الخبر وما وراء الخبر

طريق الـقــدس: حزب الله وفـلسطين: وحــدة الدم والمصير

5

ذمــار نـيـوز || مقالات ||

28 مايو 2025مـ 1 ذي الحجة 1446هـ

بقلم// عبدالله علي صبري

يحتفل حزب الله هذه الأيام بالذكرى 25 لعيد المقاومة والتحرير، التي شهدت تحرير جنوب لبنان في 25 مايو / آيار 2000 من الاحتلال الصهيوني، وانسحاب قوات العدو دون قيد أو شرط، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. وقد أدت مفاعيل هذا النصر الاستراتيجي إلى تحرك الشعب الفلسطيني، واندلاع انتفاضة الأقصى التي استمرت لأكثر من أربع سنوات.

ومنذ انطلاقته في مطلع الثمانينيات، رسم حزب الله اللبناني لنفسه مسارًا سياسيًا وعسكريًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقضية الفلسطينية، وجعل من تحرير القدس محورًا مركزيًا في برامجه وعلاقاته الخارجية. وعبر السيد الشهيد حسن نصر الله في خطاباته السياسية والدينية عن حالة تعبوية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، ودعم المقاومة بمختلف فصائلها، وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية حماس.

وكما شكل الحزب بمقاومته وبانتصاراته العسكرية على إسرائيل في 2000، و2006، حافزا كبيرا للمقاومة الفلسطينية في غزة منذ 2008، وإلى ” طوفان الأقصى ” في 7 أكتوبر 2023، فإن تشكل ما يعرف بمحور أو جبهة المقاومة، الذي اضطلع حزب الله بالدور الأكبر في بناء منظومته السياسية والجهادية، قد اتخذ من فلسطين والقدس البوصلة الجامعة لكل المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني على مستوى الأمة العربية والإسلامية، وعلى مستوى العالم.

لم يكتف حزب الله بتحرير الأراضي اللبنانية، بل قدم نفسه جزءا من مشروع أشمل يهدف إلى تحرير فلسطين، ومقاومة المشروع الصهيوني الأمريكي، بمختلف أبعاده وتجلياته، ما جعله حاضرا في معادلات الحرب والسلم، وفاعلاً في الاشتباك السياسي والثقافي مع المخططات الغربية والأمريكية، الداعمة لنفوذ إسرائيل وضمان أمنها وتفوقها على حساب العرب وفلسطين.

امتد نشاط حزب الله ومن خلال علاقاته بالجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، إلى دعم المقاومة الفلسطينية في غزة بالسلاح وبالخبرات القتالية، بالموازاة مع إشارات الدعم السياسي والمعنوي، وتنسيق العلاقات بين مختلف أطراف وجبهات المقاومة خارج لبنان، وخاصة في الساحتين اليمنية والعراقية. وأمكن للحزب وللسيد الشهيد نصر الله تجاوز الورقة الطائفية، التي عملت أمريكا وإسرائيل على تغذيتها وإذكائها منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وإبّان تدخل حزب الله في الأزمة السورية عام 2013.

وخلال الحروب الكبرى التي شنتها إسرائيل على غزة، لاسيما في أعوام 2008، 2012، 2014، ثم في معركة “سيف القدس” 2021 لم يقف حزب الله صامتاً أو متفرجاً، بل شجع وبارك انتصارات المقاومة، ووصل إلى حد التهديد بحرب إقليمية في الرد على الاعتداءات الصهيونية التي تطال المسجد الأقصى في الضفة الغربية. وبإعلان السيد عبدالملك الحوثي عن مباركته لهذه المعادلة، ودخول اليمن فيها، كانت “وحدة الساحات” قد أعلنت عن نفسها قبل أشهر من معركة طوفان الأقصى.

التزاما بمبدأ وحدة الساحات، ومن منطلق ديني وأخلاقي أعلن حزب الله في اليوم التالي مباشرة لطوفان الأقصى، الدخول في معركة إسناد غزة وإشغال العدو الصهيوني في شمال فلسطين المحتلة، وقدم في سبيل القضية الفلسطينية مئات الشهداء على طريق القدس، وكان على رأسهم الأمين العام السيد الأسمى حسن نصر الله رضوان الله عليه.

قدم الحزب أغلى ما يملك في سبيل فلسطين، وخط بدماء الشهداء وحدة الموقف والمصير مع غزة وأهلها ومقاومتها، وهو ما يعني أن حزب الله كان وسيبقى شريك النصر والتحرير في فلسطين المحتلة، وعاملا من عوامل زوال ” بيت العنكبوت ” كما يسميه نصر الله، الذي طالما بشر بنهايته الحتمية.