الوحدة في خطاب الرئيس المشاط.. ثابتٌ وطني ومصيري لا يقبل القسمة
ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
21 مايو 2025مـ – 23 ذي القعدوة 1446هـ
رسم الرئيس مهدي محمد المشاط، رئيسُ المجلس السياسي الأعلى، ملامحَ توجُّـه سياسي وطني صُلب، زاوج فيه بين التمسك بالثوابت الوطنية، واستدعاء جذور النضال اليمني؛ مِن أجلِ التحرّر والسيادة، في مواجهة مشاريع التقسيم والهيمنة الخارجية.
وفي خطابٍ له بمناسبة الذكرى الـ 35 لتحقيق الوحدة اليمنية، قدَّمَ الرئيس المشاط وثيقةً سياسيةً استراتيجية تعكس إدراك القيادة الثورية السياسية والعسكرية لطبيعة التحديات المفصلية التي تواجه اليمن والمنطقة، وتعبر عن التمسك بالوحدة كمنجزٍ أراده اليمنيون منذ فجر التاريخ، وسيمضون في الدفاع عنه مهما كانت التضحيات.
الوحدة اليمنية.. خيارٌ لا رجعة عنه:
جاء تأكيد الرئيس المشاط على أن الوحدة لم تكن “مُجَـرّد وحدة جغرافيا، بل وحدة قلوب ومصير وموقف” ليضع حدًّا لأية مزاعمٍ بكونها مشروعًا جغرافيًّا هشًّا يمكن تفكيكه بإرادَة خارجية أَو مشاريع سياسية مشبوهة.
الوحدة –بحسب الرئيس المشاط– تمثل “ضمان السيادة وعزة اليمنيين”، وهو ما يعكس التمسك بها كركيزةٍ أَسَاسيةٍ في المشروع القرآني العظيم لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
ومن خلال التأكيد على أن “مشاريع التقسيم والانفصال قد فشلت أمام إرادَة شعب موحد”، وجّه الرئيس رسالة قوية إلى الداخل والخارج بأن معركة الدفاع عن الوحدة ليست من باب العاطفة، بل “من منطلق إيماني ووطني وعقلاني وعروبي”، في رؤية تدمج بين الثوابت السياسية والانتماء الحضاري والديني.
وفي خطابه، وجّه الرئيس تحذيرًا صريحًا لدول العدوان والميليشيات التابعة لها من أية مساسٍ بالوحدة اليمنية، مؤكّـدًا الاستعداد لمواجهة أي تجددٍ للعدوان الأمريكي أَو الصهيوني أَو أدواته، في لغةٍ تؤكّـد أن اليمن بات يمتلك من عناصر القوة والردع ما يجعله قادرًا على حماية خياراته المصيرية.
ردّ على حملات التشظي وخيانة القضية الوطنية:
لم يكتف الرئيس المشاط بتثبيت الوحدة كقيمةٍ وطنيةٍ، بل كشف واقع الأطراف التي تعمل على ضربها، حين قال: “من خانوا الوحدة يعيشون في فنادق الخارج، فيما يتحمل المواطنون في المناطق المحتلّة انعدام الخدمات”، في إشارة مباشرة إلى النخب المرتبطة بالعدوان الخارجي.
يأتي هذا الطرح ضمن مشروع واضح لتعرية من وصفهم بـ”عصابة التبعية” الذين “لم يحافظوا لا على مالٍ عام ولا على كرامة شعب”، في تأكيد على أن أي مشروع غير وطني لا يمتلك القدرة على تلبية طموحات الشعب، ولا يُعول عليه في بناء المستقبل.
الخطاب تجاوز الطابع الوطني الضيق، حين ربط الرئيس المشاط بين وحدة اليمن والوحدة العربية، قائلًا: “الوحدة اليمنية لم تكن إنجازًا وطنيًّا فحسب، بل نواة حقيقية للوحدة العربية”، وهو منظور استراتيجي يعكس رؤية متقدمة للهُوية القومية الجامعة التي يرى اليمنيون أنفسهم جزءًا حيًّا منها.
ولم يكن هذا مُجَـرّد طرح نظري، بل استُدل عليه بالموقف اليمني “الموحَّد” من معركة طوفان الأقصى، حين جسد الشعب اليمني “أسمى صور الوحدة العربية والإسلامية”، في مشهدٍ يؤكّـد أن المعركة مع العدوّ الصهيوني ليست معركة حدود بل صراع وجود وأمة.
فلسطين والوحدة في معركة واحدة:
ربط الرئيس المشاط بشكلٍ مباشر بين وحدة اليمن وموقفه الصُّلب تجاه فلسطين، مؤكّـدًا أن “الصراع القائم اليوم هو صراع عربي وإسلامي ضد الكيان الصهيوني”، وهو ما يعكس تصعيدًا في الخطاب السياسي ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، والربط بين الداخل الوطني اليمني والموقف الإقليمي المبدئي تجاه القضايا المصيرية.
وجاءت رسائلُه إلى الشعب الفلسطيني حاسمة ومباشرة: “نحن معكم، ودمكم دمنا وألمكم ألمنا”، مشدّدًا أن قرار الإسناد لا يزال قائمًا “بوضع كُـلّ مقدرات قواتنا تحت تصرف المقاومة الفلسطينية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة”، في تجديدٍ صريح لاستمرار عمليات الإسناد، رغم التحديات والتهديدات المختلفة، والتواطؤ الإقليمي.
كما عبّر بمرارةٍ عن أسفه من أداء القمة العربية في بغداد، التي لم ترتقِ إلى مستوى المعاناة الفلسطينية، مذكّرًا بأن “ما حصل مع الأمريكي كشف أن لا خطر على الملاحة إلا من يدعم الصهاينة”، في نزع لذرائع طالما استخدمها الغرب ضد اليمن.
خطاب الرئيس مهدي المشاط في ذكرى الوحدة اليمنية، وثيقة سياسية متكاملة تنطلق من صميم الوعي التاريخي والمصير القومي؛ إذ ربط بين وحدة الجغرافيا ووحدة الموقف، بين عزة اليمن واستقلاله، وبين تحرير فلسطين والموقف من الصهيونية، في مسارٍ إيماني واضح يجعل من اليمن لاعبًا محوريًّا في معادلة التأثير الإقليمية والدولية.