الخبر وما وراء الخبر

بالأرقام: الحصار اليمني وتداعياته على كيان العدوّ.. سياحة تنهار واقتصاد ينزف

5

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
25 مايو 2025مـ – 27 ذي القعدوة 1446هـ

تقريــر ||عبدالقوي السباعي

في عمليةٍ عسكريةٍ نوعيةٍ، فجّرت القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ مفاجأةً استراتيجيةً جديدة من العيار الثقيل، حين أعلنت، ظهرَ اليوم الأحد، استهدافَ مطار اللُّدّ المُسمى صهيونيًّا “بن غوريون” في منطقة يافا المحتلّة، بصاروخٍ باليستي فرط صوتيٍّ.

صاروخ فرط صوتي لم يكشف بيان العميد يحيى سريع، كُنْهَه وصفتَه؛ لاعتباراتٍ تكتيكية، وحساباتٍ استراتيجيةٍ يمنية، لكنهُ كان أسرع من القدرة الصهيونية على الاستيعاب والاعتراض، وأمضى من القرار الصهيوني على التفكير بالرد.

اليمن يكسر قواعد الاشتباك التقليدية:

فرض الحظر الجوي والبحري على الكيان الصهيوني، يشيرُ إلى تحوّل استراتيجي تقوده اليمن ويكسر قواعد الاشتباك التقليدية، ويدخل بذلك مرحلةً جديدةً من معركة الوعي والإرادَة والردع، فارضًا معادلة النار، بإرادَة يمنية لن تتوقف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة.

عملية حقّقت هدفها بدقةٍ عالية، وتسببت في حالةٍ ذعر داخل عمق الكيان، حَيثُ هرع ملايين المستوطنين إلى الملاجئ، بينما شُلت حركة المطار الحيوي، وبوابة الكيان الجوية الرئيسية، وتوقفت عمليات الإقلاع والهبوط؛ ما يؤشر إلى حجم التأثير الحقيقي لصواريخ اليمن المتقدمة.

ولئن زعمت قوات الاحتلال اعتراضَه جزئيًّا، فَــإنَّ كُـلّ المعطيات الميدانية، من توقف المطار إلى الرحلات العالقة، وبيانات الجبهة الداخلية المذعورة، تؤكّـد أن العملية حقّقت هدفها وأرعبت الكيان من شماله إلى جنوبه.

تزامُنُ العملية مع انطلاق صفارات الإنذار في “القدس وغوش عتصيون والبحر الميت”، ووصول الشظايا إلى جنوب الخليل، أعاد إلى المغتصبين الصهاينة مشهدَ الحرب الواسعة، فتعطلت الرحلات الدولية، وتحولت السماء فوق فلسطين المحتلّة إلى فضاءٍ محفوفٍ بالمخاطر؛ ما وضع كبرى شركات الطيران في موقفٍ محرجٍ وأجبرها على وقف الرحلات.

ومع فشل محاولة “هيئة الطيران المدني الصهيونية” طمأنة العالم، جاءت البيانات الملاحية لتكشف الحقيقة الصادمة: “طائراتٌ عالقة في الأجواء، وهبوطٌ متعطل، وخوفٌ متصاعد، وتيهان طائرات فوق مياه المتوسط”.

ووفقًا للمعطيات والمؤشرات الميدانية؛ فَــإنَّ اليمن نجح بتثبيت معادلة فرض الحصار الجوي على مطار اللُّد المحتلّ، فقد تراكمت النجاحات اليمنية، وبلغت “حدًّا لا يطاق”، بحسب وسائل الإعلام العبرية.

النتائج الأولية للحصار اليمني وتكاليف الدفاع:

في الـ 4 من مايو 2025م، انطلقت صواريخ اليمن ودكَّت مطار اللُّد بشكلٍ مباشر، فخلطت أوراق الطيران والسياحة والاقتصاد الصهيوني، وظهر متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في بيانٍ متلفز بذات التاريخ، معلنًّا بَدْءَ عملية الحصار الجوي الشامل على كيان الاحتلال.

وحتى 23 مايو 2025م، ألغت 45 شركة طيران دولية جميع رحلاتها من وإلى فلسطين المحتلّة، ومنها: (لوفتهانزا الألمانية – إير فرانس – الخطوط البريطانية – دلتا ويونايتد الأمريكيتان – إيبيريا الإسبانية – ريان إير – ويز إير – إير إنديا – الخطوط البلجيكية والنمساوية والسويسرية).

وفي مواجهة الصواريخ اليمنية، لجأ كيان العدوّ الإسرائيلي إلى استخدام منظومات الدفاع الجوي المتقدمة، مثل “حيتس” و”ثاد الأمريكية”، والتي تتسم بتكاليف باهظة الثمن.

مراكز بحثية أكّـدت أن صواريخ الدفاع الجوي الصهيوني المخصصة لاعتراض صواريخ اليمن، تُقدَّرُ بملايين الدولارات، منها على سبيل المثال: (صاروخ “حيتس 2”: تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد حوالي 3 ملايين دولار – صاروخ “حيتس 3”: تبلغ تكلفة الصاروخ الواحد حوالي 2 مليون دولار).

إلى جانب الاستنزاف في منظومة الصواريخ الأمريكية مثل صاروخ “ثاد” الأمريكي، والذي “تتراوح تكلفة الصاروخ الواحد بين 3 إلى 4 ملايين دولار، بينما تبلغ تكلفة بطارية “ثاد” كاملة حوالي 1.2 مليار دولار”.

وهذا يعني -بحسب خبراءَ- أن كُـلَّ صاروخٍ يمني يصلُ إلى الأراضي المحتلّة، يُقابِلُه استنزافٌ مالي ضخم من قبل الاحتلال؛ ما يسلِّطُ الضوءَ على الفجوة الاقتصادية بين تكاليف الهجوم والدفاع، واختلاط مفهوم الردع والأمن بحسابات النصر والهزيمة، ويلعبُ الجيش اليمني جيِّدًا على إيقاع هذا المفهوم.

تداعيات الحصار الجوي.. السياحة تنهار والاقتصاد ينزف:

اليوم، ووفقًا لتصريحات سياسيين وعسكريين صهاينة؛ بات العدوّ مجبرًا على أن يدخل اليمن في صُلب معادلات الأمن القومي الصهيوني؛ فالصاروخ الفرط صوتي لم يكن فقط تكنولوجيًّا متقدمًا، بل كان محمَّلًا برسالةٍ استراتيجية، أن اليمن شريكٌ حقيقي في المعركة، وقراره مستقل، وسلاحه قادر على إصابة شريان الكيان في العُمق وشَلِّه.

مراكز الأبحاث الصهيونية ومنذ بداية شهر مايو الحالي، وثّقت انخفاضًا في عدد الرحلات الدولية إلى المطار الرئيسي بنسبة 42 %، وانسحاب شركات التأمين العالمية من تغطية الرحلات الجوية فوق الأراضي المحتلّة، في ظل إرباك شامل في جداول الطيران، وتحويل مسارات رحلات إلى دول مجاورة مثل “قبرص واليونان”.

التقارير تؤكّـد تراجع الوافدِين إلى الكيان بنسبة 90 %، وأن أكثر من مليار دولار خسائر مباشرة خلال أقلَّ من شهر، كما أن إشغال الفنادق انخفض إلى مستوياتٍ لم تُسجَّلْ منذ جائحة كورونا؛ ما جعل مكاتب السياحة الأجنبية تعلّق برامجها مع الكيان حتى إشعارٍ آخر.

وأشَارَت التقارير إلى أن قطاع الطيران الصهيوني فقد مئات الملايين من الدولارات، كما تشهد شركات الخدمات الأرضية، النقل، الإطعام، اللوجستيات انهيارا تدريجيًّا، ورغم توجّـه مؤسّسات الاحتلال لدراسة خطة إنقاذ عاجلة لقطاع السياحة، إلا أنها عجزت عن وقف النزيف الذي يسببه الحصار اليمني.

الخسائر المهولة، تضافُ إلى ما يعكسُه القرار اليمني من التأثير النفسي والعملي للعمليات الصاروخية على الحياة اليومية في عموم الكيان، والتي تُظهِر كيف أنها أحدثت حالة من الذعر والشلل في المدن وهروب دائم للملاجئ مع انطلاق صفارات الإنذار؛ ما عطَّل الكثير من الأعمال.

عمليات الإسناد تسعد فلسطين شعبًا ومقاوَمةً:

تأتي عملية اليوم في إطار استراتيجيةٍ يمنيةٍ متصاعدة لنصرة غزة، وتثبت يومًا بعد يوم أن اليمن لا يطلق بيانات تضامنٍ فارغة، بل يترجم مواقفَه إلى أفعال صاروخيةٍ تهزّ أمن الكيان وتربك حساباته، وتفرض على الميدان قوانين جديدة، لم يكن نتنياهو وعصاباته الإجرامية ولا ترامب وإدارته التجارية المتواطئة تتوقّعها.

في السياق، أجمعت حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية على الإشادة بالعملية اليمنية، معتبرةً إياها تحوُّلًا استراتيجيًّا في المواجهة ضد الاحتلال، مشيرةً إلى أن “الإسناد يؤكّـدُ نُبْلَ مواقف الشعب اليمني الشقيق الذي لم تثنه المسافاتُ عن التضامن مع فلسطين”.

بياناتها المتلاحقة نوّهت بنموذج اليمن الملهم، الذي لم ينتظر إذنًا من أحد ولا تحَرّك ضمن حساباتٍ ضيّقة، بل انطلق من إيمانه العميق بعدالة القضية الفلسطينية، ووجوب رفع الظلم وكسر الحصار عن غزة بقراراتٍ حرةٍ وشجاعة.