الخبر وما وراء الخبر

في الأسبوع الخامس من النفير العام.. قبائل اليمن تُزمجر: عهدُ الأحرار باقٍ

2

ذمــار نـيـوز || تقاريــر ||
21 مايو 2025مـ – 23 ذي القعدوة 1446هـ

تقريــر ||عبد القوي السباعي

للأسبوع الخامس تواليًا، تتدفق القبائل اليمنية إلى الساحات كما يتدفق الدم في عروق المقاومة، معلنةً في أكثرَ من 1016 ساحةً وميدانًا من أقصى الشمال إلى أكناف الجنوب، ومن شرق البلاد إلى سواحلها الغربية، أن اليمن لم يكن يومًا محايدًا في معركة الحق والكرامة، ولن يكون.

تحت شعار “الوفاء ما تغيّر.. عهد الأحرار باقٍ”، الذي يحمل رسالة ولاء عميقة ومباشرة لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- شهدت مختلف مناطق ومحافظات الجمهورية حالةً من النفير العام المتواصل على أكثر من اتّجاه وميدان وقبيلة.

زئير القبائل يهز الجغرافيا:

عروض راجلة، ومناورات قتالية، ووقفات ولقاءات قبلية مسلحة تؤكّـد بما لا يدع مجالًا للشك أن القبيلة اليمنية –بكل ما تحمله من رصيدٍ جهادي ونضالي تاريخي– تتصدر مشهد المواجهة الدينية والأخلاقية ضد كيان العدوّ الصهيوني المجرم.

رايات فلسطين واليمن ارتفعت كتوأم جهادي ثوري، يعلن أن وحدة الدم والمصير بين صنعاء وغزة ليست شعارًا، بل واقعٌ محفورٌ في وجدان هذا الشعب الحر الأبي، أما شعار البراءة من أعداء الله؛ فقد دوّى في كُـلّ ساحةٍ وميدان، كما دوّى في مساره الأول يوم بَدْرٍ وكربلاء.

في غضبٍ لم يطفأ، وجهوزية لن تَخفت، طالت الهتافات المزمجرة الأرجاء كإعلان لغضبٍ جمعي إيماني واعٍ تجاه المجازر الصهيونية اليومية في غزة، والتي تصاعدت بوتيرةٍ مرعبة عقب “قمة العار” العربية؛ ما عزز قناعة اليمنيين بأن زمن انتظار الإنقاذ من أنظمة الخنوع قد انتهى.

القبائل اليمنية، بكل ثقلها العسكري والاجتماعي، رفعت السلاحُ، قبلَ الصوت عاليًا، معلنة جهوزيتها لأية مواجهة محتملة، سواءٌ أكانت ميدانية مباشرة أَو ضمن خيارات الردع الاستراتيجي التي تقودها القوات المسلحة اليمنية.

وثيقة شرف.. وحدود فاصلة بلغة الدم:

اللافت في الحشود لم يكن في عددها ولا في زخَمها فقط، بل في توقيع وثيقة الشرف القبلية، التي أعلنت صراحةً البراءة من كُـلّ الخونة والعملاء، ودعت إلى “إهدار دمهم” وقطع الصلة بهم، وهو موقف تاريخي صارم من حَيثُ العلانية والصيغة الملزمة للجميع.

وثيقة قبلية قديمة جديدة؛ معمدة بالدماء الفلسطينية اليمنية، تمثل إعلانًا سياديًّا عن تطهير الجبهة الداخلية من آفات الطابور الخامس، وشوائب الخيانة للأرض والعرض، والأعراف والأسلاف، واستعادة مفهوم “العيب الأسود” في سياقٍ وطني جامع، يؤكّـد أن الخيانة عار لا يمحى وذنب لا يُغتفر، ولا مبرّره له.

وفي تلاحمٍ رسمي وشعبي؛ اصطفافًا خلف قائد المسيرة القرآنية، كللت الوقفات بحضور القيادات الرسمية والسياسية والعلمائية والاجتماعية، ومشايخ وأعيان القبائل؛ تجديدًا للتفويض المطلق للسيد القائد، في ظل إدارته لمعركة الردع للعدو الصهيوني والأمريكي.

وتحول قرار الحصار البحري على حيفا المحتلّة اليوم من مُجَـرّد قرار عسكري، ليصبح قرارًا قبليًّا محصَّنًا بسندٍ شعبي هائل، يُعلن أن خوض غمار البحر والبر معركة كرامة، وحصار العدوّ معركة كُـلّ الأُمَّــة.

نحو الفتح الموعود.. قوافل المقاتلين تتحَرّك:

الدعوات إلى التحاق أبناء القبائل بالدورات العسكرية المفتوحة (طوفان الأقصى)، كخطوةٍ تعبوية أولى، نابعة من استشعار حقيقي لتحولات المعركة القادمة؛ إذ لم تعد “غزةُ وحدَها” فهي العنوان، بعد أن باتت كُـلّ الجغرافيا العربية المحتلّة وكل شأن إسلامي منتهَكٍ؛ ساحةً لمعركة “الفتح الموعود والجهاد المقدَّس”، كما تصفه كُـلّ الخطابات والبينات الثورية النارية.

ما يحدث في اليمن اليوم؛ انقلاب حقيقي على خرائط النفوذ والسيطرة ومراكز التحكم الإقليمي والدولي؛ فقبائل اليمن تطلق صفارات إنذار استراتيجية، مفادها أن “عهد الهوان انتهى”، وأن مساندة فلسطين لن تخاضَ في غرف المؤتمرات، بل من الجبال والسهول والسهام الحرة التي تطلقها القبيلة اليمنية في سبيل تحرير فلسطين المحتلّة.

قبائل اليمن اليوم، بثقتها وتوكلها على الله والاستعانة به؛ تعيد تعريف العروبة والإسلام، وتكتب بمداد البندقية والصاروخ والمسيّرة والموقف، ملحمةً جديدة في كتاب التاريخ العربي المعاصر، في زمن الخذلان والصمت والخنوع والارتداد.

من صعدة وصنعاء ولحج وعمران إلى البيضاء وإب والضالع وحجّـة، ومن مأرب والمحويت والجوف إلى الحديدة وتعز وذمار وريمة، حتى عمق أمانة العاصمة، قبائل اليمن تكتب البيان الأول لمعركة التحرير الكبرى، وتؤكّـد أن كُـلّ يماني كبيراً وصغيراً هو مشروع مجاهد ومقاوم، وكل ساحةٍ هي غرفة عملياتٍ ضد الصهيونية الأمريكية العالمية وعملائها.