التحديات والأعداء والمستكبرين.

هذه هي إيران بعد الثورة الإسلامية، إلا أن الصورة المشوهة التي رسمها التكفيرون عن هذا البلد تجعل البعض يكوّنون أفكاراً مضللة للغاية حول واقعها وشعبها، لذا فإن إيران بحاجة إلى الإنصاف وإيضاح بعض الحقائق، في ظل ما تتعرض له من خيانة وتحريض وأكاذيب وتشويه من قبل الفكر التكفيري الوهابي المدعوم من السعودية ودول الخليج، والذي تديره الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية.

وفي المقابل، يجب أن تُعتبر إيران كدولة مسلمة تستحق الإنصاف وضرورة توضيح بعض الحقائق لنا ولأبنائنا ولجميع أبناء أمتنا، وخصوصاً أولئك المضللين من خلال الدعاية الأمريكية والإسرائيلية تحت ستار الصراع بين السنة والشيعة والكراهية الطائفية والمذهبية.

إن الاهتمام ببناء الأجيال وتوعيتها وتثقيفها، وتعزيز ارتباطها بدينها وهويتها من خلال القرآن الكريم، يعد من الأسس الجوهرية التي تساهم في بناء الحضارة وخلق مجتمع قوي وصامد، فكلما تم التركيز على تنمية الإنسان، كان ذلك بمثابة أساس لقيام الحضارات، وعلى العكس، فإن إهمال الإنسان يعني الاقتراب من انهيار اجتماعي خطير.

إذا أردت أن تتعرف على هوية أي طرف أو دولة أو حكومة، يجب عليك التأمل ومراقبة كيفية تربية الأجيال القادمة، فعملية التربية تعكس حقيقة القيم والمعتقدات والثقافة والأهداف التي تسعى لتحقيقها في الحياة، وهذا يتطلب تجنب التضليل أو بيع الأوهام والشعارات الفارغة، بينما يتباين التوجه مع الواقع وقد يتحوّل نحو ثقافات أخرى بعيدًا عن مجتمعاتنا العربية والإسلامية. ومن نقطة مقارنة أخرى، بين إيران التي يتهموها بالمجوسية وبين الأنظمة العربية، يجب أن نتعرف على طبيعة الصورة في وسائل الاعلام.

وعند المقارنة والتركيز على الإعلاميين والإعلاميات في القنوات الإيرانية، يتضح أن مظهرهم وسلوكهم وعرضهم يعكس صورة دقيقة حول الحقيقة والإسلام.

في المقابل، تكشف الصورة المعروضة في القنوات الفضائية العربية، لاسيما السعودية، عن واقع يتطلب من الإنسان التأمل في صورة الإعلاميات في تلك القنوات، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هؤلاء الإعلاميات مسلمات أو ينتمين إلى ثقافات أخرى.

وعند النظر في التطبيق الفعلي لمبادئ الإسلام، نجد أن من يُطلق عليهم ألقاب المجوس والفرس هم الأكثر تمسكًا بالمبادئ القرآنية والأخلاقية في حياتهم وشعاراتهم، بينما يركز الإعلام العربي، وخاصة السعودي، على نماذج تروج للقيم السلبية والانحلال، ويقدم محتوى وبرامج بعيدًا عن الالتزام بمبادئ الإسلام، وتشجع على الانحلال.

لذا، هناك اختلاف ملحوظ بين ما يُعرض في وسائل الإعلام وما هو الواقع الفعلي، إذ أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تُظهر التزامًا جليًا بتعاليم القرآن والأخلاق، بينما نجد أن بعض الدول العربية تتراجع في تطبيقها، على الرغم من حديثها المتكرر عن السنة والدين.

لذا يتعين علينا دراسة طبيعة المسابقات والفعاليات التي تُنظم في بعض الدول العربية، والتي غالبًا ما تكون مدعومة وتمول من أموال سعودية، بغرض فهم الفروق بين من يُطلق عليهم الوهابيون، بالمجوس ومن يُعرفون بخدام الحرمين، وما إذا كانت هناك توجهات حقيقية للاهتمام بالأجيال الشابة على المستويين الرسمي والإعلامي، مقارنةً بما نراه في إيران من التزام واضح بتعاليم القرآن، وما إذا كانت هناك نية حقيقية لنشر المبادئ الإسلامية وتعزيزها بين الأجيال.

هذه هي طبيعة المسابقات في السعودية، حيث يتركز الاهتمام على توجيه الناشئين والشباب نحو الترفيه وغيرها، في المقابل، نجد أن إيران، على سبيل المثال، تعقد مسابقات مخصصة للقرآن الكريم، بينما السعودية لا تنظم مثل هذه الفعاليات، لأنها قد دخلت في عصر العولمة الغربية ولحقت بركاب الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، هذه الدول تعيش كما يُعتبر في العصر الحديث، وقد أكد بن سلمان أنه يقضي على التطرف كما يقول، ولكنه في الوقت نفسه، فإن انفتاحه أيضاً يحمل مخاطر من حيث مسخ للهوية والقيم والأخلاق من بوابة ما يسمى بالترفيه والانفتاح.

إذاً، هذه هي الاتجاهات والممارسات والسلوكيات والثقافات السائدة في المملكة العربية السعودية التي تعتبر رائدة بين الدول العربية وواجهة لهذه البلدان، وما يتم تطبيقه في السعودية يمكن أن يُعمم ليصبح ملزماً لكافة الدول والحكومات، خاصةً تلك المرتبطة بالولايات المتحدة، حيث أن معظمها في الوطن العربي ترتبط بأمريكا. بينما في إيران، التيتوصف بالرافضة والمجوس، عندما يسعى أبناؤها إلى إقامة برامج ترفيهية وحفلات، يشاركون في الفعاليات والأنشطة والمسابقات التي تُبرز مواهب تلاوة القرآن الكريم أو الإنشاد الروحي الإيماني الذي يسهم في تنقية النفوس وتزكيتها، مما يعزز من سموها ومكارم الأخلاق، هذه الأنشطة تساعد في بناء شخصية متوازنة ومطمئنة، منسجمة مع انتمائها ودينها وهويتها، وثقافتها.

هنا يمكننا تمييز الفارق بين أولئك الذين يُطلق عليهم لقب المجوس، وبين من يعرفون أنفسهم بأسماء خدام الحرمين الشريفين وحماة العقيدة من آل سعود، الذين يعملون على نشر الفكر الوهابي في العالم الإسلامي بهدف تكفير جميع المسلمين، والفارق جليٌ.

إذن، هذه هي طبيعة الترفيه والمسابقات في إيران، وما يتم غرسه في نفوس الشباب، هذا النموذج الذي يثير استياء البعض ويسعون للتخلص منه، الالتزام الديني في إيران يظهر جلياً بين الملتزمين الذين ينتمون إليه بقناعة وحب، وهو ما يعكس هذا الإبداع والجمال، والاهتمام بالقرآن، وتغليفه في قلوب ومشاعر الصغار والكبار، من خلال هذه المقارنة، نهدف إلى كشف حقيقة السعودية، التي تتبنى الفكر الوهابي، والذي ينتقد المسلمين الآخرين ويدعي افتراءات ضدهم، كما أن لديهم أبواقاً تكفيرية وقنوات إعلامية تشكك وتشوه الحقائق، في الوقت الذي تدعم فيه العدو الإسرائيلي، بينما واقعهم يتسم بالانحراف، فهم يتصفون بالتحلل والابتعاد عن القيم، وتقليد أعداء الله، والاندماج مع ثقافات الكفار واليهود والغربيين في العديد من مجالات الحياة، أحدثها ما يُعرف بالترفيه، الذي تسعى السعودية من خلاله إلى التأثير على هوية الأمة وأخلاق شبابها ، حيث أصبح الالتزام بالقيم الأصيلة والعفة في نظر ابن سلمان يمثل تطرفًا يتطلب المكافحة، ويجب محاربة المتبنين له وإيداعهم في السجون المظلمة.

تشهد السعودية تطورات متسارعة في مجال الاختلاط والانفتاح، مما يعكس تراجعا في القيم والأخلاق تحت إشراف نظام آل سعود، وفي الواقع، هم يتبعون توجيهات أمريكية، مما يمنع السعودية من اتخاذ قرارات مستقلة تتعلق بالثقافة أو الدين أو السياسة أو الإعلام دون رقابة أمريكية، حتى المناهج الدراسية تخضع لهيمنة أمريكية، كما يتم تحديد الخطباء الذين يتم قبولهم أو تعيينهم بناءً على رضا الولايات المتحدة.

وفي المقابل، تمكّن الإيرانيون من بناء حضارة تعكس انتماءهم الحقيقي للإسلام، لكنهم وُصفوا بالمجوس وتعرضوا لاعتبارهم تهديداً للعرب وللإسلام. في الوقت نفسه، تتحرك الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية بشكل مكثف أكثر من أي وقت مضى، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي، بهدف تسويق للاعتداءات الصهيونية على هذا البلد الإسلامي، ولمواجهة التعاطف أو التأييد من قبل الشعوب العربية والإسلامية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تصديها للعدو الصهيوني، وتعتبر إيران هي الجهة الوحيدة التي تتبنى قولاً وفعلاً دعم القضايا العربية والإسلامية العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين وحركات المقاومة الفلسطينية.

تُعتبر حركة حماس في إيران مقاومة نبيلة ومضحية تحظى بدعم مادي ومعنوي غير محدود من إيران، بالمقابل، فإن المملكة العربية السعودية وحراس الإسلام وخدام الحرمين ينظرون إلى حماس كتنظيم إرهابي متطرف، وهذا نفس المنطق الذي يتبناه اليهود والصهاينة والولايات المتحدة الأمريكية.

لم يعد السؤال حول سبب عدم دعم السعودية والأنظمة العربية لحركات المقاومة في فلسطين قائمًا، بل يجب على هذه الأنظمة أن تتوقف عن إيذاء الشعب الفلسطيني، الذي يزداد صمودًا في مواجهة الجرائم الصهيونية التي تستهدف الأطفال والنساء في الأراضي المحتلة.

في إيران، التي تُتهم في دينها وهويتها وجوهر عقيدة شعبها، نرى أن الحاكم أو المرشد هناك ليس معنيًا بتجميل صورته أمام الغرب من خلال إقامة علاقات أو استضافة فنانين ومطربين أو إنفاق ملايين الدولارات على لاعبي كرة القدم، بل يشعر القائد في إيران بالسعادة والراحة عند استقبال قراء القرآن والعلماء من مختلف المذاهب والدول.

هذا الإمام خامنئي كان في استقبال نجل المقرئ المصري مصطفى إسماعيل، حيث تحدث بحماس وسعادة عن كيف كانوا يشعرون بالفرح عندما يحصلون على تسجيلات لأي قارئ قرآن من مصر. تعكس هذه اللحظات نظرة إيران وقائدها إلى العرب، خصوصاً علماء الدين وقرّاء القرآن في مصر والدول العربية بشكل عام، أكد قائلاً إنهم كانوا يحصلون على تسجيلات للمقرئ مصطفى إسماعيل ويقومون بتوزيعها بينهم كهدية ثمينة لا تُقدّر بثمن.

لاحظوا الفارق بين اللغة والنطق لدى من يُعتبرون فارسيين، حيث يظهر مستوى الفصاحة والبلاغة في حديثهم باللغة العربية، لغة القرآن الكريم، بالمقابل، نجد أن أي رئيس عربي أو ملك لا يستطيع أن يتلو آية قرآنية بشكل صحيح ودقيق، بل إن بعضهم يواجه صعوبة في نطق جمل بسيطة مكتوبة بحروف كبيرة. وهذا ما رأيناه في ملك النظام السعودي وفكره الوهابي، الذي يوجه اتهامات لغيره من المسلمين بالشرك والبدعة والكفر، ويتعاون مع اليهود ضد الإسلام والمسلمين، ويسعى جاهدًا لإسقاط النموذج الإسلامي الرفيع في إيران.