الخبر وما وراء الخبر

الكيان الصهيوني.. أيُّ تصعيد يمني مرتقَب؟

13

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
1 يونيو 2025مـ – 5 ذي الحجة 1446هـ

تقريــر || إبراهيم العنسي

توعَّــدَ الرئيس مهدي المشاط، طائرات العدوّ الإسرائيلي، أن تكون “مصدرًا للسُّخرية “، في أي عدوان قادم على اليمن.

قبلها حذَّرَ المشاط من مطار صنعاء “قطعان الصهاينة” من أن “الملاجئ لن تكون ملاذًا آمنًا لهم”، وتوعد الكيان بكلام غير مسبوق، واليوم خرج مصدر بوزارة الدفاع اليمنية، ليطلق تحذيرًا جديدًا بلهجة تصعيد غير مألوفة لكيان الاحتلال (إسرائيل). ووجه التحذير مباشرة للمستثمرين والشركات الأجنبية العاملة داخل الكيان الصهيوني بـ “سرعة المغادرة”، فالبيئة الصهيونية -كما عبر المصدر- لن تكون “بيئة آمنة للشركات والمستثمرين” والأفضل قيام هؤلاء بالمغادرة ما دامت الفرصة مواتية.

حديث المصدر العسكري اليمني عن صواريخ يمنية “متعددة الرؤوس الحربية”، قادرة على الانقسام في حال اعتراضها وتمكّنها من إصابة أهداف متعددة، يمثل تحذيرًا جديدًا من نوعه، ومضاعفًا لقلق قطعان المغتصبين؛ فالواقع أن ما ستطلقُه اليمنُ من صواريخ من هذا النوع، ومنذ هذه اللحظة سيكون بمثابة كابوس داخل الكيان الغاصب. إذَا كانت المنظومة الصهيونية قد عجزت عن التصدي أَو التعامل مع الصواريخ اليمنية ذات الرأس الواحد للحد الذي أثار فيه وصول صاروخ واحد حالة من الفزع وخلق نوعًا من الهستيريا داخل الكيان، فكيف يمكن تخيُّلُ الوضع مع وصول هذه الصواريخ ذات الأثر الكبير والإصابة المؤكّـدة؟!

مؤشرات لتصعيد كبير:

في البُعد السياسي، يمكن القول إن التحذيرَ الأخير وما سبقه من تحذيرات للقيادة الثورية والسياسية في الأيّام الماضية يؤكّـد أن اليمن ماضٍ في تصعيد كبير ضد العدوّ الصهيوني؛ ما يترك الخيارات أمام العدوّ محدودةً، حَيثُ يخلق مزيدًا من الضغط على الكيان وعلى مجرم الحرب نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف، في المقابل سيكون هذا التصعيد بزخمه وتأثيره المباشر أدَاة فاعلة، تعمل على مزيد من تعقيد الصراع الصهيوني الداخلي وارتباط ذلك بالسخط في الشارع الإسرائيلي المنقسم في الأَسَاس.

في البعد الاقتصادي، فَـإنَّ حديث المصدر العسكري، هدفه ضرب ما تبقى من منظومة الأمن الإسرائيلية، وهذا سيكون كافيًا لهروب رؤوس الأموال وإغلاق الشركات وتراجع حركة ونشاط السوق، وما يصاحبه من تداعيات تظهر مؤشراتها سريعة في ما يخُصُّ أسعار البورصات والأسواق المالية داخل الكيان الصهيوني، والدفع بتسريع عجلة الخسائر وتحويل الكيان الصهيوني إلى بيئة طاردة للاستثمار والشركات العالمية ذات الحضور الكبير في الداخل المحتلّ.

في البُعد الأمني ومع مخاطبة المصدر العسكري لقطعان المستوطنين “أن صواريخ اليمن لن تتوقف عن استهداف الكيان الصهيوني المجرم إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن أهلنا في غزة، وأن سياسات المجرم نتنياهو ستطيل أَيَّـامَ ولياليَ المجتمع الصهيوني داخل الملاجئ في الأيّام القادمة، يكون بهذا قد رفع معدل الضغط الذي يواجهه مجرم الحرب نتنياهو في الشارع الصهيوني، حَيثُ سيكون من المرجح أن يقود هذا الفريق اليميني الصهيوني الحاكم لدى الكيان لخيارات محدودة جِـدًّا، يكون فيها الصدام الداخلي أحد الاحتمالات خَاصَّة مع تصاعد الرد اليمني في عمق الكيان، إلى جانب الرد على اليمن الذي يكون بانتظار إسقاط فكرة الهيمنة الجوية لتكنولوجيا الطيران الأمريكي؛ ما يعني ضرب ما تبقى من منظومة الردع الصهيونية بعناصرها الثلاثة؛ الردع والإنذار المبكِّر والسيطرة.

ما بعد تصريحات الرئيس المشاط:

وبتتبع تصريحات الرئيس المشاط المتلاحقة، فَـإنَّ ما قاله كان كلامًا يوحي بكثير من الثقة ومزيدٍ من الإمْكَانات والقدرات. فكثير ما فاجأ اليمن العالم، كما فاجأ العدوّ بقدرات وتكتيكات غير مسبوقة.

واليوم يتركز الحديث في استعداد القوات المسلحة اليمنية ودفاعاتها الجوية لاستهداف فخر صناعة الطائرات الحربية الأمريكية “إف35 “بما فيها نسختها المعدلة لدى كيان العدوّ، نسخة “إف35 أدير”، وفي خطٍّ موازٍ هناك تصعيد ورَدُّ فعل هجومي غير مسبوق بصواريخ متعددة الرؤوس، سيطال عمقَ الكيان المحتلّ.

في ما يخص توعُّدَ اليمن بإسقاط الطائرات الأمريكية إف35، فَـإنَّ تحذير الرئيس المشاط الذي وجّهه لشركات الطيران العربية والعالمية بتجنب مسارات عبور الطيران الحربي الإسرائيلي المعتدي على اليمن، يندرج ضمن سيناريو تصعيد متكامل، فصواريخ اليمن التي ستصل إلى عمق الكيان ستفرض على العدوّ الرد ما يعني أن اليمن سيكون متحضرًا للتعامل مع الطيران المعادي القادم إلى اليمن.

تشير المعلومات أن الطائرات الحربية للعدو الإسرائيلي تمر فوق مياه البحر الأحمر وهي في طريق ذهابها للقصف في اليمن ثم تعود أدراجها صوب الأراضي الفلسطينية المحتلّة، لكن قد يكون هناك مسار آخر تسلكه الطائرات الصهيونية المعادية للوصول إلى اليمن.

ووفق التحذير اليمني تتجه القوات المسلحة اليمنية لتحديد المسارات الخطرة لشركات الطيران العربية والعالمية فوق البحر الأحمر والمياه الإقليمية وأجواء البلد، حَيثُ يجب على شركات الطيران المدني تجنب تلك المسارات والتنسيق مع اليمن خلال عبورها الأجواء المحدّدة.

في قادم الأيّام، يمكن القول إن الكيان سيكون في حالة من التوجس والقلق الكبير، والذي في الأَسَاس قد بدأ منذ إعلان بيان وزارة الدفاع ليلة أمس. فاليمن- الذي يفرض حظرًا بحريًّا، على موانئ الكيان الرئيسة “ميناء حيفا” في الشمال و”ميناء إيلات” في الجنوب، إلى جانب حظر جوي على “مطار اللُّد (بن غوريون)؛ المطار الأول والاستراتيجي لكيان الاحتلال- سيجبر العدوّ الإسرائيلي على خيارَينِ لا ثالث لهما في ظل إصراره على مواجهة استمرار (إسرائيل) في عدوانها على غزة بالتصعيد؛ فإما الخضوع والانصياع، حَيثُ وقف حرب غزة الشرط الأَسَاسي لوقف التصعيد اليمني، أَو لجوء الكيان الغاصب للرد على التصعيد اليمني، حَيثُ استمرار سقوط صواريخ اليمن على مطار اللُّد وما جاوره- بما فيه التصعيد ومراقبة الحظر على ميناء حيفا- سيراكم خسائر العدوّ، وسيجبره للاندفاع للرد وخوض غمار مواجهة حقيقية، “مشكوك في استجابة طياريه لها”، مع دفاعات اليمن التي تتوعد أحدث طائراته الحربية بالإذلال.

اختبار حقيقي لفخر المقاتلات الصهيونية:

هذ التهديد بالتأكيد لن يقتصر على طائرات العدوّ طراز “إف35 “، بل يشمل نماذج الطائرات المرافقة والتي هي أقل كفاءة من الطراز المذكور. هذا في حَــدّ ذاته يعرض سمعة طائرة القتال الأمريكية الأكثر شهرة لضربة موجعة تتعلق بسمعتها وسوق مبيعاتها الحصري، كذلك الحال مع نماذج القتال الأُخرى إف15، إف16… وهو أمر لا ترجو حدوثَه واشنطن، فقد تحاشته ربما بعد أول مواجهة حقيقية مع الدفاعات اليمنية الفعالة، وقد يكون هذا مطلوبًا من كيان العدوّ، لأجل نفس الاعتبار. لكن الأهم هو مدى تقبل العدوّ الإسرائيلي لفكرة أن الهجوم من جديد على اليمن قد يكون قاصمة الظهر للكيان الإسرائيلي ولسمعة الطيران الحربي الأمريكي.

والواقع بحسب التسريبات الأمريكية، أن فخر الطيران القتالي الأمريكي تتعرض اليوم لاختبار وتهديد حقيقي في اليمن، حَيثُ هناك شواهد تتكرّر ما بين تجارب (إسرائيل) وأمريكا في هذا الجزء الذي يفرض تحديات حول مدى الجرأة التي تمكّن (إسرائيل) أَو غيرها من خوض غمار مواجهة مع اليمن خَاصَّة بعد التهديد اليمني الأخير لطائراته.

سلسلة الاختبارات التي تشكك في استمرار هيمنة طائرات الشبح الأمريكية على الأجواء، تعود معها هواجس الخوف لدى طياري إف35 في الكيان من جديد. نستعيد تحليل مجلة ذا ناشيونال انترست الذي أشار إلى فرار طائرات إف35 الإسرائيلية من أجواء إيران في أُكتوبر2024م، حَيثُ رجحت المجلة امتلاك طهران لدفاعات جوية متقدمة يمكنها إسقاط الطائرات الشبحية الأمريكية، ما دفع الطائرات الصهيونية للفرار. هذا من الممكن بل من المؤكّـد أنه سيتكرّر في أجواء اليمن إذَا ما غامر طيارو الكيان الصهيوني هذه المغامرة.

دفاعات اليمن كانت على وشك إصابة طائرة الـ “إف35” بصاروخين أرض جو، وإشارة الأمريكيين إلى أن اليمن بمقدوره التعامل مع هذه الطائرات بالغة التعقيد والتطور، ربما كان بمثابة رصاصة الرحمة التي وجدت واشنطن نفسها أمامها، حَيثُ استطاعت القوات اليمنية بكل تشكيلاتها ليس فقط إرهاق القوات الأمريكية بل وإظهار عيوب السلاح والتكنولوجيا والأصول الحربية الأمريكية، وُصُـولًا إلى إعلان فشل ترسانتها العسكرية البحرية وعلى رأسها حاملات الطائرات، حَيثُ لم يتبقَّ إلا أن يسقط اليمن طائرة الـ “إف35” ليكتمل فصل الهزيمة الأمريكية الكبير في اليمن.

فصل الهزيمة الأخير هذا، كما قالت مجلة “فوربس” الأمريكية، باحتمال إسقاط طائرةF-35، بيد اليمنيين وهي المقاتلة الشبحية الوحيدة التي تصدّرها أمريكا، كان سيشكل إحراجًا بالغًا ويؤثر سلبًا على صفقات التصدير الأمريكية المستقبلية.

ويمكن الاستشهاد بما نقل عن الخبير العسكري جريجوري برو، في تقرير منتصف مايو الجاري للمجلة الأمريكية، من أن الدفاعات الجوية اليمنية – رغم بساطتها – إلا أنها متحَرّكة وتفتقر للتوقيع الإلكتروني المعروف، مما يصعّب على الطائرات الأمريكية اكتشافها في الوقت المناسب، كما تستخدم صواريخ جو-جو معدّلة وصواريخ سام بدائية مزوّدة بأجهزة استشعار حرارية مرتجلة. إلى جانب “أنظمة دفاع جوي مستنسخة ومبنية على فكرة عمل المنظومات الدفاعية التي أنتجت في الحقبة السوفييتية، ويُعتقد أن مدى هذه الأنظمة يتراوح بين 31 إلى 44 ميلًا، وقادرة على إصابة أهداف على ارتفاعات تصل إلى 65 ألف قدم؛ ما يجعلها تهديدًا حقيقيًّا حتى لأحدث الطائرات الأمريكية.

في مارس 2025م، كشف رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية جيفري كروس، في جلسة استماع عقدت في الكونغرس الأمريكي، عن استخدام اليمن لصواريخ من نوع سام 11 أرض-جو محمولة ضد الطائرات الأمريكية. وهو ترجمة لحقيقة أن أنظمة الدفاع اليمنية منخفضة التقنية يمكن أن تتغلب على أنظمة الهجوم عالية التقنية من الجيل الخامس “كما هو الحال مع طائرة إف35”.

لذلك سيواجه العدوّ الإسرائيلي بكل تأكيد مزيدًا من القلق والضغط المصاحب للتصعيد اليمني الموازي لحرب غزة، فيما سيكون أمام اختبار صعب في مواجهة دفاعات اليمن المرنة ذات التوليفة الذكية والمدهشة، كما هي في تغلب صواريخ اليمن الفرط صوتية واليوم متعددة الرؤوس الحربية، في تجاوز أحدث منظومات الدفاع الأمريكية الإسرائيلية، والوصول إلى أهدافها. هذه التوليفة القادرة على صنع التغيير اليوم، هي مصدر من مصادر الثقة أن العدوّ الإسرائيلي بطائراته وقدراته ومنظوماته سيكون محط سخرية واسعة في قادم الأيام.

وعلينا أن نتذكر شيئًا مما قاله الرئيس المشاط: “ستأتيكم قريبًا إن شاء الله أخبارًا سارة عن طائرات العدوّ الصهيوني المستخدمة في العدوان على بلدنا”. هذا ما سيكون إن شاء الله إلا أن يقرّر الكيان الإسرائيلي وقف حرب غزة وفك الحصار عنها.