ترومان في العناية الفائقة.. ماذا بعد أفول الردع الأمريكي؟
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
2 يونيو 2025مـ – 6 ذي الحجة 1446هـ
عادت حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس هاري إس. ترومان” إلى موطنها تحمل جروحاً نازفة، بعد أن فقدت كلّ طاقتها ووصلت إلى مرحلة فقد الوعي وعدم القدرة على الثبات وحماية ما في باطنها وعلى ظهرها من الطائرات الحديثة والمتفوقة التي فقدت منها ثلاث طائرات، لتدخل العناية الفائقة للصيانة والترميم لسنوات، بعد ما وصفه موقع “ستارز آند سترايبس” العسكري الأمريكي بأنه كان “انتشارًا قتاليًّا صعبًا” في البحر الأحمر.
تشير هذه العلامات المرئية، إلى جانب تصريحات قادة البحرية الأمريكية، إلى أسئلة هامة حول أفول الردع الأمريكي وذوبان جبل جليد النفوذ في المنطقة الأشد سخونة، في مقابل الردع اليمني المفاجئ في البحر الأحمر والعربي.
أفول الردع الأمريكي
الشقوق التي ظهرت على “ترومان” ليست مجرد أضرار مادية، بل تمثل رمزًا ودليلًا على شدة المعارك التي خاضتها الحاملة وطاقمها.
وفي إقرار أمريكي حول ضراوة المعركة البحرية ضد القوات اليمنية، يقول قائد المجموعة الهجومية، الأدميرال شون بيلي، “الدروس الأكثر أهمية في البحر الأحمر تتمثل في أننا نتعلم من الأخطاء بصورة مستمرة ضمن مجموعتنا وفي البحرية بأكملها”، مضيفًا أن “الظروف الفريدة التي واجهتنا في البحر الأحمر تساهم بشكل كبير في تشكيل استراتيجياتنا المستقبلية”.
وتؤدي الاعترافات المتكررة حول الإخفاق الأمريكي في العدوان على اليمن إلى تآكل النمطية للبحرية الأمريكية كقوة لا تقهر، مما يدل على تآكل مفهوم الردع الذي كان مرتبطًا دائمًا بالوجود العسكري الأمريكي.
وفي السياق يصف قائد السفينة، ديزموند ووكر، مهمة “ترومان” بأنها “واحدة من أكثر العمليات القتالية تعقيدًا التي قامت بها البحرية الأمريكية منذ عقود”، مع الإشارة إلى أنها “المرة الأولى التي شهدوا فيها قتالًا فعليًّا وكان الأمر مختلفًا عما اعتادوه في البحر”، مما يقودنا إلى تسليط الضوء على فعالية الاستراتيجيات الأمريكية الحالية في مواجهة التحديات غير التقليدية.
وفي الوقت الذي تطفو على السطح بعض التصريحات الأمريكية حول الهزيمة في اليمن، تتكتم قيادة الولايات المتحدة على خسائرها الحقيقية التي منيت بها قواتها البحرية على أيدي القوات اليمنية آخرها خيبة حاملة الطائرات هاري ترومان.
تقدم مفاجئ للردع اليمني
من ناحية أخرى، تعكس هذه الأحداث الصاعدة تعزيز الردع اليمني المتزايد والمفاجئ في آن واحد، حيثُ تمكنت القوات اليمنية، على الرغم من الفجوة الكبيرة في القدرات العسكرية، من توجيه أضرار جسيمة لحاملة الطائرات ترومان، وإفشالها عن تحقيق أهدافها، مما أجبرها على الهروب بعد استهلاك أكثر من 1.1 مليون رطل من الذخائر، وهو رقم كبير يدل على كثافة المعارك والضغط الذي تعرضت له القوات الأمريكية.
هذا النجاح في استهداف سفن حربية عملاقة وإجبارها على العودة لإجراء إصلاحات شاملة يعزز من مكانة اليمن كفاعل ردعي مؤثر في المنطقة، وهو ما دفع الخبراء والمحللين العسكريين التأكيد على تراجع النفوذ البحري الأمريكي بعد الهزيمة الواضحة في اليمن.
ويرى الخبراء العسكريون أن معارك البحر الأحمر وهروب حاملات الطائرات الأمريكية يؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة يكون فيها اليمن لاعباً إقليميًّا يصعب تجاوزه، ويحكم على النفوذ الأمريكي القديم بالأفول.
وبالنظر إلى عودة حاملة الطائرات هاري ترومان إلى موطنها وخضوعها إلى الصيانة الشاملة التي قد تستغرق فترة طويلة من الزمن، تبقى القوة العسكرية لوحدها غير كافية لاستعادة الهيبة الأمريكية الغارقة في اليمن.